منذ فجر التاريخ، وحتى اليوم، تظل أزمة الفكر عالقة دون النظر لها، وتتصاعد الأزمة في المجتمعات مع المفكرين والمبدعين تحت مسمى (ازدراء الأديان)، الذي يعد توصيف لفعل «مجرم» بحسب قانون العقوبات في مادته رقم 98، التي تنص على معاقبة كل من يستغل الدين للترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو التحقير أو الازدراء، بالحبس أو الغرامة. ولكن الواقع يشير إلى أن المادة التي أدرجت لمواجهة تطرف الجماعات الإسلامية في تحريضها ضد أصحاب الديانات المختلقة، باتت مصيدة لأدباء ومثقفين وباحثين، لمجرد تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم، وهذا يعتبر غير قانونياً. ورصدت «الفجر» أشهر الأدباء والمبدعين الذين اتهموا بازدراء الأديان. فاطمة ناعوت قضت محكمة جنح الخليفة بالحبس 3 سنوات والغرامة 20 ألف جنيه ضد الكاتبة فاطمة ناعوت، لاتهامها بازدراء الأديان بسبب السخرية من شعيرة «الأضحية»، من خلال تدوينه لها على (فيسبوك). فيما نفت الكاتبة الصحفية أمام النيابة، أن يكون هدفها هو ازدراء الدين، موضحةً أن تناولها القضية غير مخالف للشريعة الإسلامية من وجهة نظرها، وأكدت أن ذبح الأضحية يعد نوعًا من الأذى الذى يحمل «استعارة مكنية»، وأن ذلك كان على سبيل الدعابة. وأعربت فاطمة ناعوت، عن استيائها من الحكم، قائلة: شكرًا للقضاء المصري وأحترم حكمه، رفعت الأقلام وجفت الصحف وقضي الأمر. وتابعت: لم أحزن على جهدي في الكتابة التنويرية لمدة 15 عاماً، وإنما حزنت على جهد 9 قرون من الكتابات التنويرية لأساتذتي بداية من الكواكبي وصولًا إلى طه حسين. باسم يوسف اتهم بازدراء الدين الإسلامي والسخرية من الصلاة، والسخرية من المعزول محمد مرسى في مجموعة من حلقات برنامجه «البرنامج»، وتم إخلاء سبيله بكفالة قدرها 15 ألف جنيه. فرج فودة لم يتهم الدكتور فرج فودة أو ترفع ضده قضايا، لكنه كُفر من قبل مشايخ الأزهر، حيث أنه ظل ينادي طوال حياته بالدولة المدنية وإبعاد السياسة عن الدين حتى شنت أكثر الجماعات الدينية رسمية ، وهى جبهة علماء الأزهر هجومًا شرسًا وصل إلى إهدار دمه، واغتيل في نهاية الأمر بسبب قناعاته، في 8 يونيو 1992. نصر حامد أبوزيد واجه المفكر نصر حامد أبوزيد، اتهامات بالكفر والردة عن الإسلام والزندقة وحكم عليه بالتفريق بينه وبين زوجته من مجمع البحوث الإسلامية، بعد صدور كتابه «مفهوم النص»، أوصى مجمع البحوث بإبعاده عن التدريس بدعوى «الحفاظ على عقيدتهم»، كما تم منع تداول مؤلفاته بين الطلاب والقراء. نوال السعداوي تتعرض الكاتبة نوال السعداوي بين الحين والآخر للتكفير وطالتها اتهامات بازدراء الأديان، بسبب أعمالها وتصريحاتها، حتى طالب مجمع البحوث الإسلامية بإسقاط الجنسية المصرية عنها بعد نشر إحدى مسرحياتها، في واحدة من أبرز محاكمات الأفكار والمصادرة على حرية التفكير فضلًا عن اتهام ابنتها الدكتورة منى حلمي بنفس التهمة، بسبب دعواتها إلى إضافة اسم الأم مع اسم الأب للأطفال. كرم صابر في 11 مارس 2014، أيدت المحكمة الجزئية سجن الكاتب كرم صابر