وزيرة الاقتصاد التونسي تؤكد ضرورة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص في البلدان الأفريقية    المقاومة الفلسطينية تطلق النار تجاه الاحتلال في مستوطنة "كرمي تسور" شمال الخليل    «رهينة للمتطرفين».. خطة المعارضة الإسرائيلية للإطاحة ب نتنياهو    "احتراما لكبر سنه".. رسالة من إمام عاشور على لسان كهربا    بلدغة مغربية.. أولمبياكوس يتوج بدوري المؤتمر الأوروبي    بشرى سارة لجماهير منتخب مصر بشأن مباراة بوركينا فاسو    الأهلى يحسم مصير «معلول» خلال التوقف الدولى    خالد مرتجي: الأهلي هو أول مؤسسة تدعم غزة    دون خسائر بشرية.. السيطرة على حريق محل لعب أطفال في الإسكندرية    مدير تعليم الإسكندرية يجتمع مع مدربي برنامج استراتيجيات التدريس التفاعلي    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 30 مايو 2024    "الصحة الفلسطينية" تعلن استشهاد مسعفين جراء قصف الاحتلال سيارتهما في رفح    وزير الإعلام الفلسطيني يدعو لسرعة التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع مخططات التهجير    كيربي: واشنطن لم تغير سياستها بشأن استخدام أسلحتها لاستهداف العمق الروسي    رئيس البعثة العربية لحقوق الإنسان: بايدن متردد وأيده مرتعشة وخائف من إدانة إسرائيل    القاهرة الإخبارية: 3 شهداء و5 مصابين جراء قصف إسرائيلي استهداف منزلا برفح الفلسطينية    الشرطة السويدية تفتح تحقيقا عقب العثور على خنزير نافق أمام مسجد    نقيب الفلاحين: زيادة سعر رغيف الخبز خطوة نحو تغيير مفهوم الدعم    أحمد يعقوب: 14 مليار دولار حجم التبادل التجارى بين مصر والصين    نشرة منتصف الليل| منحة 500 جنيه لهذه الفئة خلال أيام وفرص عمل بالإمارات    عز العرب: تمويلات بنك CIB للطاقة المُتجددة وإدارة النفايات قفزت إلى 300 مليون دولار    ارتفاع سعر الحديد (الاستثمارى و عز) وتراجع الأسمنت بسوق مواد البناء الخميس 30 مايو 2024    عقوبة قاسية تنتظر رمضان صبحي حال ثبوت تناوله للمنشطات    الأهلي يقترب من حسم مصير الزنفلي الموسم القادم    كهربا: أنا وإمام عاشور أهلاوية ولم نقصر مع الزمالك    الحكومة: خطة لرفع الدعم عن الوقود تدريجيا بنهاية 2025 (فيديو)    استغل غياب الأم.. خمسيني يعتدي جنسيًا على ابنتيه في الهرم    مدير "تعليم دمياط" يتفقد كنترول التعليم الصناعي نظام الثلاث سنوات "قطاع دمياط"    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالحوامدية    7 نصائح للتعامل مع رياح الخماسين لمدة 48 ساعة.. «الأرصاد» تحذر    محافظة القاهرة تشن حملات على شوارع مدينة نصر ومصر الجديدة لرفع الإشغالات    حصري الآن..رابط نتائج الرابع والخامس والسادس الابتدائي الترم الثاني 2024 بالسويس    ليلى عبد المجيد عن فوز القاهرة الإخبارية بجائزة التميز: مصدر مهنى تنقل عنه قنوات دولية    حظك اليوم برج الجدي الخميس 30-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة عمل مناسبة    تعزيز التعاون بين الإيسيسكو ومركز الحضارة الإسلامية بأوزبكستان    أول تعليق ل«حمو بيكا» بعد تعرضه للتنمر بالمصيف    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    حظك