رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    البنوك المصرية إجازة اليوم بمناسبة عيد تحرير سيناء 2024 وهذا موعد عودتها للعمل    الهلال الأحمر الفلسطيني: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة    تفاصيل اليوم الأول للبطولة العربية العسكرية للفروسية للألعاب الأولمبية| صور    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    محافظ الغربية يتابع أعمال توريد القمح بشونة محلة أبو علي    تطور أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري داخل البنوك المصرية    أسعار الذهب في مصر بمستهل تعاملات اليوم الخميس 25-4-2024    هيونداي تقرر استدعاء 31.44 ألف سيارة في أمريكا    رئيس هيئة قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع جامعة كوريا البحرية في مجالات التدريب والمحاكيات    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    شركة الاتصالات الفلسطينية تعلن انقطاع خدمات الإنترنت الثابت وسط وجنوب قطاع غزة    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    «القاهرة الإخبارية»: تفاؤل حذر في أوكرانيا بعد موافقة أمريكا على المساعدات    عاجل| الدفاع المدني بغزة يطالب بفتح تحقيق دولي في إعدامات ميدانية ارتكبها الاحتلال    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    شاهدها الحين.. مباراة أهلي جدة والرياض في دوري روشن..دون تقطيع    موعد مباراة الزمالك ودريمز الغاني في نصف نهائي الكونفدرالية الإفريقية    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    ضبط 17 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    القبض على مسن أنهى حياة زوجته بالمنيا    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    هل يوجد تغييرفي مواعيد امتحانات الترم الثاني بعد التوقيت الصيفي؟.. التعليم توضح    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 46 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    تفاصيل سقوط فردي أمن وسائق بتهمة سرقة شركة بالسيدة زينب    "بنات ألفة" يحصد جائزة أفضل فيلم في ختام مهرجان أسوان بدورته الثامنة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فتح باب تلقي طلبات وحدات الطعام المتنقلة بمقابل الانتفاع بمدينة طيبة الجديدة    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    مدحت العدل يكشف نصيحة جماهير ريال المدريد بإسبانيا للإعلامي إبراهيم عيسى ونجله    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشناوي يكتب: السبكى يعلن توبته النصوح على كاميرا نصرالله!
نشر في الفجر يوم 26 - 08 - 2016

لولا الدقائق الخمس التى قدمها المطرب محمود الليثى مع الراقصة إياها لما صدقت أبدا أننا بصدد فيلم من إنتاج أحمد السبكى، فهى توبة نصوح إلا قليلا، أعلنها السبكى على يد وكاميرا المخرج يسرى نصرالله.

سينما الأخوين السبكى بنوعيها -الكبير أحمد والصغير محمد- لو أردت تحليلها ستكتشف أنها تخضع أساسا للأحكام الأخلاقية هذا هو عمقها الحقيقى، نعم على السطح لديك الراقصة والمطرب والبلطجى، إلا أنه فى نهاية الأمر يعلن الندم على المعصية، حتى فيلم (حلاوة روح) الذى ناله القسط الأكبر من الهجوم الضارى باعتباره مروجا للفسق، رغم أنك تتعاطف مع هيفاء وهبى التى أدت دور(روح) فهى لم تمارس الرذيلة طوال الأحداث بل كان مجنيا عليها، هناك فرق أن تصف الفيلم بالرداءة الفنية و(حلاوة روح) كذلك، وبين أن تعتبره سر فساد المجتمع، إلا أننا بقدر لا ينكر من الاستسهال دأبنا أن نعتبر أفلامه هى المسؤول رقم واحد عن البلطجة والتسيب وتفشى الجريمة، ونغفل دور الدولة فى ضبط انفلات الشارع، السبكى فى النهاية يفرض على كل مخرجى أفلامه الالتزام بمكارم الأخلاق، راجعوا مثلا نهاية فيلمه (الفرح) والتى شاهدنا فيها نهايتين، الأولى لمن لا يلتزم بالخلق القويم وكيف سيلقى جزاءه بالقتل، بينما الثانية لمن يلتزم ستفتح أمامه أبواب السماء، كل الأفلام السبكية مهما تواضع مستواها الفنى، وارتكب أبطالها العديد من الموبقات، فإن الدرس الذى ينتظرهم فى النهاية هو العقاب الصارم، خاصة لو كان الجرم له علاقة بالجنس الحرام، بينما فى (الماء والخضرة والوجه الحسن) ليسرى نصرالله، لم يكن هذا هو هدف المخرج ولم يشغله من قريب أو بعيد البعد الأخلاقى، فهو لم يحاسب أبطاله عن أخطائهم، ولم يسمح للسبكى بأن يُملى عليه إرادته.

