عقب اعتراف الدولة الإسرائيلية بالهزيمة في حرب أكتوبر 1973 شكلت الكنيست الإسرائيلية –- لجنة تحقيق محترفة علي أعلي مستوى عسكري لبحث أسباب وحقائق الهزيمة العسكرية والكنيست الإسرائيلية هي بيت النواب والسلطة التشريعية في إسرائيل سميت تلك اللجنة باسم لجنة أجرانات نسبة لرئيسها القاضي "شيمعون أجرانات" ثالث رئيس للمحكمة العليا الإسرائيلية وقامت لجنة أجرانات بمباشرة التحقيقات التي أدت لفشل أجهزة الاستخبارات والحكومة وجيش الدفاع الإسرائيلي. بدأت لجنة أجرانات جلساتها وأعمالها بداية من صباح 21 نوفمبر 1973 وعلي مدار 140 جلسة سرية استمعت اللجنة وحققت مع 58 شاهد من القادة والضباط والسياسيين الإسرائيليين علي كافة المستويات للتحقيق والاستماع وتقديم الشهادات الرسمية أصدرت لجنة أجرانات أولى توصياتها في 1 إبريل 1974 حملت فيها المسئولية لبعض الشخصيات العسكرية دون غيرهم وعلي إثر تلك التوصيات أجبر عدد كبير من العسكريين والسياسيين في إسرائيل علي تقديم استقالاتهم الفورية وفي النهاية انهارت الحكومة بكاملها نقل اللواء احتياط "إيلي زاعيرا" مدير جهاز الاستخبارات الحربية الإسرائيلية إلي وظيفة أخري غير قيادية بعيدا عن أجهزة الاستخبارات إبعاد العميد "أريه شاليف" مساعد مدير الاستخبارات الحربية الإسرائيلية مع إقالة اللواء "شموئيل جونين" قائد القيادة الجنوبية وإقالة رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية - التاسع - الفريق "دافيد اليعازر يجر أذيال الفشل ومرض نفسيا بشدة وبعدها توفي دافيد اليعازر بأزمة قلبية المثير أن لجنة أجرانات حققت مع عدد من السياسيين الإسرائيليين كان أبرزهم رئيسة الوزراء "جولدا مائير" ولم يوجهوا إليها أية مسئولية عن الفشل لكن جولدا مائير بسبب الضغط الشعبي اضطرت إلي تقديم استقالة ومازالت أوراق وجلسات التحقيقات الرسمية مع جولدا مائير والتحقيقات مع "إيلي زاعيرا" محظورة بقوة قانون حماية أسرار الأمن القومي الإسرائيلي إلي يومنا هذا وبالرغم من سريان الحظر تم تسريب جزء من شهادة جولدا مائير خاص بمعلومات اتصالها السري بالملك الحسين بن طلال في مقر منزلها الخاص في مدينة تل أبيب وشهدت جولدا مائير أن الملك حسين ابلغها بشن الحرب خلال أيام ضد إسرائيل الحقيقة شهادة رئيسة الوزراء جولدا مائير تطابقت مع ما شهد به دافيد إليعازر رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر 1973 فطبقا لإفادته الرسمية لم يكن أشرف مروان أول من أبلغ إسرائيل بموعد الحرب. فقد شهد "دادو" كما كان يلقب أنه حضر بنفسه في مكتب "جولدا مائير" رئيسة الوزراء الإسرائيلية محادثة هاتفية تاريخية أجرتها جولدا مع عاهل المملكة الأردنية الهاشمية الملك "الحسين بن طلال" ثالث ملوك الأسرة الهاشمية. وطبقا لشهادة رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية دافيد إليعازر جرت تلك المحادثة 1973 بين رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير مع الملك الأردني الحسين بن طلال. في الواقع لم تكن تلك هي المحادثة الهاتفية أو حتى المقابلة الأولي بين رئيسة الوزراء والملك حسين فالوثائق الأمريكية والإسرائيلية تثبت أن تلك العلاقة امتدت لسنوات طويلة وأنها كانت تتم في سرية بالغة ولم يكن علي علم بها سوى الولاياتالمتحدةالأمريكية. كما شهد في الوثائق الرسمية أكد أن جولدا كانت تتحدث في أمر خطير مع شخصية أجنبية وعندما أغلقت السماعة كانت