وافق من حيث المبدأ على مشروع الجمعيات الأهلية «مسودة القصبى» تقيد عمل المنظمات وتمهد لإغلاق عدد كبير منها.. و«الوفد»: البرلمان يكيل بمكيالين لأول مرة منذ انعقاده يصر مجلس النواب، على مناقشة مشروع قانون مقدم من أحد أعضائه، دون الانتظار للمشروع المقدم من الحكومة، حيث وافق البرلمان مبدئياً على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذى تقدم به النائب عبد الهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى، عضو ائتلاف دعم مصر، والموقع من 203 نواب. القصبى تقدم بمشروعه فى سبتمبر الماضى، قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للمجلس. وبدأت لجنة التضامن مناقشته قبل أسبوعين فى 7 اجتماعات مغلقة، تخللها لقاء استضافت فيه اللجنة رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، وممثلى الاتحادات الإقليمية والنوعية، واعتبرته بمثابة حوار مجتمعى حول القانون. وقبل يوم واحد من طرح القانون للنقاش فى جلسة عامة، أصدر رئيس لجنة التضامن بياناً فضفاضاً سرد فيه انجازات اللجنة فى القانون، أكد فيه أن المشروع شارك فى مناقشته أكثر من 100 من ممثلى الجمعيات والاتحادات النوعية، وقال إن المسودة تفتح الباب لأهل الخير لتقديم العون للجمعيات الأهلية وتغلق أبواب الشيطان أمام أهل الشر، وأن القانون خال من العقوبات السالبة للحريات ويمنع التمويل المشبوه الذى يضر بالأمن القومى البلاد. مشروع القانون الذى خرج إلى النور بسرعة الصاروخ من البرلمان دون انتظار قانون الحكومة، على غير العادة، جاء وكأن هناك نية من البرلمان لتمرير مشروع أكثر تشدداً وتقييدا لعمل الجمعيات الأهلية من مشروع القانون الحكومى، وهو ما أكده الدكتور محمد فؤاد، المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، بقوله إن هناك كيلاً بمكيالين، حيث لم تر 3 مشروعات قوانين للعدالة الانتقالية مقدمة من الحزب والنائبين محمد فرج عامر وأنور السادات، النور، فيما نظر المجلس قانون الجمعيات الأهلية فى يومين فقط، إضافة إلى تأخر عرض اتفاقية قرض صندوق النقد الدولى على البرلمان رغم أن المادة 127 من الدستور تنص على أنه «لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب». أعضاء البرلمان على رأسهم الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس برروا الإصرار على مناقشة قانون الجمعيات وتمريره دون الانتظار لقانون الحكومة، بأن البرلمان يمارس صلاحياته التشريعية، رغم أن المجلس لم يستخدم هذا الحق طيلة دور الانعقاد الأول، حيث انتظر البرلمان قانون الإعلام الموحد المقدم من الحكومة حتى انتهى الفصل التشريعى الأول، رغم أن النائب مصطفى بكرى، تقدم بمشروع، لكن المجلس فضل انتظار قانون الحكومة الذى لم يصل بعد. وبعيداً عن استخدام البرلمان لحقه فى التشريع، بمزاجه، مشروعا قانون الجمعيات سواء المقدم من القصبى متطابقين، باستثناء أن القصبى كان أكثر تشدداً وبلغت مواد مشروعه 89 مادة فيما جاء مشروع الحكومة فى 63 مادة. حدد مشروع الحكومة فى مادته الثانية فترة سنة لتوفيق أوضاع المؤسسات الأهلية، التى تم تأسيسها وفقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 2002، وما قبله التى تتعارض نظمها الأساسية مع أحكام القانون الجديد، وإلا طلبت الجهة الإدارية من المحكمة المختصة حل تلك المؤسسات التى ستئول أموالها إلى صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية بعد صدور حكم نهائى بحلها. أما مشروع البرلمان فكان أكثر تقيداً فى هذه النقطة حيث خفض المدة ل6 أشهر فقط، وكأن هناك رغبة فى حل أكبر عدد من الجمعيات التى لن تمكنها فترة ال6 أشهر من توفيق أوضاعها، كما أضاف مشروع قانون القصبى مادة تلزم الحكومة بحصر الكيانات التى لم توفق أوضاعها من خلال تشكيل لجنة أو أكثر يكون بها ممثل المحافظة التى يقع بها مقر الجمعية وإتمام عملية الحل بعد صدور الحكم القضائى. مشروع الحكومة أوكل لوزير التضامن مهمة إصدار اللائحة التنفيذية للقانون فى غضون 6 أشهر، فيما ذهب مشروع البرلمان إلى أن رئيس مجلس الوزراء هو صاحب قرار إصدار اللائحة وفى فترة شهرين، ما يدل على رغبة البرلمان فى وضع الجمعيات تحت السيطرة وبسرعة، وهو ما ظهر واضحاً فى