هكذا تتصدر أنباء فشل روبرت مردوخ بإحكام قبضته على كامل أسهم مؤسسة "بي سكاي بي" صدر كافة الصحف البريطانية الصادرة اليوم الخميس والتي تسهب في رصد الخبر نقدا وتحليلا وتغطية إخبارية، تماما كما تعاملت مع قرار قطب الإعلام العالمي بإغلاق صحيفته "نيوز أو ذا وورلد" يوم الأحد الماضي على خلفية تورطها بفضيحة التنصُّت على الهواتف في بريطانيا. وكما كان قد هزَّ النبأ المجتمع البريطاني بفئاته السياسية والإعلامية والاجتماعية عندما انتشر نهار الأربعاء، فقد عكست تغطية صحف الخميس ردود الفعل الواسعة، وإن بدرجات متفاوتة ومتباينة، على هذه الخطوة. وفي حين اكتفت بعض الصحف برصد الجوانب الخبرية والتحليلية للحدث، فإن تناول صحف أخرى للأمر جاء مفعما بالإثارة، وإن تعامل البعض معه بشئ من الشماتة والتشفي من الملياردير الذي طالما عُرف في المملكة المتحدة بأنه "صانع الملوك والنجوم" نظرا لما له من سطوة وأثر كبيرين بإيصال السياسيين إلى كراسيِّهم أو إنزالهم عنها متى شاء. صورة وخبر فتحت عنوان "روبرت الهارب" نطالع على صدر الصفحة الأولى من الإندبندنت تحقيقا مرفقا بصورة كبيرة لمردوخ أثناء ممارسته رياضة المشي في حديقة الهايد بارك وسط العاصمة البريطانية لندن في وقت سابق من الأسبوع الجاري. أمَّا في العناوين الفرعية للتحقيق، فنقرأ: "مردوخ يتخلى عن عرض شراء بي سكاي بي قبيل جلسة نقاش في مجلس العموم"، و"الحصة الحالية لا تزال عرضة لخطر اختبار اللياقة والصِّحة"، ونيوز كورب تفكِّر بالتخلُّص من الصحف البريطانية"، وفضيحة التنصُّت تظهر علامات وإشارات لانتشار وتوسع (استثمارات مردوخ) في الولاياتالمتحدة". وفي التفاصيل نقرأ: "لقد أصبح تخلِّي روبرت مردوخ عن مصالحه الإعلامية في بريطانيا إمكانية حقيقية الليلة الماضية، وذلك مع تخلي إمبراطورية نيوز كورب عن خطط لإحكام قبضتها على بي سكاي بي، واتضاح أن قطب الإعلام قد ناقش بيع صحفه التابعة لمؤسسة نيوز إنترناشيونال". "أوقات عصيبة" صحيفة الغارديان هي الأخرى تفرد كامل صفحتها الأولى للحديث عن آخر فصول "مسرحية الأوقات العصيبة" بالنسبة لمردوخ واستثماراته في حقل الإعلام في بريطانيا. "من مستنقع فضيحة التنصت الآسن، علينا أن نخرج بتسوية ما بين السياسة والإعلام" تيموثي غارتون في الغارديان فتحت عنوان "دعونا نلغي كل شيء"، تنشر الصحيفة تحقيقا جاء فيه أن "مردوخ يتنازل عن صفقة بي سكاي بي بعد الصرخة التي أحدثتها فضيحة التنصُّت على الهواتف"، و"كاميرون يقول على الملياردير أن يدلي بشهادته أمام لجنة للتحقيق بالفضيحة". وبين العنوان المتشائم والتفاصيل التي تحكي قصة مرارة ما آلت وما قد تؤول إليه استثمارات "صانع الملوك" في بريطانيا، نطالع مع المقال صورة كبيرة لمردوخ وهو يغادر مؤسسة نيوز إنترناشيونال وقد علت وجهه ابتسامة صفراء تنم عن قدر واضح من الأسى وخيبة الأمل. وعلى الصفحات الداخلية للصحيفة، نطالع تحقيقا مطوَّلا بعنوان "مردوخ يخطط لاستثمارات في الخارج مع الرفض الجارح له"، وعنوان فرعي يقول: "رد الفعل على الفضيحة يسقط خطة التوسع في بريطانيا من البرنامج". وبلغة الأرقام، ترفق الصحيفة التحقيق بإحصائيات تظهر حجم الخسائر التي لحقت بمردوخ وبامبراطوريته جرَّاء فضيحة التنصت على الهواتف التي يقف وراءها صحفيون عاملون لديه، ونتيجة خسارته لعرض شراء بقية أسهم بي سكاي بي. ومن بين تلك الأرقام نتوقف عند مبلغ ال 3.2 مليار دولار أمريكي الذي تقول الصحيفة إن مؤسسة نيوز كوربوريشن قد سحبته من رصيدها من الأموال النقدية لكي تهدِّئ من روع المستثمرين بدل أن كانت قد خصصته لشراء كامل أسهم بي سكاي