اليوم برج القوس الخميس 30-5-2024 مهنيا وعاطفيا    في ذكري رحيله .. حسن حسني " تميمة الحظ " لنجوم الكوميديا من الشباب    «زعلان ولو اتكلمت ممكن يحصل مشكلة ».. رد ناري من «كهربا» على عدم مشاركته مع الأهلي    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    تخصيص 65 فدانًا لصالح توسعات جامعة الأقصر بمدينة طيبة    هل يجوز التحري عند دفع الصدقة؟.. عميد كلية الدعوة يوضح    صحة الدقهلية: 7 عمليات بمستشفى المطرية في القافلة الطبية الثالثة    مدير مستشفيات بنى سويف الجامعي: استقبال 60 ألف مريض خلال 4 أشهر    بدء حملة لمكافحة القوارض عقب حصاد المحاصيل الشتوية في شمال سيناء    واجبات العمرة والميقات الزماني والمكاني.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    غلق كوبري محرم بك جزئيًا في الإسكندرية.. تعرف على التحويلات المرورية    القوات المسلحة تنظم مؤتمر الروماتيزم والمناعة بالمجمع الطبي بالإسكندرية    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعلن اعتماد 5 برامج بكلية الهندسة    محافظ شمال سيناء يستقبل مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر (صور)    انعقاد الملتقى الفقهي الخامس بحضور وكيل الأزهر    البابا تواضروس الثاني يستقبل وفدا وزاريا فلسطينيا    هيئة الدواء: تسعيرة الدواء الجبرية تخضع لآليات محددة ويتم تسعير كل صنف بشكل منفرد بناء على طلب الشركة المنتجة    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    الفرق بين التحلل من العمرة والحج.. الإفتاء تشرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب : 3 رؤساء و5 وزراء خارجية و7 سفراء كشفوا لى أ سرار حرب اليمن!
نشر في الفجر يوم 06 - 04 - 2015

■ اليمن فقد فى حروبه الأهلية 30 ألف جندى و40 ألف مدنى ودمرت 6 آلاف منشأة ومؤسسة منها 400 مسجد
■ استيلاء الحوثيين على عدن بسهولة غير متوقعة جعل التدخل السريع هو الحل الأمثل
■ اليمن أصبحت شوكة فى ظهر السعودية إن لم تنتزعها تعرضت لمتاعب سياسية حادة وأزمة اقتصادية مزمنة
■ الرئيس اليمنى قطع 800 كيلو متر تحت القصف الجوى بالزى العمانى حتى وصل إلى مسقط
■ الأقمار العسكرية الأمريكية قطعت الاتصالات بين القوات الحوثية قبل الغارات الجوية بساعات
■ المخابرات المركزية سلمت الطيران السعودى خرائط تحدد بدقة الأهداف الحوثية
■ التنسيق السعودى الأمريكى بدأ قبل 3 أسابيع ووجود السيسى وأردوغان فى الرياض كان للتشاور المنفرد حول التحالف!
■ مصر والسعودية أعادتا البشير إلى الحظيرة العربية بعد أن ساهمت الخرطوم فى تهريب السلاح إلى سيناء وغزة!
تشتهر «شرم الشيخ» بأنها مدينة السلام.. تتكرر الكلمة هنا كثيرا.. طريق السلام.. مسجد السلام.. سوق السلام.. مؤتمر السلام.. وكازينو السلام.
لكن.. منذ أيام قليلة احتضنت شرم الشيخ قمة عربية مميزة.. صفقت للحرب.. ودعت لتكوين قوة عسكرية مشتركة.. فهل انقلبت مدينة السلام على نفسها ونزعت من عروة ثوبها القرنفلة وأمسكت بيدها قنبلة؟
ما يؤلم أن السلام الذى عمدت به شرم الشيخ صفاتها الطيبة كان سلاما مع عدو.. إسرائيل.. والحرب التى عادت إليها منتشية كانت حربا ضد شقيق.. اليمن.