الفيلم قبل الولوج إليه يجب أن تتوقف أمام اسم يسرى نصرالله، الذى صار هو الأكثر تواجدا فى السنوات الأخيرة عبر المهرجانات الدولية ممثلا السينما المصرية، وبالطبع يسرى يعرف شفرة التواصل، وهذا بالطبع لا، ولكن بالإضافة للشفرة فهو أيضا يقدم شريطا سينمائيا قادرا على جذب منظمى المهرجانات ناحية أفلامه، فلقد كان هو ممثل السينما المصرية داخل المسابقة الرسمية لمهرجان (كان) عام 2012 بفيلمه (بعد الموقعة)، بينما فيلمه التالى (الماء والخضرة والوجه الحسن) عائد لتوه من داخل المسابقة الرسمية لمهرجان (لو كارنو)، عاد الفيلم طبعا بلا جوائز فلم يعد طموحنا فى الحقيقة يصل إلى الجائزة، صار السقف هو التواجد داخل المهرجان وأصبح هو الجائزة، الحقيقة الدامغة أمامنا، هى أننا قليلو الحظ فى الحصول عليها، بل إن مجرد تواجدنا فى المهرجانات لو قارنته بالعديد من الدول العربية مثل تونس وفلسطين والجزائر والمغرب لوقفت السينما المصرية فى نهاية الصف.

ويبقى أن علينا مشاهدة الشريط وما يسفر عنه بعيون محايدة، المشاركة فى مهرجان لا تعنى أن نضرب لصُناعه تعظيم سلام، فى السنوات الأخيرة مثلا وجدنا يسرى نصرالله والذى بدأ مشواره نهاية الثمانينيات بفيلمه الروائى (سرقات صيفية)، بمهرجان (كان) فى قسم (أسبوعى المخرجين) بسينما حداثية على مستوى السرد فى الرؤية الدرامية والإخراجية، لا تستطيع أن تقول إنه شاهينى النزعة، بل هو فقط ينتمى إلى نفس المدرسة الأسلوبية التى يمارسها أستاذه، ولهذا ارتبط به كمساعد كمخرج لأنه يفكر بنفس النهج، وعندما تغير مؤشر شاهين كان لابد أن يتوارى نصرالله، لتبدأ مرحلة خالد يوسف الساعد الأيمن للأستاذ. كانت ولا تزال بداخل يسرى رغبة لكى يصل للناس أفلامه (سرقات صيفية) أو (مرسيدس) وصولا ل(جنينة الأسماك) لم تحقق له التواصل مع الناس، ولهذا يصل بمحطته إلى (إحكى يا شهرزاد) للكاتب وحيد حامد، وهو أشهر وأهم كاتب فى جيله، ومنذ مطلع الثمانينيات وهو يُقدم الرؤية الكلاسيكية والتى يحرص أن تظل دائما على موجة الناس، المزج بينهما أقصد وحيد ونصرالله أسفر عن فيلم ينتمى فى نفس الوقت للاثنين، وتأتى المرحلة التالية بمعادلة أخرى قائمة أيضا نظريا على التناقض بين منهجين، السبكى بتوجه إنتاجى مرتبط مباشرة بالشارع، والسيناريو مشترك بين أحمد عبدالله والذى أعتبره هو الذى يشكل بكتاباته فى الألفية الثالثة القسط الأكبر من روح السينما المتواجدة بالشارع، التى دأبنا على أن نصفها بالشبابية، وصار أيضا من أكثر الكتاب مساهمة فى سينما السبكى، الذى يفرض تفاصيل عديدة على كل من يتعاون معه، وهكذا كان هذا المزيج على الورق.

الشريط فى مفردات الصورة والصوت به شىء من الاثنين معا ولكنه فى عمقه يعبر عن قناعات يسرى، إلا أن هناك غربة ما عن الروح المصرية فى طبيعة علاقات الحب وتلمح تحررا، ولا بأس بالتحرر ولكن المشكلة هو أنه يشعرك وكأنه لا يدرك حقيقة تركيبة الإنسان المصرى والشرقى، فتجد فى مشهد منة شلبى ابنة عم باسم سمرة وخطيبته تخبره ببساطة أنها تحب شقيقه الصغير أحمد داوود وهو ببساطة أشد يؤكد لها أنه يحب ليلى علوى وينتهى الأمر على أساس أن كلا منهم فى نهاية الأمر يذهب لمن يحبه ويا دار ما دخلك شر، بدون أن تستشعر أبدا صعوبة الموقف عاطفيا.

