لم يكن فيلم "هيبتا" الفيلم الوحيد الذي انتظره الجمهور قبل عرضه في دور السينما، فهناك الكثير من الأفلام التى أنتظرها الجمهور بفارغ الصبر بل وصل الأمر في بعض الأحيان لدرجه الهوس ففي فيلم "حرب النجوم" كان الجمهور ينتظر قبل طرح الفيلم بأسابيع أمام دور العرض، وحدث ذلك أيضًا مع بعض الأفلام المصرية ك"الفيل الأزرق" و"الجزيرة 2"، كان المشاهدين يصطفون أمام السينمات بالعشرات لدخول الفيلم، خصوصاً الأفلام المأخوذة عن روايات معروفة وحققت نجاحاً كبيراً. فيلم "هيبتا" لم يكن فقط فيلم ينتظره الجمهور بل فيلم يحتاجه الجمهور، فالفيلم دليل لكل صناع السينما في مصر أنه من الممكن أن يجتمع النجاح الفني والنجاح الجماهيري في عمل واحد و ليس بالضرورة الأفلام الكوميدية والاكشن هي التي تحقق الإيرادات وليست الراقصة والقبلات والمشاهد الساخنة وغيرها مما يعتقده المنتجين لضمان نجاح أفلامهم فقط.
ويعد فيلم "هيبتا" هو بداية جديدة فى نوعية من الأفلام الغير تقليديه، فالفيلم هو تجسيد لرواية "هيبتا" للمؤلف محمد صادق، تلك الرواية التي حققت أكثر مبيعات وقت صدورها، وقصة الفيلم تتلخص في محاضره عن الحب يلقيها دكتور يحيي (ماجد الكدواني) وأسم المحاضرة "هيبتا"، وهي تعني رقم 7 باليونانية، وهي مراحل الحب المكتمل من خلال أربع قصص لأربع فئات عمرية من الطفولة للمراهقة مرورًا بالشباب الي النضوج، ومن خلال تداخل القصص الأربعة في بعض المواقف المتشابهة يبدأ الدكتور في شرح طبيعة الحب الرومانسي، ذلك الإحساس الذي يجعل الحياة أكثر متعه وإثارة، الي أن تنتهي بعض القصص بالنجاح وبعضها بالفشل ولكن طبيعة الحب لم تتغير في كل القصص، ولكن الظروف وتغير البشر هي التي تفسد الحب وتنتهي المحاضرة وتنتهي أحداث الفيلم إلا أن حاله الفيلم كانت مهيمنة علي كل من شاهده، وذلك بسبب قرب الشخصيات الي عالمنا وعقدة الفيلم لم تكن خياليه ولكنها منطقيه لكل الشخصيات.
"هيبتا" يعتبر شهادة ميلاد للمخرج هادي الباجوري، لأنه أستطاع كسر هذه القاعدة باحترافية شديدة فبالرغم من وجود أربع حالات درامية إلا أننا لم اشعر بالملل ولو للحظة، أما بالنسبة للتمثيل فالجميع أبدعوا في أدوارهم ولم أتخيل من يكون أفضل من هؤلاء للقيام بأدوارهم بداية من أحمد مالك وجميلة عوض ذلك الوجه الملائكي التي ستكون ممثله من العيار الثقيل وخصوصا انها كانت تؤدي الدور ولم أشعر للحظة بالتمثيل وبالطبع لا أهمل ذكر عمرو يوسف الذي يزداد نموا ونضوجا في تقديم ادوار عميقة ومعقدة مثل دور( يوسف) أما بالنسبة لياسمين رئيس فدورها لم يضيف لها الكثير إلا إنها أدته ببراعة ولكن بالنسبة لأحمد داوود لم يكن علي قدر المسؤولية كباقي الممثلين كمن وجد نفسه في قصه حب فلا مجال للفرار، وكذلك دينا الشربيني لم تكن أداؤها مقنع كما هو معتاد عليها.
ماجد الكدواني لا يسعني كتابة كل ما يفي فى حق هذا الرجل فهو يعتبر الدينامو الذي يحرك كل الطاقات في الفيلم، فهو من يضع ثقلا للفيلم، وظهور مؤثر ومهم للفنان أحمد بدير ونيللي كريم ومحمد فراج الذي لم تتخطي مشاهده مشهد أو اثنين علي الأكثر.
كما أن الموسيقي التصويرية لهشام نزيه كانت بطلاً رئيسياً مثل باقي عناصر الفيلم، بل من أنجح عناصر الفيلم، فنادراً ما تجد اغلب الحاضرين لا يغادرون الصالة إلا بعد نهاية موسيقي التتر، وذلك لعمق الموسيقي وتناغمها مع الأحداث. فيلم "هيبتا" ليس فقط فيلماً جيدًا على المستوى الفني، إلا انه أمل للسينما المصرية ورسالة واضحة للمنتجين والنقاد بان السينما والجمهور المصري جمهور مثقف وواعِ لا يستهان بعقله ولا مشاعره بأفلام تقلل من قدره.