إبراهيم، عضو اتحاد الكتاب، 5 سنوات، بتهمة «ازدراء الأديان »، بعد صدور مجموعته القصصية «أين الله» ومثلت المحاكمة واحدة من محاكمات التفكير فبسبب خياله وبسبب كتابة مختلفة، اتهم صابر ب «العيب في الذات الإلهية»، في إعادة لمشاهد متكررة لمحاكمة الأفكار والاعتداء على حرية الإبداع ، وكانت المفاجأة أن المحكمة استندت إلى شهادة من الأزهر والذي وقف شيوخه في صف المتطرفين ودعاة التكفير رغم امتناعهم عن تكفير القتلة في داعش، في حين انضمت الكنيسة متمثلة في مطرانية بني سويف للمعركة بكتابة تقرير لإدانة الكاتب ، وكأن رجال الدين تجمعوا على رواية وكأن الدين سيهدمه عمل أدبي مهما كان. إسلام بحيرى قضت محكمة جنح مصر القديمة بسجن الباحث إسلام بحيرى لمدة 5 سنوات، على خلفية دعوى قضائية تتهمه بتشويه الرموز الدينية والأئمة وكبار العلماء. علاء حامد بسبب الفصل الرابع من رواية «مسافة في عقل رجل.. محاكمة الإله»، خضع الروائي علاء حامد للمحاكمة في 1990، بتهمة ازدراء الأديان، وحكم عليه بالسجن 8 سنوات، بسبب روايته، وتم فصله من عمله، باعتبار الرواية دعوة صريحة للإلحاد والتطاول على الذات الإلهية والسخرية من الأنبياء والرسل، والاستهزاء بالجنة والنار، في واحدة من محاكمات الخيال وخلط بين العمل الادبي وفكر صاحبه الأمر الذي أثار جدلُا كبيرًا في المجتمع المصري، وقت القضية ، خاصةً بعد محاولة حامد الانتحار في المحكمة. حلمي سالم ومن الفكر إلى الإبداع، استمرت محاكمات التفكير ومحاولات التكفير بسبب الخيال في انتهاك واضح لكل قواعد الحرية، فبسبب قصيدته «تحت شرفة ليلى مراد» اتهمه مجمع البحوث الإسلامية بكتابة قصيدة تحمل إلحادًا وزندقة، كما دشنت حملة تطالب ب«استتابته» وقع عليها 100 شخصية إسلامية، وأصدر رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب حينها قرارًا بسحب نسخ عدد مجلة «إبداع» التي نشرت فيها القصيدة من الأسواق، بدعوى إساءة القصيدة للذات الإلهية. أحمد ناجي وفي واحدة من أبرز محاكمات الخيال وأكثر أشكال الاعتداء على الحريات، من حرية الإبداع إلى حرية الصحافة وحرية التفكير، جاءت محاكمة الكاتب أحمد ناجي في 14 نوفمبر الماضي، عُقدت أولى جلسات محاكمة الكاتب الصحفي والروائي أحمد ناجي ب«تهمة نشر وكتابة مقال جنسي خادش للحياء»، بعد نشر فصل من روايته «استخدام الحياة» في جريدة «أخبار الأدب» في أغسطس 2014 ومعه يحاكم طارق الطاهر، رئيس تحرير الجريدة. وقالت النيابة، في أمر الإحالة، إن الاتهام ثابت على المتهم وكاف لتقديمه إلى المحكمة الجنائية بسبب نشره مادة كتابية نفث فيها شهوة فانية ولذة زائلة وأجر عقله وقلمه لتوجه خبيث حمل انتهاكًا لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجًا على عاطفة الحياء. إيناس الدغيدي اتهمت بازدراء الأديان والتطاول على الذات الإلهية بتصريحات تمس المقدسات وتزدرى الأديان، مثل قولها إنها تحدثت مع الله، بالإضافة إلى رفضها الحجاب وهو ما اعتبره مقدم البلاغ إهانة للدين الإسلامي، وتمت إحالة الدغيدي للمحاكمة الجنائية.