وزير الخارجية الجزائري يبحث مع باتيلي آخر المستجدات على الساحة الليبية    تعاون بين «التعليم» و«المتحدة» في مراجعات الثانوية العامة    أسعار الذهب بالسوق المحلية في ختام تعاملات الثلاثاء 16 ابريل    80 قرشًا.. الغرفة التجارية ببورسعيد تعلن تخفيض سعر الرغيف الشامي والفينو    تراجع سعر الفراخ الساسو واستقرار البيضاء وكرتوتة البيض بالأسواق الأربعاء 17 أبريل 2024    رئيس هيئة الطرق والكباري: انطلاق الأتوبيس الترددي على الدائري في هذا الموعد    اختيار النائبة سحر البزار لرئاسة أول مجلس للنساء البرلمانيات في تاريخ البنك الدولي وصندوق النقد    غرفة السياحة: انخفاض أسعار عمرة شوال بنحو 25 ألف جنيه مقارنة برمضان    إجراء عاجل من "دي دي مصر" بعد واقعة "فتاة الشروق"    تدريس مواد «المثلية الجنسية» بالمدارس الألمانية في مصر.. ما القصة؟    الاحتلال يعلن اغتيال قائد الوحدة الصاروخية التابع لحزب الله بجنوب لبنان    اللواء سمير فرج: نتنياهو يريد اجتياح غزة وابتزاز أمريكا    لمدة 6 أشهر.. لماذا رفض السيسي مقترح مدير المخابرات الأمريكية بإدارة غزة؟    ضياء رشوان: هكذا سيكون رد إسرائيل على الضربة الإيرانية    برشلونة يخسر مكانه فى كأس العالم للأندية 2025 وأتلتيكو مدريد يتأهل    «لافندر» سلاح إسرائيل لقتل الفلسطينيين بالذكاء الاصطناعي.. سمير فرج يكشف التفاصيل    خبيرة بالدراسات الإيرانية: أمريكا تضغط على إسرائيل بعد عملية طهران    مصدر ليلا كورة: محمد شكري يتعرض لإصابة بقطع في الرباط الصليبي    إنريكي : مواجهة برشلونة لم تكن سهلة.. وفعلنا كل شيء لنكون أفضل منهم    إبراهيم نور الدين: لا أبحث عن اللقطة.. ولم أقلل من قمة الأهلي والزمالك    مدرب مازيمبي: سنستفيد من فوز الزمالك على الأهلي في مباراتنا    رئيس مودرن فيوتشر: ننتظر اعتذار الزمالك بسبب ناصر ماهر    ملف رياضة مصراوي.. عقوبات الزمالك.. فوز يد الأهلي على الأبيض.. وريمونتادا باريس    ملف يلا كورة.. تأهل باريس ودورتموند.. عقوبات الزمالك.. ومجموعة مصر بأولمبياد اليد    "أبطال أوروبا ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الأرصاد: ارتفاع مؤقت في درجات الحرارة تصل إلى 36 درجة مئوية    محافظ القليوبية يقود حملة ليلية لإزالة التعديات على الأرصفة والطريق العام بشبرا الخيمة    ضبط عامل أستولى على 1.3 مليون جنيه من 7 أشخاص بزعم تسفيرهم للخارج بسوهاج    تحقق توقعات ليلى عبد اللطيف عن حالة الطقس في سلطنة عمان.. ماذا قالت؟    المؤبد لقاتلة زوجها المسن بقنا    اختلست مليون و150 ألف جنيه.. السجن 15 سنة ل أمين مخزن مستشفى ببورسعيد    إصابة شخصين فى حريق حظيرة مواشي بأسوان    غادة عبدالرازق: نجاح مسلسل كسر العقارب كسر نحس نجاحات كبيرة    يتمتعون بجاذبية خاصة.. 3 أبراج لا تكشف أوراقها في الموعد العاطفي الأول    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 17-4-2024 مهنيا وعاطفيا.. كن صبورا    بالصور.. من هو فكري عبد الحميد شبيه عادل إمام الذي أثار الجدل مؤخراً ؟    