قول الدكتور عبد العال، إنه يحمد لهذا المجلس أنه اقتحم مناطق ظلت شائكة لمدة طويلة، وإشارته لوجود أكثر من مسودة للقانون، تحول ضغوط داخلية وخارجية دون إصداره». ونصت المادة الرابعة من مشروع قانون الحكومة، على حق الجهة الإدارية فى الامتناع عن قيد الجمعية خلال 30 يوماً من تلقى الإخطار بتأسيسها إذا ثبت أن من بين أغراضها نشاطاً مؤثماً وفق قانون العقوبات أو أى قانون عقابى آخر أو أن بيانات وملحقات الإخطار غير مستوفاة، وتخطر الجهة الإدارية ممثل المؤسسين بقرار مسبب وإلا اعتبرت الجمعية منشأة. ويحق للجمعية تصويب الخطأ أو استيفاء البيانات الناقصة أو الطعن أمام المحكمة المختصة خلال 60 يوماً من تاريخ قرار الامتناع عن القيد، فيما زاد مشروع القصبى المساحة الزمنية فى هذه المادة لتصبح 60 يوماً من تاريخ الإخطار، لكن فى نفس الوقت كان مشروع البرلمان أكثر قسوة من نظيره الحكومى فيما يتعلق بالرسوم الواجب دفعها لتسجيل الجمعية، حيث نص على ضرورة أن تدفع المؤسسة 10 آلاف جنيه مقابل قيد نظام الجمعية فى السجل الخاص بالجهة الإدارية، أما مشروع الحكومة فطلب ألف جنيه فقط. كما حظر مشروع القصبى على الجمعيات منح أى شهادات علمية أو مهنية، فيما سمحت مسودة الحكومة باستثناء تمثل فى أن تكون هذه الشهادة بشراكة رسمية مع إحدى الجامعات الحكومية أو الجهات المختصة، الأمر لم يقف عند هذه المادة فحسب ولكن زادت قائمة المحظورات فى قانون القصبى بشرط جديد لم يكن موجوداً فى مشروع الحكومة تمثل فى منع الجمعيات من إجراء استطلاعات الرأى أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء الأبحاث الميدانية أو عرض نتائجها قبل عرضها على الجهاز الإدارى للتأكد من سلامتها وحيادها. توسع مشروع القصبى فى فرض قيود ومراقبة على تمويل الجمعيات من خلال المادة 15 التى تنص على خضوع رؤساء وأعضاء مجالس إدارة ومجالس أمناء الجمعيات وغيرها من الكيانات المنظمة، إلى قانون الكسب غير المشروع». إشكالية قانون الجمعيات الأهلية لم يكن وليد اللحظة، لكن بدأت إرهاصاته منذ عام 2012 على يد فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى وقتها، حيث كشفت عن تلقى عدد من الجمعيات أموالاً طائلة من الخارج دون مراقبة حكومية عليها، وحاول بعدها الدكتور أحمد البرعى، وزير التضامن السابق، إصداره، ومنذ هذا الوقت تم إعداد نحو 36 مسودة للقانون، جميعها لم تحظ بالتوافق حولها، بسبب الاعتراضات الداخلية والخارجية بجانب عدم وجود مجلس نيابى وقتئذ. وخلال المناقشات التى دارت بالبرلمان على مشروع القانون، استدعى عدد من النواب الجهود السابقة لفايزة أبو النجا فى هذا القانون، مؤكدين أنها تمتلك ملفاً يكشف تلقى عدد كبير من الجمعيات تمويلاً أجنبياً مشبوهاً. يذكر أن جميع المناقشات التى دارت فى البرلمان واتهمت عدداً من منظمات المجتمع المدنى بتلقى تمويلات مشبوهة، دون ذكر اسم أى منها، ما دعا البعض لإبداء دهشته، خاصة أنه يجب على المجلس الإعلان عما لديه من معلومات فى ظل سن مشروع جديد، خصوصاً أن مثل هذه الاتهامات تم إطلاقها دون أدلة. ورغم التوافق الظاهرى حول قانون القصبى، إلا أن هناك أزمة اختصاص حوله حيث يرى علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان أن مناقشة المشروع اختصاص أصيل للجنته التى لم تتم دعوتها لإبداء الرأى حوله فيما أحال رئيس المجلس فى وقت سابق القانون إلى لجنتى التضامن والتشريعية، متجاهلاً لجنته. ظهور الحكومة فى موقف المعترض على مشروع القصبى والذى عكسه حديث مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، بقوله: إن وزيرة التضامن الاجتماعى، غادة والى، طلبت تأجيل مناقشة المشروع، لأنها لا تعرف شيئًا عنه، وأنه لا يوجد خلاف بين مشروعى القصبى والحكومة، حيث تم تقديم الأخير لرئيس المجلس فى 2 نوفمبر الجارى، ما رأه البعض مباركة غير معلنة من الحكومة لقانون القصبى، حيث دارت بعض الأحاديث الجانبية فى أروقة البرلمان تؤكد أن قانون البرلمان سيعفى الحكومة من أى حرج فى حال أبدت أى من السفارات الأجنبية أو المنظمات الدولية اعتراضات عليه بدعوى تقييده لعمل الجمعيات الأهلية، لأنه فى هذه الحالة سيكون القانون صادراً عن البرلمان المنتخب وطبقاً للدستور.