في استراتيجية جديدة يخوضها الرئيس عبد الفتاح السيسي، للانفتاح على القارة الإفريقية، قام بجولة إفريقية، استلها بزيارة تنزانيا، ورواندا، والجابون، ثم تشاد، وذلك من منطلق حرصه على مواصلة تعزيز علاقة مصر بدول القارة في كافة المجالات، فضلًا عن تدعيم التعاون مع هذه الدول على كافة الأصعدة وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. المحطة الأولى.. تنزانيا استهل الرئيس عبد الفتاح السيسي، جولاته الإفريقية بزيارته لتنزانيا، وكان في استقباله الرئيس جون ماجوفولي رئيس تنزانيا وكبار المسئولين التنزانيين، فضلًا عن السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدي تنزانيا.
وعقد "السيسي"، جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره التنزاني، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، أشاد خلالها الرئيس التنزاني بمستوى العلاقات الثنائية بين مصر وتنزانيا، مؤكدًا حرص بلاده على تعزيز هذه العلاقات وتطويرها خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات المتبادلة في الدولتين.
وأعرب عن تقديره للدعم الفني الذي تقدمه مصر لبلاده في مجالات بناء القدرات والتدريب ومشروعات حفر الآبار وغير ذلك من مجالات الدعم التنموى، وتطلعه للاستفادة من الخبرات المصرية في المجالات المختلفة كالسياحة والتصنيع الدوائي، فضلًا عن تطوير مستوى التعاون بين البلدين في مجال الثروة الحيوانية من خلال إنشاء مجزر مصري ضخم في تنزانيا بهدف تلبية الاحتياجات المصرية من اللحوم والاستفادة من الثروة الحيوانية الكبيرة في تنزانيا.
وأكد "السيسي"، تطلع مصر لتعزيز العلاقات مع تنزانيا في مختلف المجالات في ضوء المقومات الاقتصادية الكبيرة التي تتمتع بها كل من الدولتين، مشددًا على أهمية العمل على تعزيز التعاون المشترك بين القطاع الخاص في كل من مصر وتنزانيا، منوهًا إلى الأنشطة الناجحة التي يقوم بها عدد من الشركات المصرية العاملة في تنزانيا، وتطلع مصر للعمل مع الجانب التنزاني على زيادة حجم التعاون بين الشركات المصرية والتنزانية في مجالات المزارع المشتركة وتصنيع المنتجات الزراعية وصيد الأسماك والثروة الحيوانية والصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية والتعدين.
وشهد اللقاء تباحثًا حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية، حيث أكد الرئيسان أهمية تفعيل التعاون الأمني والعسكري بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة مع ما يمثله الإرهاب من مخاطر على أمن واستقرار مختلف الدول.
كما اتفق الرئيسان على تطوير التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الفساد، وتفعيل اللجنة المشتركة بين الدولتين وانطلاق اجتماعاتها في أقرب وقت، بهدف تعزيز التعاون بين مصر وتنزانيا بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.
المحطة الثانية.. رواندا وفي المحطة الإفريقية الثانية، استقبل "السيسي"، الرئيس بول كاجامي رئيس رواندا وكبار المسئولين الروانديين، وأقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وتوجه "السيسي" لزيارة النصب التذكاري لضحايا الإبادة الجماعية في رواندا، وقام بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري، كما تفقد الرئيس المتحف الملحق بالنصب التذكاري والذي يحوى توثيقًا للمذابح التي جرت في رواندا في تسعينات القرن الماضي.
وعقب ذلك، عقدت جلسة مباحثات مثيرة وبناءة تم مناقشة، وكيفية سبل التعاون ودعم الزراعة والسياحة والطاقة بين الدولتان الشقيقتان اللتان يجمعها نهر النيل، ويتشاركان ويواجهان تحديات متماثلة، ولديهم شراكة ما يمكنها من تحقيق التنمية.
وقال "السيسي"، إنه بحث مع رئيس رواندا التعاون في عدة مجالات من بينها الزراعة والتبادل التجارى، مؤكدًا على اتفاق الحكومتين المصرية والرواندية على اتخاذ كافة الإجراءات والخطوات اللازمة في تيسير وتشجيع زيادة التبادل التجاري بين البلدين وإقامة المشروعات المشتركة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين.
وأشار الرئيس السيسي، إلى أن مصر حريصة على مواصلة وتطوير التعاون مع روندا، كذلك في مجالات بناء القدرات وتبادل الخبرات في المجالات التنموية المختلفة، خاصة من خلال البرامج ودورات الدعم الفني التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، والمبادرة المصرية لتنمية حوض النيل.