لقد انفرطت المسبحة العربية.. وتناثرت حباتها.. وتغيرت ألوانها.. واتجاهاتها.. ضاعت ما كنا نسميه «الأمة العربية».. وعدنا من جديد إلى عصر الجاهلية.. كل قبيلة لا تسمع سوى صوتها.. ولا تعبد إلا ذاتها.. ولا تؤمن إلا بمذهبها.. ولا تعترف إلا بوجودها.. وحدها.. لا شريك لها.
وتغيرت لغة الخصام بيننا.. كنا نتبادل اللعنات.. فأصبحنا لا نتفاهم إلا بالغارات.. بضربات الطائرات.. وخناجر التنظيمات.. وفرق التقسيمات.. وفى نهاية كل بيان عسكرى أو إرهابى يصدر عن أحد منا كانت إسرائيل ترفع كأسا من النشوة تشربه فى صحتنا حتى ثملت من الانتصار دون ثمن.
وقد تابعت كواليس القمة العربية فور أن بدأت اجتماعات وزراء الخارجية العرب.. وقابلت خمسة منهم على رأسهم وزير الخارجية المصرى سامح شكرى.. ووزير خارجية اليمن رياض ياسين.. ووزير خارجية العراق إبراهيم الجعفرى.. سمحوا لى الأخيران بنشر ما أشاء على لسانهم.. ولم يشأ الآخرون بذكر أسمائهم لدقة ما كشفوا من أسرار تسبب حرجا لدول أخرى.. والتقيت ثلاثة رؤساء.. منهم الرئيس العراقى فؤاد معصوم الذى وافق على نشر ما قال منسوبا إليه.. أما غيره فاعتذر لنفس الأسباب السابقة.. ما سمعته منهما كان شديد الخطورة.. وقابلت سبعة سفراء للجزائر وعمان وغيرهما.. وانطبقت القاعدة السابقة للمرة الثالثة.
اتفقت الغالبية على أن الصراع فى اليمن لم يتفجر بين يوم وليلة.. وإنما كمنت أسبابه تحت الجلد قبل أن يتفجر سرطانا فوق السطح.. وسبقت العمليات الحربية خلافات مذهبية.. شيعية وسنية.. راحت تشق الصفوف.. وتوغر الصدور.. وتدفع الجميع إلى الهاوية.. وبعد أن كانت الحرب بالكلمات أصبحت بالطائرات.
إن «الحوثية» حركة دينية سميت من قبل «أنصار الله».. تأثرت بأفكار بدر الدين الحوثى الشيعية.. وقد سافر إلى طهران.. ومكث فيها سنوات طويلة متأثرا بالشيعية الخومينية.. وعندما عاد إلى اليمن بدأ فى تطبيق النموذج الإيرانى.
فى المقابل.. تبنت السعودية رجل دين سلفى هو مقبل الوادعى.. أقام ضيفا عليها سنوات طويلة أيضا.. وعندما عاد حاملا معه الفكر الوهابى المتشدد اشتعلت الكراهية الدينية بين الشيعة والسنة التى تحولت فيما بعد إلى حروب أهلية.. وفى وجود تنظيم القاعدة وحزب الإصلاح المعبر عن جماعة الإخوان أصبح اليمن أخطر مراكز الإرهاب على خريطة العالم.. بداية من المدمرة كول ونهاية بصحيفة شارل إبدو.
لقد فقد اليمن فى حروبه الأهلية 30 ألف جندى وأصيب مثلهم بعاهات.. بجانب قتل 40 ألف مدنى وتدمير 6 آلاف منشأة ومؤسسة منها 400 مسجد.. وبدا واضحا أن لا نجاة للبلاد من التطرف.. فلو لم تمت بفتوى وهابية ماتت بقنبلة شيعية.