محمد قماح يستعد لطرح ألبوم غنائى بطابع موسيقى خاص ولوك جديد بوزن مثالى    "اتبعي إحساسك".. الفنانة سيمون تكشف عن نصيحة والدها وسر عودتها للفن    دعاء قصير للمريض: اللهم أذهب من حولِه الهم والحزن والمرض وبدل مرضه بالشفاء العاجل يا كريم    33 كلمة قد تفهم خطأ في القرآن.. صحّح معلومات عن كتاب الله    عاجل من استشاري المناعة لكيفية تعامل هذه الفئات مع المنخفض الخماسيني    الشيف سالي فؤاد تقدم طريقة عمل السمان المشوي وكيكة الشوفان بالتفاح ومشروب الزبادي    نقابة الصيادلة: ارتفاع أسعار أدوية الأمراض المزمنة بنسبة تصل ل 25%    الفنان أحمد ماهر ينهار باكيًا على الهواء مع لميس الحديدي.. اعرف السبب    ملامح تحسين أحوال أئمة الأوقاف المعينين في عهد الرئيس السيسي    مصرع مبيض محارة انهارت عليه حفرة أثرية بسوهاج    أبرز أدعية شفاء المريض.. تعرف عليها    مستشار بمركز الأهرام للدرسات السياسية: العالم يعيش مرحلة من السيولة    هتركب عربية.. أرخص 5 سيارات تحت ال 50 ألف جنيه بسوق المستعمل    القمص بطرس بسطوروس يهنئ رئيس مدينة دسوق بكفر الشيخ بعيد الفطر المبارك|صور    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل في بني سويف    حجازي يوجه بتشكيل لجنة للتحقيق في ترويج إحدى المدارس الدولية لقيم وأخلاقيات مرفوضة    بالفيديو.. خالد الجندي: الأئمة والعلماء بذلوا مجهودا كبيرًا من أجل الدعوة في رمضان    إحالة 5 من العاملين بوحدة تزمنت الصحية في بني سويف للتحقيق لتغيبهم عن العمل    "من 4 إلى 9 سنين".. تعرف على سن التقدم للمدارس اليابانية والشروط الواجب توافرها (تفاصيل)    روشتة صحية لمواجهة رياح الخماسين غدا.. وهؤلاء ممنوعون من الخروج للشارع    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب: أحزان شخصية فى رسائل سياسية
نشر في الفجر يوم 11 - 02 - 2016


غابت الحرية فهزمت الدولة الناصرية
■ يا سيدى السلطان ما قيمة شعبك إذا كان نصفه ليس لديه لسان؟
■ أصبحنا نخاف الكلام فى المنتديات والتليفونات خشية فضائح التسجيلات
أخشى أن تصبح الحرية كلمة سيئة السمعة.. نتهمها بالكفر.. أو العهر.. أو التآمر.. فنسارع بوضع الحديد فى يديها.. ونسد بشريط بلاستر شفتيها.. ونكسر أصابعها حتى لا تكتب وصيتها.
الحرية.. عصا سحرية ترسم تقاطيع وجوهنا.. وطول قامتنا.. ولون عيوننا.. وملامح وجوهنا.. وجرأة ألسنتا.. ومستقبل بلادنا.. وشكل نظامنا.. ويكفى أن نمسك بها حتى تتغير تركيبة دمائنا.
لكننا.. حولناها من عصا سحرية إلى عصا أمنية.. تشل اللسان عن التعبير.. والعقل عن التفكير.. والتصرف عن التدبير.
لنفقد خصائصنا.. وتفردنا.. ومواهبنا.. وخرائطنا.. وسمعتنا.
لنحشد جميعا فى طابور.. ننام ونستيقظ بأمر الباشا المأمور.
كل ما نحلم به ونسعى إليه حفنة من العلف.. منتهى الصلف.
الصوت الجميل ينحشر فى الحنجرة.. ليصبح الغناء نوعا من البكاء.
الريشة المبدعة تجف من موت الألوان.. فالحياة جرداء.. واللوحة سوداء.
النكتة اللاذعة تستقبل مشيعيها فى سرادق عزاء.
الاجتهاد الذى أوصانا به الدين يفقد اليقين.. وينتهى أصحابه إلى الزنازين.
الدولة القوية.. المتينة.. تهددها وتفتتها وتفرقها الهزيمة.
