كشف الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي عن إمكانية إضافة قواعد عسكرية أخرى إلى قاعدة التقدّم التي أعلنت واشنطن عن تركيزها قرب مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار العراقية لتضمّ مدرّبين للقوات العراقية ومقاتلي العشائر السنية. ويعني تركيز تلك القواعد حضورا عسكريا أمريكيا على الأراضي العراقية أكثر كثافة، وانخراطا أكبر في الحرب ضدّ تنظيم داعش.بحسب "العرب" وحسب متابعين للشأن العراقي فإن الهدف الأساسي في هذا التغير النوعي في الاستراتيجية الأمريكية تجاه العراق، هو إعادة التوازن لميزان القوى على الساحة العراقية، بعد أن بدا بشكل واضح تعاظم دور الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، على حساب القوات النظامية، والقوى السنية التي سبق أن أظهرت قدرات هائلة في قتال تنظيم القاعدة في إطار ما كان يعرف بالصحوات. وذهب البعض حدّ القول إنّ الولاياتالمتحدة بصدد العمل على تفادي "كارثة ذات بعد استراتيجي" تتمثل في انتقال إيران من السيطرة السياسية على العراق إلى السيطرة العسكرية عن طريق الميليشيات التي انتظمت في ما يعرف بالحشد الشعبي وباتت تشكّل جيشا موازيا. وقال ديمبسي الأربعاء متحدثا لمجموعة من الصحفيين قبل أن تهبط طائرته في نابولي بإيطاليا "إن أحد الخيارات الأخرى التي نبحثها تكرار تجربة قاعدة الأنبار الجديدة في محافظات عراقية أخرى"، مضيفا "أن دراسة مثل هذا الاحتمال مجرّد جزء من تخطيط حذر". ووصلت الرسالة الأمريكية بسرعة ووضوح إلى الميليشيات الشيعية التي سارعت قياداتها للتعبير عن امتعاضها من الخطوات الأميركية التي تعني لهم منافسة أميركية لدور إيران في العراق. وقال كريم النوري المتحدث باسم الحشد الشعبي أمس إنّ قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية إرسال 450 عسكريا إلى الأنبار، هو محاولة لسرقة الانتصارات التي ستحققها قوات الحشد الشعبي مع القوات العسكرية الأخرى في مدينتي الرمادي والفلّوجة. وأضاف النوري متحدثا لوكالة الأناضول، إن "وضع محافظة الأنبار الأمني لا يتطلب إرسال المزيد من المستشارين الأميركيين إلى القواعد العسكرية، وقوات الحشد الشعبي في المحافظة، التي وصلت على شكل دفعات خلال الأيام الماضية، قادرة على إدارة معركة تحرير الأنبار، دون الحاجة إلى جهد التحالف الدولي". واعتبر أن "قرار واشنطن جاء لغايتين الأولى احتواء الانتقادات التي وجهت إليها، والتي حمّلتها مسؤولية سقوط مدينة الرمادي بيد داعش، خصوصا بعد تصريحات صدرت عن قيادات أميركية بأن الرمادي خط أحمر، والغاية الثانية هي سرقة الانتصار الذي سيتحقق على أيدي قوات الحشد الشعبي في مدينتي الرمادي والفلوجة". ويوجد عشرات المستشارين العسكريين الأمريكيين، في أبرز ثلاث قواعد عسكرية، في العراق، وهي قاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين، وقاعدة عين الأسد بناحية البغدادي، غرب الأنبار، وقاعدة الحبانية شرقي مدينة الرمادي. وجاء قرار إرسال المزيد من المستشارين العسكريين الأمريكيين إلى العراق بعد لقاءات ثنائية أجراها حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، على مدى الأيام الماضية، في باريس، مع قادة التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية. ووصل مئات المقاتلين من فصائل الحشد الشعبي الشيعية إلى محافظة الأنبار، الشهر الماضي، بعد تكليف رئيس الوزراء، لهم رغم اعتراض غالبية أبناء المحافظة على خلفية ما اقترفته تلك التشكيلات الطائفية بحق المدنيين في محافظات أخرى من تجاوزات صنفها البعض أعمال انتقام طائفي. وقررت الولاياتالمتحدة الأربعاء إرسال 450 جنديا إضافيا إلى العراق لدعم القوات الحكومية في محافظة الأنبار السنية التي سيطر تنظيم داعش مؤخرا على كبرى مدنها الرمادي والتي تسعى واشنطن أيضا لتعبئة عشائرها ضد التنظيم المتطرف لطرده منها. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، في بيان أن مهمة الجنود الإضافيين كمهمة ال3100 الذين سبقوهم إلى العراق، تتمثل بمساعدة "الجيش العراقي والقوات العشائرية في قتالها لاستعادة الرمادي ورواق الفلوجة". وأوضح البيان أن هذه الوحدة العسكرية تتألف من مدربين عسكريين، يقل عددهم عن مئة، ويرافقهم جنود مهمتهم تأمين الدعم والحماية. وستتمركز الوحدة في قاعدة التقدم العسكرية الواقعة على بعد حوالي 40 كلم من الرمادي، والتي من المفترض أن تصبح عملانية بالكامل "في غضون ستة إلى ثمانية أسابيع"، كما أوضح البنتاغون. وتأتي هذه الوحدة لتدعم الفرقة الثامنة في الجيش العراقي التي تمركزت في منطقة التقدم بعد أن طردها من الرمادي تنظيم داعش في أعقاب هجمات شنّها على مدى أشهر عدة على مركز محافظة الأنبار، كبرى المحافظاتالعراقية. وسيكون الجنود الأمريكيون في منأى من المعارك إذ أنهم سيبقون في مراكز قيادة الفرقة الثامنة. ولكن وجودهم قرب الرمادي يفترض أن يسهل عملية التنسيق بين القوات العراقية التي تقاتل تنظيم داعش على الأرض وبين التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة والذي تقصف طائراته مقاتلي التنظيم من الجو. أمّا المهمة الثانية للعسكريين الأمريكيين الذين سيتمركزون في قاعدة التقدم فستكون محاولة بناء علاقات مع العشائر السنية لإقناعها بالمشاركة في القتال ضد تنظيم داعش، بعد أن أظهرت فتورا تجاه ذلك بفعل تلكؤ الحكومة في تسليحها وانحيازها للتعويل على جهود الميليشيات الشيعية في الحرب. وحسب المتحدث باسم البنتاغون فإن هذه المهمة ترمي إلى "تسهيل العلاقات" بين هذه العشائر والحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة. وأضاف أن الهدف هو إقناع المزيد من السنة بالانضمام إلى الجيش العراقي النظامي ولاحقا "إيجاد عناصر من المقاتلين السنة يمكن تدريبهم عندما تتوفر الظروف الملائمة".