توجد العديد من الأسماء التاريخية التي يحفظها المصريين عن ظهر قلب وحفرت في وجدانهم، وهذه الأسماء تعد بصمة في التاريخ المعاصر ونحن في أمس الحاجة لسرد سيرتها وأن يتطلع الشباب لتاريخها خاصة في ظل الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية واللغط الذي نشهده من الناحية الدينية، ورغم أن هناك سيناريوهات درامية تحكي تاريخ "طلعت حرب، الخنساء، السادات، شجرة الدر"، وهذه السيناريوهات ملك لماسبيرو في قطاع الإنتاج هذه السيناريوهات حبيسة الأدراج بسبب الأزمة المالية، ولم ولن يلتفت إليها منتجي القطاع الخاص لأنهم لا يقبلون على الأعمال التاريخية ويرغبون في تقديم أعمال تجارية مضمونة الربح، وللأسف لن تخرج هذه الأعمال للنور إلا عن طريق قطاع الإنتاج. الأزمة المالية التي تضرب قطاع الإنتاج دفعت المخرج أحمد صقر، رئيس القطاع لإعلان رحيله إذا ما إستمرت الدولة في تجاهل الإنتاج الدرامي مشيرًا إلى أن تخلي الدولة عن دعم القطاع أعطى الفرصة للقطاع الخاص الذي لا يستهدف سوى الربح دون النظر للقيمة أو المضمون. وأضاف قائلًا: "رغم وجود خطط إنتاجية كل عام إلا أنها سرعان ما تتوقف ولا يتم تنفيذها بسبب عدم توفير الميزانية اللازمة فنحن نحتاج 100 مليون جنيه لإنتاج عملين بعد أن كان القطاع ينتج عشرة أعمال دفعة واحدة أصبحنا نبحث عن ميزانية لإنتاج مسلسل واحد، والدليل مسلسل "دنيا جديدة" الذي تم إنتاجه العام الماضي، وتم عرضه في رمضان وهذا يستدعي ضرورة إستخدام قوتها الناعمة في الإنتاج لدعم القيم الأخلاقية والتأكيد على النماذج الوطنية والتاريخية المشرفة في إطار خطط درامية مدروسة". ومن المسلسلات التي تقف حبيسة الأدراج مسلسل "طلعت حرب" والذي من المقرر أن يقوم ببطولته النجم أحمد السقا، وتقف الأزمة المالية في قطاعات الدولة دون خروجه للنور لمدة خمس سنوات حتى خرجت شركة صوت القاهرة تصريحات تفيد بإنتاج المسلسل مع مدينة الإنتاج الإعلامي وذلك بعد تولي المخرج والإعلامي محمد العمري، رئاسة الشركة وذلك في إطار خطة وضعها للشركة للنهوض بها بعد توقفها عن الإنتاج لسنوات، ولا نعلم إذا ما كان بالفعل لديه الميزانية اللازمة لإنتاج عمل درامي ضخم يليق بإسم وتاريخ طلعت حرب، مؤسس بنك مصر وشركة مصر للطيران ومصر للتأمين واستوديو مصر في وقت كانت مصر تعاني فيه من الإحتلال الإنجليزي، أم أن هذه تصريحات دعائية للإستهلاك المحلي لشركة تعاني من أزمة مالية. يقول محمد السيد، مؤلف مسلسل "طلعت حرب" الحقيقة أنه تم التعاقد منذ سنوات بيني وبين مدينة الإنتاج الإعلامي إلا أنها لم تتحرك للأسف رغم إبداء بنك مصر نيته الصادقة في التعاون ودعم المسلسل والمساهمة في خروجه للنور. وفي عام 2014 طلبت شركة صوت القاهرة بعد أن تولى أمرها الإعلامي محمد العمري، شراء المسلسل مع وعد بتنفيذه فورًا وبالفعل وافقت على بيعه للشركة إلا أنه من الواضح أن هناك أزمة سيولة