السيناريو ينقصه الروح الواحدة والمزاج الفنى الواحد، فلم يضبط سينمائيا هامش من الفانتازيا، كما أن روح المرح التى تنساب فى الأحداث يحدث فيها شىء من التحول عند مقتل الشاب الذى يؤدى دور مطرب مهرجانات محمد الشرنوبى، وفى لحظات نستشعر أننا بصدد فيلم كارتون عندما تُطلق صابرين فى نهاية الأحداث خلايا النحل على الجميع.

صابرين تؤدى دور امرأة ثرية تريد شراء بيت الطباخ الذى هو يشكل القوة الضاربة التى تعبر عن روح قرية بلقاس فى الدقهلية وأدى دوره علاء زينهم فى أول تواجد سينمائى له بهذه المساحة الرئيسية دراميا، وهو فى نفس الوقت بمثابة الحارس الأمين على القيم النبيلة فى العائلة، إنها سينما الحالة وليست الحدث بل تبدو الأحداث فيها مملوءة بالهشاشة الفنية.

كالعادة الاشتهاء الجنسى فى اللحظة الأخيرة يصبح هو النذير بالموت، وهكذا يلقى الطباخ الكبير وعميد العائلة حتفه بعد شروعه فى ممارسة الجنس مع إحدى السيدات الفقيرات فى القرية، محمد فراج زوج صابرين وذراعها الأيمن هو المحرك للحدث فى تنفيذ خطة الاستحواذ على بيت الطباخ القديم لتحويله إلى مصنع ضخم لصناعة الأغذية ويحاول استقطاب أحمد داوود ابن الطباخ لجانبه بينما يقف على الجانب الآخر باسم سمرة.

اللحظة المفتوحة الممتدة هى التى نعيشها مع الفرح والطقوس المعتادة، حيث تتواجد عائلة الطباخ، التى يشارك فيها الجميع وتمنح الفرصة لليلى علوى ومنة شلبى للرقص على اعتبار أن رقص النساء فى الأعراس هو طقس متعارف عليه، كما أن صناعة الأكل تمنح أهل الطباخ فرصة ذهبية للكشف عن الصراعات الداخلية بينهم، الفيلم يحاول وتلك هى المشكلة أن يبحث عن أحداث يملأ بها الزمن حتى يكسر الإحساس بالرتابة، وهكذا مثلا يأتى زرع شخصية المرأة النهمة جنسيا، وعلاقتها مع أحمد داوود، كما أنه يشعرك أن كل الشخصيات مصنوعة بفكر كارتونى كبناء سينمائى، الأجواء الريفية التى كان فيها الأكل حاضرا بقوة تجدها بتوظيف سينمائى مبهر فى الفيلم الرائع (خرج ولم يعد) لمحمد خان، حيث كان حضور الطبيعة طاغيا أيضا، وهو ما حاول نصرالله تقديمه فى فيلمه مع الفارق والذى كان لصالح (خرج ولم يعد).

الفيلم يبدى حرص المخرج على تلاقى الأجيال ليلى علوى ومنة شلبى، منة بحضورها وليلى برسوخها الفنى، ولكن لا أتصور أن الفيلم يشكل إضافة حقيقية لأى منهما، ويبقى باسم سمرة الذى صار بطلا ثابتا فى سينما نصرالله، ولا شك أن باسم وجه معبر وممثل موهوب منذ (المدينة) فيلمه الأول مع يسرى، إلا أن ثبات الممثل ليس فى صالح المخرج.

(الماء والخضرة والوجه الحسن) ينقصه شىء من الحميمية، صحيح به قدر منها كما أن به شيئا يسير من خفة الظل إلا أن المطلوب فى مثل هذه الأفلام كميات مشبعة من هذا الفيض وهو ما أخفق فيه الفيلم.

لم ينضبط (الماء والخضرة والوجه الحسن) على موجة الناس، ولكن سيحسب لنصرالله، أنه استطاع فى كل الأحوال أن يُقدم فيلما ينتسب له، بينما يبدو السبكى هذه المرة مثل الريس حنفى فى (ابن حميدو) بعد أن نزلت كلمته الأرض، ولم يعثر فى الشريط على أثر لأفكاره!

المقال نقلا عن "المصري اليوم"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.