قلقة للغاية ثم التفتت إليه وعلي وجهها علامات رعب ونقلت إليه المعلومات التي أبلغها بها المتحدث. وعندما سألها دادو عن شخصية محدثها كشفت له بشكل شخصي أنها اعتادت الحديث سرا مع الملك حسين علي خط هاتف مؤمن كان يربط بانتظام تل أبيب وعمان منذ نهاية حرب يونيو 1967 إذا رسميا للتوثيق وطبقا للتسلسل التاريخي السليم أول من أبلغ إسرائيل بالمعلومة كان الملك حسين دون تحديده في محادثته السرية ثم مقابلته بعدها بساعات مع جولدا مائير لليوم أو للساعة المفترض أن مصر وسوريا ستشنان فيها الحرب علي إسرائيل. ومع ذلك ما يزال حظر النشر ساريا ليومنا هذا علي مجلدات محددة صنفت المعلومات الواردة فيها علي أنها أسرار الأمن القومي الإسرائيلي. فقضت المحكمة الإسرائيلية العليا بالسماح بنشر تحقيقات لجنة أجرانات عدا 48 مجلد تحمل كلها خاتم قانون حماية أسرار الدولة لسنة 1957 مع توصية المحكمة الرسمية بحظر النشر مدى الحياة علي تلك المجلدات لما تحتويه من أسرار خطيرة وأسماء عملاء وجواسيس إسرائيليين عملوا في مصر وسوريا ولم يكشف عنهم نهائيا حتي يومنا هذا وبيانات ووثائق عمليات عسكرية وحشية يمكن أن يؤدي الكشف عنها لكارثة أخلاقية وإنسانية لدولة إسرائيل. وكانت المفاجأة أن دافيد اليعازر قد شهد أمام لجنة أجرانات أنه لم يثق ولو ليوم واحد في العميل أشرف مروان وأنه كان يشعر دائما أن مروان عميل مزدوج يعمل لحساب مصر غير أن المعلومات التي كان مروان يقدمها لإسرائيل كانت دقيقة حيث لا يمكن لخبير أن يشكك فيها. وبالتالي كان ميزان مصداقية معلومات مروان يجعله دائما خارج دائرة الشك في إسرائيل وعندما سأل القاضي شيمعون أجرانات رئيس اللجنة رئيس هيئة الأركان دافيد إليعازر عن السر وراء عدم إعلانه لشكوكه في حينه إلي جولدا مائير وجهاز الموساد والاستخبارات الحربية الإسرائيلية وحتي لوزير الدفاع يومها موشيه ديان؟. أكد دافيد اليعازر أنه سبق له التحدث إلي رئيسة الوزراء ولم تهتم وكانت معلومات أشرف مروان قوية لدرجة أنه تراجع عن الاستمرار في اتهام مروان خشية أن يخسر مصداقية تقديره للأمور كرئيس للأركان. وأكد دافيد إليعازر في جلسات التحقيق معه أمام لجنة أجرانات أن أشرف مروان كان مسيطرا علي عقول ضباط جهاز الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الحربية "أمان" بشكل وصفه دادو بالمخيف. أشارت الإحصائية القانونية التي صدرت عن لجنة أجرانات في نهاية تحقيقاتها أن أكثر المعلومات والأسئلة والأسماء التي ترددت خلال جلسات تقديم الشهادات والاستماع دارت حول العميل أشرف مروان تحديدا ودوره في مد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالمعلومات في الفترة من عام 1969 وحتي عام 1973. وأن اسم أشرف مروان كان من أكثر الأسماء تكرارا في صفحات مجلدات اللجنة الرسمية خاصة التحقيقات وجلسات الاستماع المحظورة التي باشرتها اللجنة مع كل من رئيسة الوزراء جولدا مائير ومدير الاستخبارات الحربية "أمان" اللواء إيلي زاعيرا ومع مساعده للبحوث العميد أريه شاليف ومع اللواء تسفي زامير رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي. يبرز فيها بوضوح حجم الضرر الذي تسببت فيه معلومات أشرف مروان المغلوطة التي زرعت بإتقان في نظام المعلومات الإسرائيلي لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأفرع البحوث والتقدير المعنية برصد وتوقع حالة الحرب بين مصر وإسرائيل قبل أكتوبر