رغم قيام ثورتين مازال الأهمال والفساد ينخر فى المنظومة الصحية فى مصر، وتردى أوضاع المستشفيات الحكومية، أبرز مثال على ذلك ليصبح المواطن الفقير ضحية الإهمال والفساد الحكومى. وبحسب التقريرالرسمى الأخير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء عن حال المستشفيات الحكومية فى مصر ، أفاد أن عدد المستشفيات الحكومية فى مصر" 660 " مستشفى، وبها نقص فى الأدوية بنسبة 52% فى الحضر و82% فى الريف كما وصلت نسبة نقص المعدات إلى 51% فى الحضر و70% فى الريف، وبالنسبة للأطباء الأخصائيين فقد وصلت نسبة العجز إلى 36% فى الحضر و80% فى الريف.
وأضاف التقرير أن عدد المرضى المترددين على المستشفيات الحكومية خلال عام يدر بحوالى 54مليون مريض.
وعلى كورنيش النيل الخالد تقبع مستشفى " بولاق العام " بجوار قسم بولاق أبو العلا ، لتظل دليل حى على الإهمال الحكومى داخل مستشفيات وزارة الصحة التى لا ترقى إلى المستوى الأدمى.
ورأت "بوابة الفجر" أن تقدم هدية للمسئولين فى "يوم الصحة العالمى" بكشف الإهمال داخل المستشفى وفى جولة سريعة أستغرقت نصف ساعة وجدنا الأتى:
واجهة متشققة اَيلة للسقوط و زجاجها الأمامى محطم ، دخلنا من البوابة الرئيسية للمستشفى ، لنجد موظف وموظفة استقبال وظيفتهم " وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته " ، فلا يوجد مسائلة أو استعلام ، لأى شخص يدخل أو يخرج من المستشفى ، لنفاجئ بأن موظف الاستقبال قد قرر أن يركن الدراجة البخارية "الموتوسيكل " خاصته داخل مكتب الاستقبال خوفاً عليه من السرقة .
وخلال جولتنا رأينا أن نبدء بالعيادات الخارجية ، لنفاجئ " بالكلاب الضالة"، ترقد داخل العيادات وسط المرضى ، وقررنا الدخول لتفقد عيادات " العظام والباطنة والأسنان والأشعة " فوجدناها مغلقة ، والمفتوح منها لا يوجد به أطباء أو ممرضات .
غرف بلا أبواب
ثم انتقلنا لعنبر المرضى بالدور الثانى ، لنفاجئ بعدم وجود ممرضات أو أطباء فى العنبر كاملاً ناهيك عن حال الغرف ، كانت الأسرة متسخة ، بلا وسادات أو مفارش ، أو اضاءة ، فبعض الغرف لا يوجد بها اضاءة فى الأساس ، فضلاً عن عدم وجود أبواب للغرف، بالإضافة إلى بعض المعدات والأدوات الطبية الملقاة على الأرض .
قمامة فى كل مكان
أما فى فناء المستشفى ، وجدنا القمامة والأثاث المحطم بالقرب من العيادات الخارجية ، فلا يوجد أى من عمال النظافة خلال جولة الجريدة بالمستشفى ، أما الأسقف محطمة ويتدلى منها أسلاك الكهرباء .
أسبوع بتذكرة واحدة
فى البدابة تقول " ماجدة عبد الرحمن " ، احدى المرضى: " قطعت تذكرة من الأسبوع الماضى عشان ادخل عيادة العظام الاقى العيادة مقفولة ويقولوا الدكتور مجاش انهاردة تعالى بنفس التذكرة بكرة ، وبقالى أسبوع على الحال دة ".
واضافت " أنا لو معايا فلوس مكنتش استنى أسبوع عشان الدكتور يشوف رجلى وكنت كشفت فى عيادة خاصة ، لكن أعمل اية ".
موت بطئ "بنموت بالبطئ" كان هذا هو لسان حال عم " حسين مرعى " ، أحد المرضى داخل العنبر، حيث قال: " بيطلع عنينا وبنتحايل على الممرضات عشان يطلعوا يدونا الحقن والعلاج ، ومفيش دكتور بيجى يبص علينا أو يتابع الحالة ، الناس هنا بتموت بالبطئ ، عشان معهاش فلوس تتعالج على حسابها ".
وتابع " الحمام الى أنا بستخدمة مش أدمى ، ولا حيوان يرضى يدخله، ولا فى بطاطين ولا أى حاجة على السراير لو مكنتش تجيب معاك ، تموت من البرد بليل ، ولا فى أضاءة ولا أى حاجة الواحد بيخاف يشرب الميه هنا ليمرض أكتر ".
لا يوجد أطباء
ويقول " محمد عماد " ، أحد المرضى بالعنبر " أصيبت قدمى فى حادث سيارة وكانت الإصابة خطيرة ، وعندما نقلونى إلى المستشفى بعد منتصف الليل لم يكن هناك طبيب بقسم الطورائ، فرفضوا إستلامى بحجة أن الحالة خطيرة ولا يمكن تحمل مسؤليتها ، وبعد مفاوضات ورشاوى وضعونى فى عنبر المرضى حتى صباح اليوم التالى ".
ويكمل "محمد " ، " الطعام والشراب ، يكون على حسابك ، فالمرضى متخوفون من طعام المستشفى الملوث ، وحتى العلاج فى بعض الأوقات لا يكون متوفراً فى المستشفى ، فنقوم بشرائة من الخارج على نفقتنا الشخصية " .
انتقلنا الى مرحاض العنبر ، لنجد مأساة حقيقية ، الأدوية والقمامة ملقاه داخل الأحواض ، والأبواب مهدمة ، كما وجدنا ديدان وقاذورات داخل المراحيض ، فضلا عن بعض المراحيض المكسرة ، والموضوعة بجانب المرحاض .
وبسؤالنا أحدى الممرضات عن مدير المستشفى ، كانت الاجابة " معرفوش " ، لنصل فى أخر جولتنا الى مكتب مدير المستشفى ، لنجدة مغلقاً ، حيث أبلغنا فراش مكتبه ، " بيجى يوم الثلاثاء فقط لو عاوزة " .