كما تم الاتفاق على أهمية العمل على عقد لجنة مشتركة بين البلدين في أقرب فرصة ممكنة للتشاور بشأن سبل تنمية مجالات التعاون ذات الأولوية للبلدين، والتحديات التي تواجهها القارة.
المحطة الثالثة.. الجابون وفي محطته الإفريقية الثالثة، كان في استقبال "السيسي"، رئيس الوزراء الجابوني ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية وكبار المسئولين الجابونيين، ثم توجه الرئيس إلى القصر الجمهوري في ليبرفيل حيث كان في استقباله رئيس الجابون على بونجو.
عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث أشاد الرئيس الجابوني بالعلاقات الوثيقة بين البلدين، مؤكدًا حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع مصر في مختلف المجالات، وتطوير أطر التعاون المشترك خاصة فى المجالات الاقتصادية والتجارية، فضلًا عن أهمية تفعيل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين البلدين خلال زيارته لمصر في العام الماضي.
وأكد السيسي حرص مصر على مواصلة تقديم الدعم الفني للجابون في مجال بناء القدرات، وذلك من خلال الدورات التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية للكوادر الجابونية في مختلف التخصصات المدنية والعسكرية المختلفة.
وتناول الرئيسان عدد من الملفات الأفريقية، حيث تم بحث سبل إيجاد حلول لأزمات المنطقة، خاصة في ضوء عضوية مصر في مجلس الأمن، وقيامها بدور هام في دعم جهود تسوية الأزمات لاسيما في منطقة وسط أفريقيا، كما تم الاتفاق على مواصلة التنسيق بين البلدين في كل من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.
كما تم الاتفاق على تفعيل التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وتنسيق جهودهما في مواجهة الإرهاب وما يمثله من مخاطر على أمن واستقرار مختلف دول القارة الأفريقية والعالم.
واتفق الرئيسان على عقد اللجنة المشتركة بين الدولتين قبل نهاية العام الجاري في الجابون، بهدف تفعيل أطر التعاون بين مصر والجابون على المستويات كافة، كما شهد الرئيسان التوقيع على اتفاق لتعزيز العلاقات التجارية بين الدولتين.
المحطة الرابعة.. تشاد هذا وغادر "السيسي" صباح اليوم الخميس، العاصمة الجابونية ليبرفيل، متجهًا إلى تشاد بعد انتهاء الزيارة الرسمية التي قام بها للجابون.
انفتاح مصر على القارة السمراء وبدوره، أشاد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي، بجولة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الإفريقية، بمحطاتها الأربعة؛ إلى رواندا وتنزانيا والجابون وتشاد، واصفًا الجولات بالمهمة للغاية لانفتاح مصر على القارة السمراء، فضلًا عن فتح آفاق جديدة للاستثمار والتبادل التجاري.
تنسيق حول مكافحة الإرهاب وأضاف فهمي، في تصريحاته الخاصة ل"الفجر"، أن جولات "السيسي" الإفريقية، تؤكد دور مصر الكبير الذي تقوده من أجل تنمية وتدعيم العلاقات، مشيرًا إلى أن هناك تنسيق مشترك حول مكافحة الإرهاب والفساد.
اهتمام كبير ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن تلك الجولات ستعمل على تدعيم التعاون بين مصر والدول الإفريقية على كافة الأصعدة، مشددًا على أن جولة "السيسي"، تحظى باهتمام كبير وغير مسبوق من جميع القادة والزعماء والرؤساء والشعوب الإفريقية، وهو ما شهدناه في مراسم الاستقبال الرسمية.
استعادة العلاقات بينما أكد الدكتور فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن جولة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإفريقيا هامة للغاية، حيث كانت تربطنا علاقات قوية بهذه الدول في فترة من الفترات، ولكن بعض الظروف تدخلت وقطعت العلاقات في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن جولات الرئيس لإفريقيا هي محاولة لاستعادة للعلاقات التي كانت موجودة.
استعادة الدور الريادي وأضاف عبدالفتاح، أن هذه الدول الإفريقية هي دول شقيقة، ومصر تضعها نصب أعينها، وإعادة العلاقات جاءت من منطلق أن مصر شقيقة هذه الدول، موضحًا أن مصر منذ عام 2014، استطاعت أن تستعيد دورها كريادة إفريقية.
العلاقات الاقتصادية وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أن هناك ضرورة للانفتاح اقتصاديًا مع دول القارة السمراء، لأن ذلك فيه مصلحة لجميع دول القارة، مشددًا أنه على الدولة أن تتدخل لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في إفريقيا وتنمية العلاقات الاقتصادية فيها