ما إن يحل الشهر الفضيل؛ حتى يبدأ حرصنا على التطهر من الذنوب، وكل ما يخدش صيامنا، ومن الأمور التي تنسب للنساء للأسف عادتا الغيبة والنميمة، والتي نهى عنهما الإسلام نهيًا قاطعًا، وذمهما الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز، بقوله: "ولا يغتب بعضكم بعضًا". فالصوم في أساسه، هو التّعبدُ للهِ بالإمساكِ عنِ المفطراتِ مِنْ طلوعِ الفجرِ الصّادقِ إلى غروبِ الشّمسِ؛ إمساكًا حسّيًّا، ويُتْبَعُ ذلك بالإمساكِ المعنويِّ عنِ الكلامِ المحرَّمِ والمكروهِ مِنَ اللّغوِ والرّفَثِ والصّخَبِ وقولِ الزّورِ، ويدخل فيه كلُّ كلامٍ محرَّمٍ مِنَ الكذبِ والغِيبةِ والنّميمةِ وشهادةِ الزّورِ والسّبِّ والشّتم. ورغم الحرص على البعد عن الغيبة والنميمة؛ وهو ذكر مساوئ الشخص في غيابه؛ إلا أن الكثيرات يقعن فيه، ويتوجهن بالسؤال لأهل الشرع عن صحة الصيام. وقد توجهنا بسؤال أستاذ الشريعة، الدكتور إبراهيم أبو جلمبو: هل الغيبة والنميمة تفسد وتبطل الصوم؟ فأجاب: إن الكلام القبيح مِنْ محرَّمٍ ومكروهٍ لا يعد من المفطرات، غيرَ أنّه يُنْقِصُ أجْرَ الصّائمِ ويقلّل ثوابَه على وجهٍ لا يكون صيامُه تامًّا كاملًا. وذلك في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- «إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ». وقوله أيضًا، «منْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». والذي يؤيّد عدمَ بطلانِ صيامِ المغتابِ، ما نقله ابنُ قدامةَ -رحمه اللهُ- بالإجماعَ على صحّةِ صومِ المغتاب والنمام فقال: "الغِيبةُ لا تفطّر الصّائمَ إجماعًا".