ولا يملك اليمن شيئا يلفت الانتباه إليه أو يثير الغضب منه سوى موقعه الجغرافى الاستراتيجى.. يمسك بخناق البحر الأحمر فى الجنوب متحكما فى باب المندب.. فإذا ما أغلقه تحول البحر الأحمر إلى ترعة مالحة تسكنها أسماك القرش.. ستجد مناخا هادئا للتكاثر.. فالسفن التى كانت تمر عليها متجهة إلى قناة السويس ستأخذ طريقا آخر بعيدا عنها.. حول رأس الرجاء الصالح.
لقد ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط فتحولت تلك البوابة البحرية إلى واحدة من أهم الممرات البحرية فى العالم.
والمسافة بين طرفى الممر لا تقل عن 30 كيلومترا.. الطرف الآسيوى يسمى رأس سيان.. والطرف الإفريقى يسمى رأس منهالى.. وقد زرت تلك المنطقة وفوجئت بأن سحارات المياه التى تشرب منها المياه العذبة بناها إبراهيم باشا ابن محمد على تفهما منه لنظرية الأمن القومى المصرى التى تؤمن بأن إحدى دوائر الحماية المصرية المهمة تبدأ من القرن الإفريقى.. الناحية الشرقية لباب المندب.
وربما لهذا السبب دفعت مصر بسفنها العسكرية ناحية باب المندب مشاركة فى «عاصفة الحزم» التى قادتها السعودية لتحرير اليمن من النفوذ الإيرانى خشية أن يمتد إليها محرضا الشيعة فى المنطقة الشرقية الثرية بالنفط على التمرد وانتقال الفوضى إليها.
مؤخرا اعترف على رضا زاكانى ممثل طهران فى البرلمان الإيرانى والمقرب من المرشد العام على خامئنى: «إن ثلاث عواصم عربية (بغداد وبيروت ودمشق) أصبحت بيد إيران وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية» مشيرا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة.. مهددا بالوصول إلى العمق السعودى.. لتصبح مكة المحمية الإيرانية الخامسة.. لكن.. تبقى القاهرة الحلم الأكبر.
لقد انقلب النظام السياسى فى الشرق الأوسط «رأسا على عقب» بعد استقرار الثورة الخومينية المتشددة فى إيران.. وتحت شعار «تصدير الثورة» عادت إيران إلى حلم إمبراطوريتها الفارسية التى سيطرت على أفغانستان والعراق والكويت وباكستان وطاجستان وتركيا فى حقبة عريضة وعميقة من التاريخ.. لكنها.. هذه المرة ترفع شعاراً دينياً لتغطية هدف استعمارى.
وفى اللاشعور الإيرانى إحساس بالتميز عن باقى البشر.. فالإيرانيون يعتبرون نفسهم الأفضل حضاريا وصوفيا.. من يقترب منهم ينال الخير.. ومن يبتعد عنهم يعيش فى شر.. وربما لهذا السبب رفضوا تغيير لغتهم الفارسية إلى العربية بعد الفتح الإسلامى.
واللافت للنظر تأثر الخومينيين بكتابات سيد قطب الذى يرى أن الحكومات غير الإسلامية حكومات غير شرعية لأنها ليست مستندة إلى حاكمية الله.. وقواعد العلاقات الدولية التى لا تعتمد على أسس روحية زائفة.. حسب تفسير هنرى كيسنجر فى كتابه الأخير «النظام العالمى».
ويصف الخومينيون حكومات تركيا ومصر بأنها علمانية.. أعطت لله نصف رغيف الخبز.. وللجيش النصف الآخر.. ولكن.. مبدأ «التقية» الذى يبيح للإيرانيين إخفاء الحقيقة فى نفوسهم منعا لشر أو جلبا لخير جعل طهران تظهر غير ما تبطن وهى تتعامل مع القاهرة أو أنقرة أو الرياض أو إسلام أباد أو غيرها من العواصم السنية.