لم تحتل مصر فى يونيو 1967 بسبب ضعف جيشها أو نقص عتادها وإنما بسبب القسوة التى فرضها عليها حكامها.
عجز السياسيون والمحللون والاستراتيجيون عن تفسير ما جرى فى تلك الأيام الحزينة ونجح شاعر مثل نزار قبانى فى تشخيص الجريمة بكلمات جريئة.
لقد تورطنا فى الحرب بلغة فاشية.. قديمة.. دون أن نفك الخط فى كتب الحرية المثيرة.. دون أن نلفظ فكر العبودية الذى قادنا إلى تلك الجريمة.. وجعل منا أمة جريحة.. لنصبح خبرا فضيحة فى صحيفة قديمة.
خلاصة القضية.. توجز فى عبارة.. لقد لبسنا قشرة الحضارة.. والروح جاهلية.
يزيد: جربوا أن تكسروا الأبواب.. أن تغسلوا أفكاركم.. وتغسلوا الأثواب.
ويعيد: جربوا أن تقرؤوا كتابا.. أن تكتبوا كتابا.. أن تزرعوا الحروف والرومان والأعناب.. الناس خارج السرداب يحسبونكم نوعا من الذباب.
ويضيف: لو أحد يمنحنى الأمان.. لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان.. قلت له: يا سيدى السلطان كلابك المفترسة مزقت ردائى.. ومخبروك دائما ورائى.. عيونهم وأنوفهم وأقدامهم ورائى.
ويكرر: كالقدر المحتوم كالقضاء.. يستجوبون زوجتى.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائى.. يا حضرة السلطان لأننى اقتربت من أسوارك الصماء.. لأننى.. حاولت أن أكشف عن حزنى.. وعن بلائى.. ضربت بالحذاء.. أرغمنى جندك أن آكل حذائى.
ويستطرد: يا سيدى السلطان.. لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبك.. ليس له لسان.. ما قيمة الشعب الذى ليس له لسان؟.. لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان.. فى داخل الجدران.
ويصرخ: لو أحد يمنحنى الأمان من عساكر السلطان.. قلت له: لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان.
منذ تلك السنوات البعيدة الممتدة إلى الوراء نحو نصف قرن شخصنا فى كلمة واحدة الداء.. القهر.. اعتبرناه الأشد خطورة بين أصناف الأعداء.. لكننا.. تجاهلنا عن عمد تقبل الدواء.. أو قضية الإنسان.. فسقط فى مستنقعات الفشل رغم حسن النية وسلامة القصد سلطان بعد سلطان.
ما أن أصبح جمال عبد الناصر زعيما شعبيا يمشى وراءه الناس منومين بسحر كلماته حتى سجن كل التيارات.. بنى مصانع ومدارس وجامعات ومؤسسات ومستشفيات.. لكنه.. ضاعف أيضا عدد المعتقلات.
هل كلما أطعمنا فما أسكتنا صوتا؟
ألم يكن ثمن ضياع الأرض انتهاك العرض؟
هل يموت العبيد حماية للحدود؟
ألم يكن جلادو التعذيب والتشويه والتحطيم من جعل اليهود يتسللون كالنمل الأسود تحت جلودنا؟
قانون شهير ينافس سريان النيل: كلما زادت شعبية الحكم زادت مساحة الظلم؟.
وبدأ أنور السادات عهده بالتغزل شعرا فى البشر.. لكنه.. أنهاه بضرب واعتقال كل القوى السياسية والحزبية والدينية والصحفية والفكرية فى حملة شرسة أكثر شدة من القضاء والقدر.
سمح باستيراد كل السلع الخارجية من الشطة إلى الشيكولاتة.. ومن السمك المجمد إلى الزيتون المجعد.. ومن المثلجات إلى الغسالات.. لكن.. رجاله وقفوا بالمرصاد أمام دخول الكتب والأفلام والأفكار التى تنتصر للحريات.. ووضعوها على قائمة الممنوعات.. أسهل فى هذا الوطن الوصول إلى المخدرات.
إن الشعوب التى بنت الناطحات حفظت المعلقات.. وقبل أن تصل إلى الرفاهية مشت بصرامة وجدية على خط الديمقراطية.. فالخبز يصبح طعاما عفنا فى المجتمعات الديكتاتورية.
