عادت خلال الفترة الأخيرة، وبنسق تصاعدي موجة الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية في تونس، وذلك أسبوع قبل مرور مائة يوم على تشكيل حكومة الحبيب الصيد، التي هي نتيجة تحالف أربعة أحزاب، من ضمنها حركة "النهضة" الإسلامية. فقد شلت الإضرابات العمالية، إنتاج الفوسفات، وهو ما نجم عنه غلق وحدات الحوض المنجمي، في مدينة قفصة غرب العاصمة تونس. كما عرفت الاحتجاجات الاجتماعية، تطورا لافتا خاصة في مدينة "الفوار" التابعة لمحافظة قبلي، جنوبتونس. أحداث "الفوار" وتعليقا على أحداث "الفوار"، قال وزير الدّاخليّة محمد ناجم الغرسلي إن "الأحداث انطلقت إثر إيقاف أربعة أشخاص مبحوث عنهم، فتطوّر الأمر إلى إلقاء الحجارة و الملوتوف وحرق مركز الأمن". وأكد الوزير على أن "مطالب المحتجين اجتماعية صرفة ولا أفهم لماذا بلغ الأمر إلى هذا الحدّ" مشيرا إلى أنّه "لا يوجد أيّ استعمال مفرط للقوّة ولو كان هناك استعمال مفرط لما حرق مركز الأمن، وقد تمت الاستعانة بالجيش الوطني لحماية الجميع وتجنّب الفراغ". وتزامنت هذه الموجة الجديدة من التصعيد، مع تصريحات لنقابيين ولزعماء تنظيمات يسارية، عن أن البلاد تسير نحو "ثورة ثانية"، وذلك بالنظر إلى تواصل تدهور الأوضاع الاجتماعية، خاصة لدى الفئات الفقيرة، وفي المناطق "المحرومة" في الداخل، خاصة الولاياتالجنوبية. وتقر الحكومة، بأن الوضع الاجتماعي في البلاد ما زال صعبا، وهو ما أكده رئيس الحكومة الحبيب الصيد، خلال اجتماعه نهاية الأسبوع بمجموعة من الصحفيين، من بينهم مراسل "العربية.نت". فقد أكد الحبيب الصيد، أن هناك مشاريع عديدة معطلة، وأن حكومته رصدت الوضع جيدا، وتعد للتحرك بشكل أكثر "جرأة". كما أشار إلى أنه لا يمكن محاسبة الحكومة بعد ال100 يوم على تشكيلها، موضحا أن مثل هذا "التقليد" يطبق على أوضاع مستقرة، وليس أوضاع متحركة ويغلب عليها عدم الاستقرار سواء في الداخل، أو في المحيط الإقليمي، في إشارة إلى عمق تأثير الأزمة الليبية على تونس، في علاقة بالوضع الأمني وكذلك الاقتصادي. "السبسي" يدافع عن الحكومة كما قلل رئيس الحكومة، من تصريحات البعض بشأن إمكانية قيام "ثورة ثانية"، على خلاف تصريحات رئيس الدولة، قائد السبسي، الذي اعتبر مثل هذه التصريحات "غير مسؤولة". وقال السبسي، في حوار تلفزيوني ليلة الجمعة، إن الوضع الاجتماعي صعب، مشيرا الى أن التخفيف من حدته ليس من مهمة الحكومة لوحدها، ليخلص الرئيس قائد السبسي، الى ما يمكن تسميته ب"تبرئة ذمة" حكومة الصيد، رافضا في ذات السياق الدعوات التي تدعو لإسقاطها، وترى أنها "فاشلة". ويتوقع الملاحظون، أن يشهد أداء الحكومة "نقلة" بعد ال100 يوم، في اتجاه القطيعة مع ما طبع تحركاتها من رتابة وروتين وغياب للجرأة والشجاعة، خاصة في مواجهات الملفات "الحارقة"، مثل تلك التي تستهدف تعطيل المؤسسات خصوصا في مجالات الطاقة وإنتاج الفوسفات.