لقد أخفت طهران نيتها فى اليمن.. ورفضت حلا سلميا يقبل به الحوثيون.. وشجعتهم على إسقاط المناطق الجنوبية بعد أن دانت لهم المحافظات الشمالية الوعرة.. الصعبة.. خاصة أن عدن وما حولها منزوعة السلاح تقريبا.. فليس هناك سوى قاعدة عسكرية واحدة.. يسهل الاستيلاء عليها فى ساعات.
وفى الطريق إلى عدن وقبيل سقوط قلبها بعدة كيلومترات بدأت «عاصفة الحزم».
لقد بدا واضحا أن التدخل الجراحى فى اليمن قرار اتخذته الرياض قبل ساعة الصفر بأسابيع قليلة.. والمؤكد أنها شاورت الدول التسع التى انضمت إلى تحالفها «الإمارات والكويت والبحرين وقطر والأردن والسودان والمغرب ومصر وباكستان» بجانب دول أخرى فى المنطقة ساندت العملية «مثل تركيا».. فلم تكن صدفة على ما يبدو وجود عبد الفتاح السيسى ورجب طيب أردوغان وثلاثة من قادة مجلس التعاون الخليجى فى الرياض.. فى اليوم نفسه.. ولم يكن مستغربا أن تحاول الرياض التوسط لتخفيف حدة الأزمة بين القاهرة وأنقرة.. أو بين القاهرة والدوحة.. فالتحديات التى يتعرض لها الجميع أكبر من الصراعات الفردية بينهم.
والمؤكد أن هناك تنسيقا سعوديا أمريكيا سبق الضربات الجوية بنحو ثلاثة أسابيع.. قدم فيها البنتاجون خرائط المعسكرات والتجمعات الحوثية فى اليمن ليسهل تدميرها دون خسائر بشرية تذكر.. كما قطعت الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية القريبة من مناطق العمليات الاتصالات فى اليمن.. فعزلت الفرق الحوثية عن بعضها البعض.. وفقدت ميزات القوات الموحدة.
وربما.. لتلك الأسباب.. لم تكن صدفة أن يخرج البيان الأول للحرب من السفارة السعودية فى واشنطن لا من وزارة الدفاع السعودية فى الرياض.. وهو أمر لافت للنظر لم نجد تفسيرا مناسبا له.. سوى أن الولايات المتحدة التى تعودت على إدارة الصراعات المسلحة فى الشرق الأوسط اكتفت هذه المرة بدور منصة الإعلان.. ودور العلاقات العامة.. ومباركة «الأب الروحى».
لقد جلست الولايات المتحدة هذه المرة على مقاعد المتفرجين أو المشجعين أو المؤيدين دون تورط فى حرب على الأرض كما فعلت من قبل حرب تحرير الكويت.. وهنا.. نجد الفرق الرئيسى والجوهرى بين عاصفة الصحراء وعاصفة الحزم.. العاصفة الأولى شنتها قوة عظمى.. الولايات المتحدة.. والعاصفة الثانية شنتها قوى إقليمية.. السعودية.. فى تحول جديد يجب رصده.. والانتباه إليه.. وبالمناسبة فإن اسم عاصفة الحزم مشتق من بيت شعر ينسب للملك المؤسس عبد العزيز بن سعود.
كان الحل هذه المرة عربيا.. أو بدقة أكثر سعوديا.. فالقوات الجوية السعودية تشارك بنحو 150 طائرة بينما دول التحالف لم تعرض سوى 40 طائرة لم يتحرك بعضها من قواعده بعد.. وقوات المشاة السعودية نحو 150 ألف جندى بينما اكتفت باكستان بفرق محدودة من القوات الخاصة كانت تشارك فى مناورات سعودية قبل العمليات.. وقد أعلنت السعودية عن وجود باكستان فى التحالف قبل أن تعرض باكستان الأمر على برلمانها وتقبل بالمشاركة.. لكن.. السعودية بسبب الصلات العسكرية القوية بينها وبين باكستان والتى وصلت إلى حد الحماية النووية لم تشك لحظة واحدة فى أنها يمكن أن ترفض لها طلبا.
