بابتسامة هادئة ترك كرسي الحكم، راضياً، غير مبالٍ بمن يتقلد المنصب بعده، لذا أحبه الشعب، ومنحه الرئيس السيسي وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، تكريمًا له على ما بذله من جهد في مرحلة دقيقة من المراحل التي مر بها الوطن، إنه المستشار "عدلي منصور". منصب هبط عليه من السماء، ما يقرب من عام كامل بعد أن تم عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي بإرادة شعبية، ونادت الأصوات وقتها بتنصيب المستشار بصفته، لحين يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لم يتخل يوماً فيه عن هدوئه وثباته الانفعالي في كل المواقف، لذا ربما سيذكر التاريخ اسمه في سطر واحد كرئيس قدر له أن يكون أول محطة في خارطة الطريق، التي أعلنها الفريق، وقتها، عبدالفتاح السيسي يوم 3 يوليو3 201 أثناء الخروج الكبير للجماهير، مطالبة برحيل الرئيس الاسبق محمد مرسي.
المؤهلات العلمية المؤهلات العلمية لصاحب ال70 عاما ومناصبه القضائية تتحدث عنه، فهو الحاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1967، ثم دبلوم الدراسات العليا في القانون العام من نفس الجامعة، ثم كلل ذلك دبلوم آخر في الدراسات العليا في العلوم الإدارية عام 1970، قبل أن يتولى 21 منصبا قضائيا خلال 43 عاما، بدءا من تعيينه مندوبا مساعدا بمجلس الدولة في نوفمبر 1970، مرورا بإعارته إلى المملكة العربية السعودية للعمل مستشاراً قانونياً لوزارة التجارة والصناعة في منطقة حائل، وانتهاء بإصدار الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارا بتعيين المستشار عدلي منصور نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا عام 1992، وقت أن كان نائبا لرئيس مجلس الدولة.
339 يوما في الحكم 339 يوما، قضاها المستشار عدلي منصور رئيسا للجمهورية في مرحلة من أخطر ما عانته البلاد خلال تاريخها الحديث، عمليات إرهابية تغزو أرجاء المحروسة لتخلف عشرات الضحايا من الشهداء والمصابين، علاقات متوترة مع دول شقيقة وأوروبية أبت أن تعترف بواقع ارتضاه المصريون.
مميزات فترة حكمه إلا أن أبرز ما ميز فترة "منصور" الرئاسية كان حزمة قوانين أصدرها ابتغاء سلامة البلاد، منها قانون التظاهر الذي شهد انقساما كبيرا بين طوائف الشعب المصري عقب صدوره في نوفمبر 2013، وقانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية الذين لم يشهدا توافقا كاملا من القوى السياسية، وقضت المحكمة الدستورية العليا بوجوب حدوث تعديلات عليهما.
القمة العربية بالكويت كان للرئيس المؤقت عدلى منصور حظ في حضور القمة العربية بالكويت، هنا يرى البعض أنه خرج عن هدوئه المعهود عندما ألقى كلمات واضحة ورسائل عدة، بدأها بشكر الدول العربية التى وقفت بجوار مصر وساندتها فى ثورتها، ومندداً فى الوقت نفسه بكل من يساعد قوى الإرهاب وكان أبرز ما ذكره فى كلمته: «إن مصر تدعو كافة الدول العربية الشقيقة للوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب، وسرعة تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتسليم المطلوبين قضائياً، ورفض توفير المأوى والدعم لهم بأى شكل من الأشكال"، كما سعى أن يذكر وبوضوح أمام كافة الدول العربية أن 30 يونيوكانت ثورة شعبية، وليست انقلاباً عسكرياً، كما يدعى البعض.
الانتخابات الرئاسية وكان منصور شاهدا على تنفيذ أهم مرحلة في خارطة الطريق وهي الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن تولي المشير عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، والتقى الرئيسين في قصر الاتحادية في الثامن من يونيو عام 2014 لإعداد وثيقة تسليم السلطة.
قلادة النيل وعندما تولى "السيسي" زمام أمور البلاد منح المستشار عدلي منصور قلادة النيل تقديرا لدوره في إدارة شئون البلاد، ثم يأتي تكريمه من قبل "السيسي" بمكتبة الإسكندرية في 24 أبريل 2015 وتسليمه النسخة الأولى من الكتاب الذي صدر كتوثيق لفترة رئاسته لمصر.
تسليم الراية الرئيس السابق كان يتعامل أثناه فترة حكمة بالود والدفء والتواضع مع الجميع.. ومن أقواله المأثورة: "لم آت إلى هنا راغبا ولا طالبا.. كنت في منتهى القلق على مصر.. كانت التحديات بلا حدود ومن كل اتجاه.. كانت كل لحظة تمر كأَنها عام كامل.. والحمد لله أنني أُسلم الراية اليوم إلى رئيس منتخب سيكون أمينا على الحاضر والمستقبل.. أما بالنسبة لى فقد أرضيت الله، وأرضيت ضميرى، ولست مشغولا بأن يتحدث الناس عنى أو عن مذكراتي.