تشهد الأزمة الليبية حراكًا دبلوماسيًا دوليًا وإقليميًا بالغ الأهمية على خلفية اتفاق الصخيرات، الذي تم توقيعه في السابع عشر من ديسمبر المنصرم، بالمملكة المغربية بين الأطراف الليبية؛ ليمثل بارقة أمل على طريق استقرار الأوضاع وعودة الوفاق بين أبنائه، ويفتح صفحة جديدة فى تاريخ البلاد تحمل بين طياتها أملًا كبيرًا في إنهاء الصراع وتحقيق الوئام والسلام بين جميع أطياف الشعب من أجل بناء ليبيا ديمقراطية حديثة، ينعم في ربوعها الجميع بالحقوق المتساوية، ويؤدون ما عليهم من واجبات سواء بسواء. ويعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية مبعوثي الأممالمتحدة، بعد ماراثون تفاوضي استمر نحو عام، حلًا وسطًا ونقطة التقاء بين الفرقاء الذين آثروا تقديم التضحيات والتنازلات، رغم اعتراضهم على بعض بنوده وإعلانهم عدم تلبيتها لطموحاتهم، وذلك في سبيل تحقيق المصلحة العليا لبلادهم. ويتضمن الاتفاق خطوات لحل الأزمة من بينها تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود ليبيا إلى انتخابات برلمانية في غضون عامين، ووقَّعت عليه وفود من مجلس النواب المعترف به دوليًا في طبرق، ونواب منشقين عنه والمؤتمر الوطنى العام (البرلمان) المنتهية ولايته فى طرابلس العاصمة وشخصيات مستقلة. ولا شك أن تنفيذ الاتفاق في ظل التحديات السابقة بحاجة إلى محاولات جادة لإقناع الرافضين بالتخلى عن معارضتهم أوعلى الأقل التزام الحياد وإلى استمالة شيوخ القبائل والتصدى بحزم لمثيرى القلاقل والمحرضين على العنف، وفي هذا السياق جاءت إستضافة سلطنة عُمان للاجتماع الذي عُقد بين، نورى أبو سهمين، رئيس البرلمان السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، والمستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له. ووفقًا للمحللين السياسيين، فإن الخط العام للسياسة العمانية هو الحياد "الايجابي"، وامتدادا لسياسة سلطنة عمان الخارجية، والتى تتسم بالبعد عن الصراعات والتكتلات الخارجية والالتزام بالحيادية فى التعامل مع القضايا الشائكة، بدأت السلطنة العام الجديد 2016 بوساطة جادة لحل الأزمة الليبية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبين. وقد أكدت مصادر دبلوماسية عربية، أن سلطنة عمان تسعى بشكل حثيث للتوسط فى الأزمة الليبية، والعمل على إنهائها بالشكل الذى يضمن وحدة وإستقلال الأراضى الليبية. وأوضحت المصادر أن الجهود التي تبذلها سلطنة عمان لحل الأزمة الليبية، تأتى انطلاقا من السياسة العمانية المعروفة باتخاذها مواقف منفتحة على كل الأطراف، ما يمكنها من لعب دور الوسيط دون انحياز إلى طرف ضد آخر. وأشارت المصادر إلى أن سلطنة عمان، تتسم فى تحركاتها الإقليمية بهدوء شديد، وفي ذات السياق أكد وزير الإعلام والثقافة الليبى، عمر القويرى، إن سلطنة عمان لديها تاريخ طويل من العمل السياسى الخارجى والتعامل بشكل سلمى غير تصادمى من خلال سياسة متزنة وهادئة. واستقبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، مؤخرًا، في مسقط، مارتن كوبلر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وتمت مناقشة تطورات الأوضاع على الساحة الليبية، وجهود المبعوث الأممى مع الأطراف الليبية.