بطيخ: المنح استحقاقية ومن الميزانية الخاصة للقضاة محي الدين: منح القضاة تساعد على الفرقة بين فئات المجتمع مصطفى: الإصلاح المالي يقتضي توحيد الأجور في ظل التصاريح الأخيرة الصادرة من جهات مختلفة من الحكومة، بضعف ميزانية الدولة صدرت منح مالية لفئات معينة على حساب الأخرى، وكان أخرها صرف منح للقضاة تقدر بألاف الجنيهات للفرد الواحد، وهو ما اعتبره قانونيين غياب للعدالة والتميز الطبقي. ورصدت "الفجر" آراء بعض القانونيين والحقوقيين حول استثناءات منح القضاة في مصر، والتي تباينت بالترحيب من البعض، واستنكار البعض لغياب العدالة الاجتماعية. وتداول نشطاء عن مصادر قضائية أن مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار أحمد جمال عبد اللطيف، قرر صرف مبلغ 6500 جنية ونصف لكل قاضي وعضو نيابة عامة، كمنحة بمناسبة شهر شعبان، مشيرة إلى أن المبلغ صرف بالكامل من ميزانية المجلس دون تكليف ميزانية الدولة أو وزارة العدل أي مبالغ. ولم تكن هذه المنحة هي الوحيدة التي أثارت جدلاً واسعًا، فدائما ما تخرج مثل هذه التصريحات حول منح القضاة. 10 آلاف جنيه لكل قاضٍ بمناسبة "الأضحى والعام الدراسي الجديد" في السابع من سبتمبر الماضي، أثار قرار مجلس القضاء الأعلى، اعتماد صرف منحتي عيد الأضحى وبداية العام الدراسي الجديد، بواقع 10 آلاف جنيه للقضاة من درجة الرئيس بمحاكم الاستئناف، ونواب رئيس محكمة النقض، و8 آلاف جنيه للدرجات القضائية الأقل من ذلك حتى درجة معاون النيابة، على أن تضاف تلك المنح إلى حساب كل قاضٍ بالبنوك ليتقاضوها مع الراتب الشهري، وهي ذات المنحة التي صُرفت وقتها قبل نحو شهرين بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، مما أثار استياء الرأي العام معتبرين أن ذلك القرار لا يتناسب مع الوضع المصري، وهو ما نفاه آنذاك وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند. وأوضح الزند: "إذا تم صرف هذا المبلغ فإنه يعادل أكثر من 150 مليون جنيه، وهو أضعاف الميزانية المخصصة لوزارة العدل، ويمكن للمختصين العودة للجهة المسؤولة عن الصرف وهي وزارة المالية". منح استحقاقية من الميزانية الخاصة وعلق الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري، على منح القضاة، موضحًا أنها من حق هيئة قضاة الدولة، نظرًا لوجود موازنة مستقلة يمتلكونها ومواردهم الخاصة التي تكون بعيدة عن أموال الدولة. وأضاف "بطيخ"، أن هذه المنح طبيعية، لعدم احتياج القاضي لأحد، واعتماده على موارده، إضافة أنه لابد من توفير حاجة القاضي لما يتعرض له من ضغوطات جسيمة في العمل، ناهيك عن الإغراءات المادية التي يتعرض لها بسبب عمله، فالتفكير في توفير ما يتمناه الفرد طبيعي بل مجزي للعمل، ما يؤدي إلى الحد من شرائهم أو التفكير في أعباء الحياه، مؤكدًا أنه بهذا الشكل يكون القاضي انشغاله هو عمله فقط، نظرًا لحساسيته. وأشار "بطيخ"، إلى أن هناك منحاً ثابتة تصرف من مجلس القضاء الأعلى للقضاة دورياً، تتمثل في منحة شهر رمضان، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، والمولد النبوى الشريف، ومنحة بداية العام الدراسى، بواقع نحو 5000 جنيه يعتمدها مجلس القضاء الأعلى من الميزانية المخصصة له. غياب العدالة واستطردت دعاء مصطفى، المحامية الحقوقية قائلةٍ: إن صرف منح القضاء بكل المناسبات تثير غضب الرأي العام، خاصة محدودي الدخل وغيرهم من موظفي الدولة، مؤكدة أن ذلك الوضع يكرس غياب العدالة الاجتماعية وشعور المواطن بأن القضاة فوق القانون. وأضافت "مصطفى"، ل "الفجر"، أن قيمة المنح بهذه المبالغ تستفز المواطن العادي الذي يعاني من الغلاء في ظل ارتفاع الأسعار، بل تساعد على تكوين فجوة وكره بين المواطن ومؤسسة القضاء، معتبرةً أن العدالة الاجتماعية تقتضي تساوي جميع الأفراد في الحصول على مصادر الثروة، في حين أن توجه الحكومة هو استثناء القضاة دون غيرهم. وأشارت "مصطفى"، إلى أن الخلل الموجود في هيكل المنح الحكومية سيظل معضلة في ظل هذه الاستثناءات، إذا أن الإصلاح المالي يقتضي توحيد الأجور والمرتبات بين أصحاب المؤهلات والخبرات الواحدة في كافة هيئات الدولة ومؤسساتها.
تمييز وتفرقة فيما يقول الدكتور محمد محي الدين، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، إن صرف المنح للقضاة ينطبق تحت اطار "طبقية وتمييز" في التعامل داخل الطبقات المصرية، والتفرقة بين فئات المجتمع، موضحًا أن لا توجد معايير واحدة للكادر أسوة بالدول الأوربية، ضاربًا مثلا في دولة اليابان بأن مرتب الوزراء يتساوى مع الموظفين مما يؤسس للعدالة، أما بمصر لا توجد معايير موحدة. وأضاف "محي الدين"، في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن مصر تحتاج لنظام توحد المنح لكل الكوادر كي تقضي على العنصرية الطبقية، مستنكرا منح القضاة:" للأسف هذا الوضع مستمر من فترة، ولا توجد حدود عادلة لرواتب في مصر". ولفت "محي الدين"، إلى أنه كلما تعددت الكوادر الخاصة في المهن، تصبح العدالة غائبة، وأن توزيع العادل بين رواتب الموظفين والعمال المصرين أيضا غائب وضائع، وعن الميزانية الخاصة لهيئة القضاة قال:" وإن يكن في ميزانية خاصة فأين العدالة في توزيع المنح مثلا على موظفي الدولة بالمهن كالطب، فهم من يساعدون في إدخال الملايين دون منح وإن تم بالأعياد بتكون ضئيلة جدًا"، لافتًا إلى أن العنصرية الطبقية هي السبب في تفاوت المنح.