وجاء مبارك ليجثم على صدورنا عشرات الأعوام.. وحسبنا رحيله بالثوانى والساعات والأيام.. لكنه.. فى عزبة السلطة العائلية وضع الكفاءات فى توابيت.. ليمنح ابنه وهم التوريث والتثبيت.
واليقين أنه جعل من النهب نوعا من الصيد الثمين.. لم يتوقف على مدار السنين.. وتضاعف يوما بعد يوم عدد المعدمين.. ولم تعد البلاد ملاذا للتائهين.. وتمنينا أن نستيقظ ذات صباح لنجد فى قصر الرئاسة أمير المؤمنين.
وفى ثورة يناير خرجت الميادين تطالب بتحطيم الزنازين.. لكن.. المناضلين الغاضبين أصبحوا يائسين.. محبطين.. متألمين.. وسرق الحلم القديم من عيونهم من ادعوا أنهم وكلاء رب العالمين.. ليصفوا المخالفين والمعارضين والمستسلمين بالتكفير والسباب والسكين.. فلم يقل لهم أحد آمين.
باعوا الفتوى فى المزاد.. حرقوا المساجد والكنائس والبيوت وشهادات الميلاد.. شطبوا الأسماء.. رجموا النساء.. فرضوا علينا سياسة الجراد.. وكانت حجتهم أنهم وحدهم من يتحدث باسم السماء.
وخرجت ثورة أخرى فى يونيو التالى لحكمهم.. تطردهم من الجنة فى سنة الحنة.. حاصرهم اللهيب.. وسأل الشعب بصوت الرحيل: هل من مجيب؟
وجاء نظام صديق ليعوضنا كبت الأيام.. لنحقق معه الأحلام.
لنعيد لنهر الحرية حق العودة للجريان.. وليسمح لكل عصافير الدهشة والكلمة واللقطة واللوحة والقصيدة والسيمفونية بالطيران.. لكن.. خرج من بيننا من يحرقها بالنيران.. مهددا بالطوفان.
تحريض بالليل على الفضائيات.. ولكمات بالنهار تخرج من بين سطور المقالات.. وخرجت جحافل الإلكترونيات تطالب برؤوس النكات والكاريكاتيرات.. وحشت اللغات بالمتفجرات.. وصبوا على كل من يبتكر أو يختلف فى تفسير المفردات.. اللعنات.
اقتلوا إسلام بحيرى فقد اجتهد.. شوهوا فاطمة ناعوت فقد طغت.. احبسوا رسام الكاريكاتير إسلام جاويش فقد تجاوز.. أدينوا رنا السبكى فقد خدشت الحياء.. والمجد للأولتراس.. حرقا وسبا وتهديدا ووعيدا.
أصبحنا نخاف الكلام فى المنتديات والتليفونات.. نزعنا منها البطاريات.. لم نعد نعرف من أين تأتينا الضربات.. كفنا ألسنتنا بالصمت خشية الفضح بنشر التسجيلات.
نسينا حربنا المقدسة فى سيناء على الأشباح السوداء.. وتفرغنا لتدمير الأسوياء.
نوع جديد من القمع.. جعل من رموزنا أوهاما من شمع.. فخسرنا الكثير من المواهب.. استدنا لرتبيتها وتعليمها وتدريبها بكمبيالات مستحقة الدفع.
لقد ظهرت من جديد كتائب الحسبة.. فرضوها علينا من اليمين إلى الشمال.. ليمزقوا حبال الود والوصال.
سحقوا بها فضيلة الحوار.. استخدموها باللعب وراء الستار.. والغوا بها طلوع شمس النهار.
هل بعد ذلك كله لا نعرف أعداء النظام؟
مرة أخرى.. عندما قتلنا بهمجية وعنصرية ومذهبية وقبلية ووثنية.. سيدة كونية اسمها الحرية.. تصدعت الدولة المصرية.. فهل نعيد لها الجنسية؟
للمرة المليون.. الكلام المليان يبدأ باحترام حقوق الإنسان.
للمرة المليار تقوى الأمم بالخيال والاجتهاد والتفكير والتعبير والابتكار.. لا بالطبلة والمزمار.
عادل حمودة يواصل «عملاء تحت عمائم» قريباً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.