إمرأة ب 100 رجل، أو بحسب ما يصفها جيرانها في تلك المنطقة الشعبية ب«الشقايه»، حيث ظلت لأكثر من 30 عامًا تعمل وتكد مع زوجها بين ورشة لصناعة الأحذية وصناعة الشاي على بوتاجاز في المنزل وبيعه، إلى أن أصبحت «معلمة» ومالكة مقهى، لتضرب بذلك مثلًا لصبر وتحمل المرأة المصرية ووقوفها إلى جانب زوجها حتى يستطيعا معًا تربية أبنائهم. يوميًا من الثانية ظهراً حتى قبل أذان الفجر تجدها جالسة على مكتبها البسيط الذي يعلق خلفه على الحائط «بورتريه»، كبير لصورتها، وكأنها تعتز كثيرًا بنفسها وبقصة كفاحها مع زوجها الذي تضع صورته في نفس البورتريه الذي يعلق على الحائط المواجه لمكتبها. المعلمة شادية أو «أم ويه»، ذات ال 54 عام، هكذا يلقبونها أبناء «درب شغلان»، في منطقة الدرب الأحمر، والتي تعمل «قهوجيه» منذ أكثر من 30 عام وارثة المهنة عن والدها ومن بعده زوجها الذي استطاعت معه أن تكون مالكة مقهى، بعد أن كانا يملكان فقط «بوتاجاز»، كانت تصنع عليه الشاي في غرفة معيشتهم البسيطة، ليقوم هو بتوزيعه على الزبائن في السوق القريب من مسكنهم، وبعد أن استأجر محلاً بسيطًا كانت تحمل إليه جوالات الفحم والسكر لتساعده، قائلة: «كنت بعمل كده بدافع إني أساعده عشان نربي العيال». عملت «أم ويه» مع زوجها وساندته حتى استطاعا أن يربيا معًا أبنائهم السته: «سعيد، أحمد، سيد، نجيب، منير، حافظة»، إلى أن تزوجا وتوفى والدهم بعد صراع مع المرض، فلم تكن تجربتها في العمل معه بالقهوة هي التجربة الأولى، حيث أشارت إلى أن زوجها كان يعمل «جزمجي»، وكانت تعمل معه وتصنع الأحذية، مستكملة: «كنت بحبه لأنه صاني وعززني». وعن الصورة المرسخة بأذهان المصريين حول معلمة القهوة، قالت «أم ويه» ل«الفجر تي في»: «الصورة دي غلط مش باشتم حد ولا بقعد بالشيشة في إيدي .. مبحبش الحاجات دي ومش بشربها وعندي عزيمة من ربنا .. وشخصيتي قوية مع أولادي والزبائن لأن الشارع بيحتاج كده.. وبتعصب وبعيط لكني مش بضرب حد وهو مش ضعف لكني بيصعب عليا نفسي، وعمري ما ضربت راجل قبل كده». وأضافت: «الجميع يحترمني ويقولوا ست (شقاية) .. واللي ميعرفنيش بيستغربني .. بس لما بيعرفوني بيقولوا عليا ست ب 100 راجل». ولفتت أم ويه إلى أنها رفضت عمل ابنتها معها في المقهى، موضحة أنها كانت تتمنى أن تكمل تعليمها العالي إلا أن مرضها منعها حتى جلست في المنزل لتخدم أخوتها وتزوجت.