طالبوا بدعم الدولة وإسقاط مديونيات الصحف القومية وإعادة هيكلتها مع بداية 2017 تدخل الصحافة الورقية مرحلة جديدة مظلمة، تهدد بقاءها فى سوق الإعلام، بعد رفع أسعار الطباعة، المقرر تطبيقها خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث أرسلت الإدارة العامة للمطابع بمؤسسة الأهرام، خطابًا إلى جميع المؤسسات الصحفية المتعاملة معها، قالت فيه إنها سترفع تكاليف الطباعة بنسبة 80% من القيمة المتعاقد عليها، بسبب ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه. وكانت دراسة حديثة صدرت نوفمبر الماضى عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كشفت عن تراجع معدل توزيع الصحف الورقية فى عام 2015، مقارنة بعام 2014، بنسبة 14.4%، كما رصدت الدراسة تراجع عدد الصحف الصادرة فى مصر فى العام الماضى مقارنة بالعام السابق له، حيث وصل عدد الصحف ل75 صحيفة فى عام 2015، بين حزبية وخاصة وقومية، بمعدل توزيع 560.7 مليون نسخة سنوياً، مقارنة ب80 صحيفة كانت تصدر فى عام 2014 بمعدل توزيع 655 مليون نسخة سنوياً. استطلعت «الفجر» آراء عدد من أعضاء مجلس النواب المنتمين إلى مهنة الصحافة، لتتعرف على رؤيتهم لمواجهة هذه الإشكالية، ووضع حلول لحلها، فى ظل تدهور أوضاع المؤسسات القومية بصفة خاصة نتيجة الديون المتراكمة عليها. قال النائب عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن الصحافة بشكل عام والقومية منها بشكل خاص تواجه تحديا كبيرا، وإن كانت الأخيرة تضم نسبة أكبر من العمال وارتفاع أسعار الورق والأحبار والأجهزة، ما سيؤدى لمزيد من الخسائر، لا يمكن تداركها إلا برفع الأسعار، ما سيترتب عليه انخفاض التوزيع والإعلانات والإسراع من عملية التحول من الصحافة الورقية للصحافة الإلكترونية. وأضاف جاد إن مستقبل الصحافة الورقية يتجه إلى التلاشى بحكم تطور أدوات التواصل ومنها وسائل التواصل الاجتماعى، ومع الأسعار القديمة كانت الناس حريصة على شراء الصحف الورقية وأرى أن رفع أسعار الصحف هو الحل البديل ولكنه سيؤدى لانخفاض نسبة توزيع الصحف ل50%. وأكد جاد أن البرلمان ليس فى يده شيء لأن ميزانية الدولة مرهقة، والبرلمان عندما يطالب الحكومة بشيء فإنها تجيب دائماً بأن الإمكانيات قليلة، ولذلك تجب إعادة هيكلة الصحف وتطويرها وإدخال خدمات إضافية بها كى تصبح أكثر جذبًا ويداوم المواطن على شرائها وبالتالى الموضوع يخص الصحفيين والصحافة وليست الحكومة. فيما حمل النائب أحمد طنطاوى، الكاتب الصحفى الدولة مسئولية ارتفاع تكاليف طباعة الصحف بشكل مبالغ فيه، بسبب ما أسماه بالأداء الاقتصادى السيئ الذى أوصلنا فى نهاية الأمر للقرارات الاقتصادية التى كان من بينها تحرير سعر الصرف وارتفاع الدولار بهذا الشكل الجنونى. وتابع: المؤسسات الصحفية القومية تحتاج لدعم من أجل الحفاظ عليها، وهذا ليس ميزة أو منحة للصحفيين أو الإعلاميين وإنما هى حق للمواطن. وأكد طنطاوى أن أزمة الصحف الورقية مسألة مؤقتة، لأنه فى حال تحسن الاقتصاد ستزيد الإعلانات فى الصحف مرة أخرى والتى تمثل جانبا مهما جداً من الموارد، وإذا لزم الأمر يجب أن تدعم الدولة الصحف القومية والتليفزيون القومى والإذاعة وماسبيرو وأن توفر لها إدارة كفء ورشيدة تستطيع تطوير موارد هذه المؤسسات وضبط الإنفاق داخلها. النائب أسامة شرشر، رئيس تحرير صحيفة النهار، أكد أن صناعة الصحف من أخطر الصناعات الموجودة فى مصر، وبالتالى فاحتمالات اختفائها من الأسواق بسبب ارتفاع أسعار الطباعة بعيد، ضارباً المثال باليابان التى ابتدعت الوسائل الإلكترونية والتى زاد فيها توزيع الصحف الورقية. وتابع شرشر: إن حل أزمة الصحافة الورقية يتلخص فى ضرورة إعادة هيكلة الصحف القومية ويجب تدخل الدولة وأن تكون هناك إدارة لأن الصحف القومية كالأهرام والأخبار والجمهورية ودار الهلال تحتاج إلى عقليات اقتصادية تدير أصولها، لأن حكومة الحزب الوطنى المنحل كانت ترحل هذه المديونيات والخسائر، لأن هذه المؤسسات كانت «تطبل» له، والآن يجب أن يكون هناك نوع من الشفافية، وطالما أن هذه الجرائد مملوكة للشعب لا يجب أن يتحمل المواطنون فاتورة المديونيات. وطالب شرشر باتخاذ قرار بإسقاط هذه المديونات، وعقد جلسات استماع لرؤساء مجالس الصحف القومية فى هذه الأزمة، خاصة أن هناك محاولات لحصار الصحف القومية، مؤكداً أن إسقاط المديونيات سينعكس على الطباعة. واستبعد النائب حسنى حافظ، الكاتب الصحفى، انهيار الصحف الورقية نتيجة ارتفاع تكلفة الطباعة، وقال إنه عندما نعود للخلف بالأزمنة، توقع البعض أن يؤدى ظهور الراديو إلى القضاء على الصحافة المقروءة نهائيًا، وهو ما لم يحدث، ولكن دائما ما نقول إن الصحافة المقروءة ستظل عبر التاريخ لأن قراء الجرائد القومية لمستمرون فى القراءة ولن ينتهى الأمر بالنسبة إليهم ولست مع فكرة انتهاء الجرائد الورقية وأيضًا لا يجوز أن تندثر حيث يعمل فيها عشرات الآلاف. وأكد حافظ أن أى تشريع من البرلمان لن يفعل شيئا، وعلى الصحفيين بالجرائد الورقية أن يفعلوا أكثر ما فى وسعهم من خلال الأخبار والعناوين وغيرها لجذب الانتباه للجريدة التى يعملون فيها بالإضافة إلى أن الدولة يجب أن تساهم وتساعد من خلال الشركات الحكومية والخاصة عن طريق دعم الجرائد من خلال الإعلانات.