مخاطبات بين "الرئاسة" و"الزراعة" و"الرى" و"جهاز المحاسبات": ■ ترعة الصف تكلف إنشاؤها 80 مليون جنيه.. وتم إصلاح عيوبها ب 186 مليون جنيه ■ وزارة الرى رفضت استلام الترعة التى تم إنشاؤها عام 1987 سوى فى عام 2002 هذه قصة فساد عمرها 34 عاما.. ترعة "الصف" أنشأتها وزارة الزراعة لتحيى بها الأرض فأماتت بها الناس.. تكلف إنشاؤها 80 مليوناً، لكن تكلفة إصلاح عيوب الإنشاء تخطت 186 مليون جنيه!.. حاولت كل الهيئات الرقابية والإدارية أن تفكك طلاسم القضية لكنها فشلت، من رئاسة الجمهورية إلى وزارات الزراعة والإسكان والرى ومحافظة الجيزة وصولا إلى الجهاز المركزى للمحاسبات.. ومازالت مياه الصرف تجرى فى الترعة لتروى 40 ألف فدان منتجاتها تصيب الناس بالسرطان والفشل الكلوى والكبدى. بدأ العمل فى إنشاء الترعة عام 1982 وانتهى عام 87 واطلقت فيها المياه عام 1992 وهو نفس العام الذى اكتشفت فيه العيوب وبدأ العمل على إصلاحها، وتناوب كل مسئول تنفيذى فى وزارات الزراعة والرى ومحافظة الجيزة على الأزمة حتى وصلت إلى مكتب رئيس الجمهورية عام 2014، وصدر تقرير من الرئاسة يحمل رقم 1073لسنة 2014، والذى ارسل إلى رئيس مجلس الوزراء، بناء على تقرير وارد من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات. وقال تقرير المركزى المرفوع لرئاسة الجمهورية إن هذا المشروع مثال بارز لإهدار المال العام، وسوء التخطيط والتقدير بين وزارات الدولة وهيئاتها وشركاتها، نتيجة وجود أخطاء وعيوب جسيمة تصميمية، وفنية، وبينية، ومجتمعية، وإضرار بصحة المواطنين والبيئة والمجتمع، نتيجة استخدام مياه الصرف الصحى فى زراعة المحاصيل التقليدية والمحاصيل التى تؤكل، وتغذى الحيوانات المدرة للألبان "مثل البرسيم" المنزرع بمياه الصرف الصحى، وتدمير أراض زراعية كانت من أجود الأراضى. بلغت قيمة المنصرف على إنشاء ترعة الصف 80 مليون جنيه.. بينما بلغت التكاليف الظاهرة لإصلاح عيوب الترعة مبلغ 186 مليون جنيه، وقد انتهى الأمر إلى انشاء ترعة جديدة، واستمرت هذه السلبيات أكثر من 26 عاماً دون حساب أو عقاب. وأشار تقرير الرئاسة إلى أهم مشاكل المشروع.. يقول التقرير إن الهيئة العامة لمشروعات التنمية والتعمير الزراعية فى عام 1986، وكانت تتبع وزارة الإسكان، قامت وقتها بعمل دراسة جدوى للمشروع ، وقامت بإسنادها إلى شركة وادى كوم امبو لاستصلاح الأراضى (شركة قطاع عام)، وكان الهدف من إنشاء الترعة صرف مياه الصرف المعالجة من محطة صرف جنوبالقاهرة، والاستفادة منها فى استصلاح أراضى جديدة تصل إلى 40ألف فدان بمحافظة الجيزة. ظهرت العديد من المشكلات بعد انتهاء التنفيذ فى عام 1987، وإطلاق المياه بها أوائل عام 1992، أهمها مشكلات تتعلق بارتفاع مناسيب المياه، وعدم قدرة الترعة على استيعاب التصرفات الواردة إليها من محط تنقية الصرف الصحى. كذلك عدم وصول المياه للأراضى المستصلحة لعدم تطهير الترعة، ووجود فتحات رى مخالفة بالإضافة إلى رشح وارتفاع نسبة الملوحة بالأراضى الزراعية. وهو ما أدى إلى رشح وتدمير أراض زراعية كانت من أجود الأراضى الزراعية، والارتفاع المضطرد فى مناسيب المياه الجوفية بقرى الصف، مما أدى إلى غمر الشوارع والكثير من المنازل