تزايدت حالات الاختفاء لشباب وفتيات بشكل غامض في الآونة الأخيرة؛ ما أثار القلق وطرح تساؤلات عديدة في الشارع السعودي. وفي هذا الصدد، التقت "عين اليوم"، مع عدد من أهالي الضحايا، و من المسؤولين أيضاً، وكانت هذه الحصيلة: رزان الغامدي طالبة الصف الثاني المتوسط التي تبلغ من العمر 14 عاماً، اختفت من أمام منزل أسرتها بحي السالمية بجدة لمدة أربعة أيام، وعادت بمفردها إلى منزل أسرتها بسيارة أجرة. وذكر سعود الغامدي والدها: "عند قدوم رزان وقت صلاة المغرب بمركبة الأجرة، كانت في حالة نفسية سيئة جداً، وكانت تتحدث بغير وعي، وبلهجة وصوت غريبَيْن، وتم استقبالها والاستعانة بطبيب نفسي، حيث شخص الحالة، وتم إعطاؤها حبوباً مهدئة، ليوضح أنها كانت تعاني اضطرابات نفسية سابقة". وأشار والد الطفلة إلى أنها مكثت ساعات على الكورنيش حتى أتت سيدة، وذهبت بها إلى منزلها طيلة الفترة الماضية، وكانت المرأة تسكن بمفردها. وبيّن أن رزان كانت في غير وعي نفسياً وعقلياً، ولم تكن تستطيع إخبار السيدة بعنوان أو وصف الحي وأكد أنّ رزان لم تتعرض إلى أي تعدٍّ، وجسمها سليم من الكدمات. وفي قصة أخرى، اختفت الطفلة أريج محمد العنزي، وكانت إحدى القصص التي حيرت المجتمع السعودي. فبعد أن اختفت من منزلها في الخامسة من فجر يوم الخميس الموافق 19 مارس 2015، ولم يُعثَر عليها حتى الآن، حيث كانت تستعد للنوم وذهبت إلى الغرفة المجاورة لإطفاء المكيف؛ بناءً على طلب عمتها، وكانت ترتدي ملابس النوم، إلا أنها لم تظهر منذ ذلك الوقت، ولم يرها أحد حتى الآن، ولم يتم التوصل إلى أي أخبار تُطمئن أهلها عنها. وأسند البعض اختفاء الطفلة إلى أفعال سحر، ونصحوا والدها بالذهاب لمشايخ لقراءة القرآن. من جانبه، أوضح ل"عين اليوم" مدير قسم الخدمات الشرعية بمستشقى الملك فيصل التخصصي بجدة الشيخ هاني الرفاعي، أن حالات الاختفاء الغامضة أغلبها حالات لمرضى نفسياً، وسبق أن تردّد أصحابها على عدد من المشايخ للعلاج، وغالباً ما يتم ترديد هذه الأقاويل بعد ظهور المختفي، لكن لا علاقة لهذه الحالات بالسحر، فالساحر لا يستطيع أن يضر أحداً إلا بإذن الله. وأضاف الشيخ الرفاعي أنه من بعض الحالات التي عالجتها امرأة بعد ولادتها، كانت تأخذ طفلها وتمشي في الشارع تجلس على الرصيف، وعندما تم عرضها على أحد المشايخ وجدوا أنها طبيعية، ولا تعاني من أي مس أو سحر، وأنها تعاني من حالة اكتئاب ما بعد الولادة ولكن عند النظر إليها في الوهلة الأولى تعتقد أنها امراة مسحورة، فيجب التعامل مع مثل هذه الحالات بمراجعة التاريخ النفسي قبل كل شئ. وفي سياق متصل، أشار ل"عين اليوم" المحلل النفسي والمتخصص في الدراسات والقضايا الأسرية والمجتمعية الدكتور هاني الغامدي، أن موضوع الاختفاء والهروب من البيوت يرجع لسنوات طويلة، لكن الفارق الوحيد أن المعلومة أصبحت متاحة بشكل أسرع لوسائل الإعلام ولصفحات التواصل الاجتماعي، وهناك أشخاص يترصّدون لأي أمر يتم عند باب الشرطة أو باب المحكمة، لحصر حالات الاختفاء والهروب وإعلانها في المواقع والصحافة والإعلام، والنسبة الكبرى للهروب تتم نتيجة ضغوطات أسرية على بعض البنات والأولاد، وغالباً نجد النتيجة النهائية كالتي نراها في مثل هذه الحالات. وأضاف الدكتور الغامدي أن الإعلام له تأثير كبير، مشيراً إلى أن المنشور عن ظاهرة الهروب وتفاصيلها عند البعض، يتيح الفرصة لمن لم يجرب الفعلة بأن يقوم بالتجربة.