لدى الشركة لأنها كانت منتج منفذ بأموال القطاع الإقتصادي، والقطاع حاليًا ليس لديه ما يقدمه للشركة والموقف الآن أن المسلسل لا زال في نقطة البداية. ويستكمل السيد قائلًا: "كانت وكالة الأهرام للإعلان قد اتصلت بي بعد التوقيع لصوت القاهرة بأيام معدودات وقمت بالتنسيق بين الجهتين إلا أنهم لم يتفقوا وانتهى الأمر بانفراد صوت القاهرة بالمسلسل وأعلنت أنها ليست في حاجة للتعاون مع وكالة الأهرام لأنها لديها وكالة خاصة للإعلانات وما يزيد الأمر تعقيدًا هو الإحساس بأن الكيانات الإنتاجية التابعة لإتحاد الإذاعة والتلفزيون أن تنتظر حتى إعادة الهيكلة". ومن المسلسلات التي ما زالت حبيسة الأدراج أيضًا مسلسل "الخنساء" للمؤلف أشرف شتيوي، والذي يقول إن العمل تجسيد للثقافة التاريخية للأمة ويؤكد على فكرة التواصل بين الأجيال وأهمية الإستفادة من النماذج المتميزة عبر التاريخ ولكن من الواضح أن هناك من يريد تعميم ثقافة الكباريهات على حساب الثوابت والقيم والمباديء وقد تبني قطاع الإنتاج برئاسة أحمد صقر، إنتاج المسلسل وقمنا بعقد جلسات فنية للبت في الأمر ووضع اللمسات الأخيرة لإختيار الفنانيين وأجرى القطاع الإقتصادي إتصالات بالقنوات الفضائية لوضع خطة تسويق للمسلسل ويبقى ضخ الميزانية للتنفيذ وفي حال توقف الميزانية سيضيع كل مجهوداتنا هباء وسيظهر القائمين على أمر الدراما الحكومية بصورة العاجزين عن تقديم أعمال فنية جادة. ويرى شتيوي، أن العجز المالي في إنتاجات الحكومة يمثل العقبة الوحيدة أمام الدراما الجادة مما يصب في صالح الإنتاج الخاص الذي يجري وراء الأرباح التي يحصدها من تقديم الثقافات الرخيصة وهناك أيادي خبيثة تعبث بكيانات الدولة المصرية في مجال الفن والإعلام وتقوم بإظهار ما هو في قاع المجتمع ليعتلي الأضواء ويكون الإنحطاط هو النموذج السائد في مصر أمام العالم الخارجي ويحزنني بشدة أن نجد دولة قطر الآن لإنتاج عمل تاريخي ضخم للمخرج محمد عزيزية، تتعدى ميزانيته مبلغ ال 200 مليون جنيه بينما أعمالنا في مصر لا تجد من يمولها. ومن الأعمال حبيسة الأدراج أيضًا مسلسل "السادات" الذي تعاقد قطاع الإنتاج على تنفيذه منذ سنوات وحصل على موافقة السيدة جيهان السادات والشئون المعنوية للقوات المسلحة ولكن عدم توافر السيولة المالية لإنتاج العمل تم تأجيله. أيضًا مسلسل "شجرة الدر" من تأليف الكاتب الكبير يسري الجندي، يعد عمل تاريخي ضخم يرصد حياة الملكة شجرة الدر وكيف أنها تحولت من خادمة في عصر المماليك إلى ملكة تحكم مصر ولكن عجز الميزانية التي قد تصل إلى 50 مليون جنيه تم تأجيل العمل لحين البحث عن شريك منفذ. كذلك نجد مسلسل "الطريق إلى رأس العش" هو عمل تاريخي ضخم يرصد الفترة من 1967 وحتى إنتصارات أكتوبر المجيدة وكلها أعمال درامية جادة وهادفة وجاهزة للتنفيذ لكنها فقط تحتاج من يمولها ويخرجها للنور كقيمة فنية ممتعة لملايين الجماهير.