بالمياه. وهناك مشكلات بيئية تتمثل أهمها أن الترعة تصب فى مخر سيل اطفيح الذى يصب فى نهر النيل، بالإضافة إلى استخدام مياه الصرف فى زراعة المحاصيل الحقلية والتقليدية، والتى تؤكل نيئ وتغذى الحيوانات المدرة للألبان على محاصيل تم ريها بمياه الصرف الصحى، مما يمثل خطور كبيرة على الصحة العامة، ويصب بالترعة يوميا 170 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى غير المعالجة. بالإضافة إلى عدم استلام وزارة الموارد المائية والرى للترعة حتى عام 2002 مما أدى إلى تفاقم المشكلة لعدم وجود جهة فنية مسئولة عن الترعة. وجاء بنفس التقرير أن مشكلات ما بعد التشغيل جاءت نتيجتها أنه تم اكتشاف أخطاء فى دراسات الجدوى والتصميمات الهندسية، وأخطاء فى التنفيذ من شركة وادى كوم امبو، وعدم مطابقة ما نفذ فى الطبيعة على الرسومات ووجود أخطاء وعيوب فنية فى تنفيذ الأعمال، وعدم وجود بنية داخلية لتوزيع المياه على الأراضى المستصلحة، والقصور فى توعية المنتفعين بنوع الزراعات، وقيام جهاز 15 مايو بصب مياه الصرف الصحى غير المعالج على الترعة، وكذلك انتشار المحاجر ومصانع الطوب، على معظم مسار الترعة مما يشكل خطورة عليها. فيما اتخذت بعض الإجراءات لعلاج تلك المشكلات كان أهمها تنفيذ ترعة جديدة بجوار الترعة الحالية بطول 24 كم بتمويل من وزارة الرى، بالإضافة إلى إصلاح الترعة القديمة من المسافة ك24 إلى ك52 نهاية الترعة، بتمويل من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، إلا أن الأمر الغريب هو إسناد جزء كبير من عملية إنشاء الترعة الجديدة، وإصلاح القديمة تم إسناده إلى شركة وادى كوم امبو والتى تسببت فى المشكلة من الأساس. وانتهى التقرير الصادر خصيصا للرئاسة بضرورة محاسبه المسئولين عن سوء التخطيط وإهدار المال العام والإضرار بصحة المواطنين نتيجة استخدام مياه الصرف الصحى فى زراعة المحاصيل التقليدية. وكشف مصدر بوزارة الزراعة أن المشروع برمته من المفترض أنه أحيل إلى وزارة الموارد المائية والرى، وأنه ملف تائه لتضارب القرارات، وتعدد الجهات المختصة، وأكد أن هيئة الصرف المغطى تقوم حاليًا بعمل أبحاث وجسات حقلية، وذلك لوضع تصور نهائى فيما يتعلق بتصميم وإنشاء شبكة الصرف الزراعى للأراضى الزراعية بمنطقة الصف والبالغ مساحتها أكثر من 40 ألف فدان، والتى تزرع منذ عدة سنوات دون وجود شبكة لمياه الصرف الزراعى، مما تسبب فى حدوث انهيارات لجسور ترعتى الصف القديمة والجديدة، لافتاً إلى أن هذه المساحات تزرع بالمخالفة وهى مخصصة لزراعة الغابات الخشبية، وليس الزراعات التقليدية مثل الخضر والفاكهة، حتى يتم القضاء نهائياً على المشكلة والاستفادة من مياه الصرف الزراعى، التى تتسرب إلى باطن الأرض، علاوة على ضرورة قيام وزارة الإسكان باعتبارها المسئولة عن محطات الصرف الصحى بإنشاء خزان موازنة جديد يتم توصيله للترعة الجديدة وبهدف السعة الاستيعابية للمحطة لأن السعة الحالية لم تعد ملائمة لاستيعاب الكميات المتزايدة من محطات الصرف التابعة للمحطة الرئيسية "عرب أبو ساعد" علاوة على عدم استخدام طريقة المعالجة الثنائية لهذه النوعية من المياه. خطاب بين الرئاسة والمركزى للمحاسبات والوزراء - خطاب هيئة التعمير