بي. وعلى صفحات الرأي والتحليل، نطالع في الغارديان مقالا نقديا لتيموثي غارتون آش بعنوان "ينبغي على بريطانيا أن تقتنص هذه الفرصة لتحطيم ثقافة الخوف في أعماق قلبها". "هنالك ثمة إشارات محدودة بأن الإفراج عن الشاعرة آيات هو محاولة لتخفيف الانتقادات الدولية للبحرين بشأن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. فقد دعا الملك لحوار وطني حول الإصلاح، والذي وافقت جمعية الوفاق الشيعية، كبرى الجمعيات المعارضة في البلاد، على الانخراط فيه" من تقرير لباتريك كوكبيرن في الإندبندنت يقول الكاتب: "من مستنقع فضيحة التنصت الآسن، علينا أن نخرج بتسوية ما بين السياسة والإعلام". ويضيف: "هذه هي الذبحة القلبية التي تنذر بأنك مريض، لكنها تمنحك الفرصة لتخرج منها أكثر صحة من ذي قبل". شاعرة البحرين ورغم الاهتمام الكبير بفضائح التنصُّت وتحليل ما يعتبره البعض بداية أفول نجم امبراطورية مردوخ، على الأقل في بريطانيا، إلاَّ أن الاهتمام بالشأن العربي لم يغب عن صحف الخميس. فتحت عنوان البحرين تفرج عن الشاعرة التي أصبحت رمزا لمقاومة النظام"، نطالع على الصفحة 22 من الإندبندنت تحقيقا لباتريك كوكبيرن يقول فيه لقد تم فجأة إطلاق سراح الشاعرة البحرينية آيات القرمزي البالغة من العمر 20 عاما والتي سُجنت وتعرَّضت للتعذيب جرَّاء إلقائها قصيدة انتقدت فيها الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مهرجان شعبي للمعارضة. ويضيف التقرير: "هنالك ثمة إشارات محدودة بأن الإفراج عن الشاعرة آيات هو محاولة لتخفيف الانتقادات الدولية للبحرين بشأن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. فقد دعا الملك لحوار وطني حول الإصلاح، والذي وافقت جمعية الوفاق الشيعية، كبرى الجمعيات المعارضة في البلاد، على الانخراط فيه". صحيفة الفايننشال تايمز هي الأخرى تخصص اليوم مساحة كبيرة للشأن البحريني، فتنشر على كامل الصفة 11 مقالا تحليليا مشتركا لرولا خلف وسايمون كير جاء بعنوان "وتقطَّعت بهم السبل في الجزيرة." "يا للمفارقة، فحتى أعداء سورية يرغبون برؤية النظام يقوم بأداء أفضل فيما يتعلق بإدارة الأزمة في بلاده، وذلك لأنهم يعتقدون أن العواقب ستكون وخيمة ويصعب التنبؤ بها إن لم يحصل مثل هذا الأمر" بيتر هارلينغ، خبير بالشأن السوري في "مجموعة الأزمات الدولية" يقول التحقيق: "بعد مضي خمسة أشهر على بداية الأغلبية الشيعة لاحتجاجاتها في البحرين، فإن زعماءها لا يزالون في السجن بينما تنخرط الأسرة السنية الحاكمة بحوار فقط مع المعارضين الأكثر اعتدالا". وترفق الصحيفة المقال بصورتين: صورة كبيرة لطفل بحريني يقف على سطح منزل ذويه في حي الدراز وقد راح يلوِّح بعلم بلاده، وصورة أصغر لمتظاهرين يمرون أمام لوحة إعلانية كبيرة تحمل صور الملك حمد ونجله ولي العهد، سلمان، ورئيس الحكومة، خليفة بن سلمان آل خليفة. سورية: الخوف من الفوضى وفي الشأن السوري، نطالع في الصحيفة نفسها مقالا تحليليا آخر لرولا خلف أيضا بعنوان "الخوف من الفوضى يجعل العرب والغرب صامتين حيال الانتفاضة السورية". تقول الكاتبة: "إن الرئيس السوري بشار الأسد مكروه من قبل زملائه من الرؤساء العرب بقدر كرههم للعقيد الليبي معمَّر القذافي، وإن حلَّ بعده بقليل في هذا المضمار". وتنقل الصحفية عن بيتر هارلينغ، الخبير بالشأن السوري في "مجموعة الأزمات الدولية"، قوله: "يا للمفارقة، فحتى أعداء سورية يرغبون برؤية النظام يقوم بأداء أفضل فيما يتعلق بإدارة الأزمة في بلاده، وذلك لأنهم يعتقدون أن العواقب ستكون وخيمة ويصعب التنبؤ بها إن لم يحصل مثل هذا الأمر".