وفى محاولة لخلق الشرعية للعمليات العسكرية طلب الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى التدخل لإنقاذ النظام الشرعى فى اليمن.. وكرر وزير خارجيته رياض ياسين الطلب على نطاق إعلامى واسع وهو فى شرم الشيخ يستعد لحضور لقاء وزراء الخاريجة العرب الممهد لقمة الملوك والرؤساء.. فلم يكن الرجل يمانع فى الحديث إلى أقل القنوات التليفزيونية تأثيرا وأكثر الصحف غيابا.
وقبل أن يلتقى الوزراء هبت العاصفة.. وكان السؤال: ألم يكن من الممكن الانتظار عدة ساعات حتى تبدأ القمة أعمالها.. وتجد العمليات العسكرية شرعية سياسية لها؟
وكانت هناك أكثر من إجابة: إن استيلاء الحوثيين على عدن بتلك السهولة غير المتوقعة لم تجد للتدخل السريع بديلا.. فالأمر لم يعد يحسب بالشهور أو الأسابيع وإنما بالساعات والدقائق.. كما أن الأطراف التى صنعت المشكلة ترفض التفاهم ولا تقبل بالحوار.. واللغة الوحيدة التى تفهمها لغة السلاح.. ولاشك أن هذه الإجابة كانت الأقرب إلى الصحة والواقعية.
وكانت هناك إجابة أخرى: إن قرار الحرب لو انتظر العرب فى القمة فإنه لن يصدر.. فهم عاجزون عن التوحد.. ويفضلون سياسة الأمر الواقع.. ولا يقبلون بسواها.. وربما كان مشهد الأطباق الطائرة فى القمة التى سبقت عاصفة الصحراء ماثلة فى الذاكرة.
وقد حرصت السعودية على حضور الرئيس اليمنى إلى القمة.. ووصف رحلته من عدن إلى شرم الشيخ برحلة من المصاعب والأهوال.. فقد قطع 700 كيلو متر على طرق برية حتى وصل إلى الحدود مع مسقط.. وبعد 100 كيلو متر وصل إلى صلالة.. ومنها طار جوا إلى الرياض.. ليظهر بالزى وغطاء الرأس العمانى.. وظل موعد وصوله إلى شرم الشيخ سرا.. وبسببه تغير جدول أعمال القمة فى يومها الأول.
كان محددا فى الجلسة الأولى أن يتكلم أمير الكويت رئيس القمة السابقة والرئيس المصرى الذى سيرأس الدورة الحالية وبعدها يقدم أمين عام جامعة الدول العربية تقريره وتنتهى الجلسة بكلمة أمين عام الأمم المتحدة.. لكن.. الأحداث فرضت أن يتكلم العاهل السعودى بعد كلمتى مصر والكويت.. ليكون اليمن المتحدث التالى.
ولم يكن مقبولا أن تمثل السعودية فى هذه القمة بمستوى أقل من عاهلها.. ولكن.. الملك سلمان غادر القاعة وشرم الشيخ فور الانتهاء من كلمته.. وعندما جرى الرئيس اليمنى خلفه ليودعه طلب منه أن يرافقه إلى الرياض فلم يجرؤ الرئيس اليمنى على الرفض.. دون اعتذار عن المؤتمر الصحفى الذى دعا إليه ظهر اليوم التالى.
ولا شك أن العمليات العسكرية التى سبقت القمة حولت القمة من مصطبة كلمات إلى منصة صواريخ ومنحتها شعورا بالقوة لم يصل إليها من قبل.. فقد كان منتهى حلم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربى مناقشة مكافأة نهاية الخدمة لموظفى الجامعة.. كما أنه أحس بزهو من نجاح للقمة لا فضل له فيه سيجعله ينسى وعده للرئيس بتقديم استقالته بعد القمة.
