شهدت الساحة الكروية المحلية والعالمية خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا جنونيًا في أسعار اللاعبين، فأصبحنا في مصر نسمع أرقامًا ضخمة عن قيمة صفقات انتقال نجوم كرة القدم بين الأندية، أما في الدوريات العالمية المختلفة فتجد صفقات أسعارها تفوق الخيال، وذلك الأمر نتيجة طبيعية بعد المتغيرات العديدة التي طرأت علي لعبة كرة القدم مؤخرًا. وأصبح أمرًا ليس غريبًا في سوق انتقالات اللاعبين بالدوريات العالمية أن تجد قيمة لاعب واحد تتخطي حاجز ال100 مليون يورو مثل صفقة انتقال الفرنسي "بول بوجبا" من يوفنتوس الإيطالي إلي مانشستر يونايتد الإنجليزي الصيف الماضي الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم، والتي كلفت اليونايتد ما يُقارب 120 مليون يورو، في واحدة من أبرز الصفقات الخرافية التي شهدتها الساحة الكروية مؤخرًا.
أما في مصر أصبح معتادًا أن نجد في كل موسم للانتقالات صراعًا بين الأندية الكبرى بالدوري وخاصة الأهلي والزمالك للحصول على خدمات بعض اللاعبين ويصل الأمر لدخول تلك الأندية في مزايدات ودفع ملايين الجنيهات لاستقطاب اللاعبين، وذلك جعلنا نسمع عن أرقامًا ضخمة في صفقات اللاعبين بالدوري المصري لم نعتد عليها سابقًا.
ومن المتوقع استمرار تزايد أسعار اللاعبين محليًا وعالميًا خلال الفترة المقبلة، لاسيما بعد الأرقام الخرافية التي رصدتها بعض الأندية الأوروبية الكبرى للحصول علي خدمات نجوم كرة القدم مثل البرتغالي "رونالدو" والارجنتيني "ميسي"، وكذلك السوق المحلية في مصر نتيجة الصراع الدائم بين "القطبين" لضم اللاعبين وذلك يؤكد على عدم استقرار الأسعار في "ميركاتو اللاعبين" في السنوات المقبلة.
المصريون اعتادوا قديمًا اطلاق صفة "الجنون" على "الطماطم" نظرًا لعدم استقرار أسعارها في الأسواق بين الارتفاع والانخفاض، ولكن لن يكون منطقيًا اطلاق نفس الصفة على أسعار اللاعبين في سوق الانتقالات خاصة وأن الأخيرة لا تعرف سوى التزايد فقط كل موسم.
عدم استقرار سوق الانتقالات في مصر والعالم وتزايد أسعار اللاعبين بشكل جنوني أصبح أشبه بالتزايد المتكرر والهائل في أسعار "الوقود" في مصر والذي أصبح الحيلة الوحيدة التي تلجأ لها الحكومة المصرية الرشيدة في خطتها الحكيمة للاصلاح الاقتصادي.
الحكومة المصرية أصبحت لا تشغل بالًا بثورة غضب المواطنين المصريين في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي جراء الأعباء التي تضعها على كاهلهم وتواصل خطتها الاصلاحية المتمركزة حول زيادة أسعار "الوقود" وتتخذ قرار زيادة الأسعار بشكل متكرر دون أي اهتمام بردود فعل المواطنين وكأن لا سبيل للاصلاح إلا بزيادة أسعار الوقود.
نفس الحال للقائمين على كرة القدم في العالم الذين يتجاهلون الارتفاع الجنوني في أسعار اللاعبين وعدم التصدي لأطماع الأندية الكبرى في امتلاك نجوم اللعبة حول العالم مقابل الملايين والملايين من الجنيهات مما يتسبب في معاناة الأندية الفقيرة التي تعجز عن مجاراة تلك التغييرات الكبيرة ومواجهة الكبار وأصبحت رسالة تلك الأندية شبيهة برسالة المصريين لحكومتهم (لا ترفعوا الدعم) ولكن عن (وقود الملاعب) .