استرداد أموال وأملاك الأوقاف المنهوبة، بات أمر غاية في الأهمية، لأن المال العام ملك للجميع، فمن أخذ أرضا مخصصة لنشاط زراعي وحولها إلى نشاط سكني ينبغي أن يعطي للأوقاف حقها، ومن اعتدى على أرض الأوقاف دون حق، عليه أن يرد الأرض. بالإضافة إلى بدل الانتفاع، ومن أخذ أملاك الأوقاف في ظروف معينة بأقل من قيمتها الحقيقية، ينبغي أن تقدر القيمة العادلة، ويرد الفارق الذي ضيعه على الدولة، إن مال الوقف لا يسقط بالتقادم، لا شرعا ولا قانونا، هذا ما أكده وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، في حربه الذي بدأها لحماية الوقف.
وعلى الدولة، بكل أجهزتها مساندة الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، في هذه الحرب الشرسة ضد الفساد، لأنه في ظل سنوات سابقة وأنظمة سابقة وحكومات سابقة سلبت ونهبت أراض كثيرة، شارك في نهبها وسرقتها مسؤولون كبار، ومحافظون وأعضاء مجلس شعب، في القاهرة وحدها نهبت أراض في أحياء "باب الشعرية، والضاهر، والجمالية، والأزهر، هذه الأراضي تحولت الآن إلى عمارات وأبراج في ظل غياب تام من أجهزة الدولة الرقابية.
وفي الإسكندرية، أيضا سرقت مئات الأفدنة الزراعية في مناطق "المعمورة، والمنتزه والإصلاح"، وتحولت عشرات الأفدنة الزراعية إلى مبان، وهناك العشرات من رجال الأعمال حصلوا على أراض بدائرة المنتزه عن طريق الاستبدال، ولم يقوموا بسداد الأقساط المستحقة عليهم منذ سنوات، بل خصصوا الأرض لإقامة مشروعات وأنشطة في غير الأسباب التي خصصت لها الأرض، وهناك آخرون قاموا ببناء أبراج شاهقة على أرض ملك الأوقاف دون أن يسددوا مليما واحدا للهيئة.
وبدوره، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الوزارة نجحت في اتخاذ إجراءات حاسمة في القضاء على الفساد في هيئة الأوقاف، حيث تم تغيير مختلف القيادات الكبرى بالهيئة ومواجهة كل مظاهر الفساد والانحراف، مشيرًا إلى أن الهيئة بدأت تحقق إنجازات ملموسة في مسيرة أدائها.
وأشار وزير الأوقاف، إلى أنه كان هناك تداخل بين الإصلاح الزراعي وهيئة الأوقاف فيما يتعلق بملكية بعض الأراضي، إلا أنه تم حلها وإعادتها لملكية الهيئة بموجب أحكام قضائية نهائية صادرة لصالح الهيئة.
وأكد "مختار جمعة"، أن استعادة أراضي الأوقاف المستولى عليها بمعرفة الغير على نحو غير قانوني، إنما تستلزم تمكين الهيئة من إثبات ملكيتها لدى الشهر العقاري.
وأعلن وزير الأوقاف، أنه سيتم خلال الأسبوع المقبل الانتهاء من عمل حصر شامل لكل الحجج والمستندات الخاصة بممتلكات الأوقاف على مستوى الجمهورية، تمهيدًا للعمل على تسجيلها بنظام الإيداع بالشهر العقاري.
وأوضح أن هناك مساحات من الأراضي المملوكة لهيئة الأوقاف، يجري العمل على استردادها لملكية الهيئة في مواقع متميزة على مستوى الجمهورية، من بينها مساحات على نهر النيل بدمياط وحلوان، إلى جانب مساحات شاسعة بأماكن متميزة بمحافظة الإسكندرية يجري بحث سبل استثمارها، ومواقع أخرى بمحافظات عديدة.
وأشار إلى التعديات على أراضي الوقف تعد من أهم التحديات التي تواجه الهيئة، حيث تم معظمها عقب قيام ثورة 25 يناير وما تبعها من انفلات أمني، لكن تم حصر هذه التعديات، وجارٍ الآن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالتها بالتعاون مع وزارة الداخلية.
وبدوره قرر المستشار أحمد الزند، وزير العدل، تشكيل لجنة من وزارة العدل برئاسة المستشار حسن بدراوي مساعد وزير العدل لشؤون التشريع وتضم في عضويتها ممثلين عن هيئة الأوقاف، تتولى إعداد التشريع اللازم لهيئة الأوقاف وإزالة كل العقبات أمام تسجيل أموال وممتلكات الهيئة بالإيداع، وتمكينها من توقيع الحجز الإداري وتحصيل المستحقات.