ولعل إحدى حسنات تحالف «عاصفة الحزم» إعادة السودان إلى محيطها العربى بضغوط من مصر وأموال من السعودية بعد أن شدت ناحية الطوق الإيرانى.. وكانت الخرطوم منطقة عبور للأسلحة الإيرانية والليبية المتجهة إلى سيناء.. كما أنها كانت محطة انطلاق خبراء من الحرس الثورى لتنفيذ عمليات إرهابية مثل أول تفجير لخط الغاز العابر لسيناء.
وهناك أيضا انفراجة فى التوتر بين القاهرة والدوحة.. فلم يكن من السهل أن يتحالفا عسكريا ويتصارعا سياسيا وإعلاميا.. ولو كانت الهدنة لبعض الوقت.. ومن جانبها سعت القاهرة للتخفيف من الحملات الحادة الموجهة للدوحة.. وعاملت أمير قطر معاملة وصفت خلال القمة بالتمييز.. وفى المقابل ترك الرجل سفيره فى القاهرة الذى كان ضمن الوفد الرسمى.
وفى مناخ الحرب الذى اجتمعت تحت غاراتها القمة العربية حظيت القوى العربية المشتركة بأعلى تأييد وإن تركت التفاصيل لرؤساء الأركان الذين سيبحثون كل صغيرة وكبيرة قبل تقديم تقريرهم لوزراء الدفاع والخارجية تمهيدا لتنفيذها خلال أربعة شهور.
وربما كانت هناك مخاوف من تزايد الضحايا عند التدخل البرى فى اليمن.. لكن.. سهولة التأثير على القبائل اليمنية بالمال يسهل القضاء على الحوثيين فى وقت قصير.. خاصة أن اليمن بلد بلا موارد.. ويعيش على المعونات الخارجية.. وفى الوقت نفسه لا يتمتع الدعم الإيرانى للحوثيين بصفة الاستدامة.. يضاف إلى ذلك أن التقديرات الاستيراتيجية تؤكد أن إيران لن تتورط فى اليمن وستتركها خالية من نفوذها للسعودية.
كما أن الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح عرض جيشا من 100 ألف مقاتل لمواجهة الحوثيين على الأرض.. فى انقلاب جديد عليهم.
لقد بدأت الحركة الحوثية حركة سياسية معارضة لنظام صالح قبل أن تصبح تيارا دينيا.. وقد تقاتل الطرفان ست سنوات تقريبا قبل أن يتحالفا معا مؤخرا تمهيدا للاستيلاء على محافظات الشمال.. لكن.. الرئيس السابق المجنون بالسلطة بعد أن قضى فيها 32 سنة لم يتردد فى أن ينقلب من جديد على الحوثيين إذا سهل ذلك له وجودا سياسيا على الأرض.. خاصة أن وجوده العسكرى يحسب له ألف حساب.. فلا تزال تحت سيطرته 7 معسكرات للحرس الجمهورى والمدرعات والأمن الداخلى.
إن اليمن شوكة فى ظهر السعودية.. يجب نزعها وإلا تعرضت السعودية إلى متاعب سياسية حادة تنتهى بأزمة مزمنة فى الاقتصاد العالمى بسبب النفط يصعب عليه الشفاء منها.
إن الخليج رغم انخفاض حصته من النفط لا يزال ينتج أكثر من 32 فى المائة من إجمالى الطاقة العالمية بينما لا تزيد حصة إيران على أربعة فى المائة فقط.
ولا يزال مضيق هرمز أهم ممر للنفط فى العالم بسبب عبور 17 مليون برميل يوميا فيه.. ويصعب الاستغناء عنه.. لذلك.. لن يترك العالم تلك المنطقة الاستراتيجية تسقط فى يد إيران.. وإيران تفهم ذلك جيدا.. ولن تتجاوز حدودها هذه المرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.