اتفق عدد من القوى السياسية والحزبية والحقوقية، على ضرورة وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة وحيادية مؤسسات الدولة، فضلا عن ضمان رقابة كلا من المؤسسات الإعلامية والصحفية ومنظمات المجتمع المدني على مجريات العملية الانتخابية، والتزام الصحف القومية والمستقلة بالحيادية في تغطية الانتخابات، مع الالتزام بالصمت الانتخابي. جاء ذلك في ختام ورشة العمل التي عقدتها المنظمة المصرية أمس الثلاثاء الموافق 10 فبراير 2014 تحت عنوان "ضمانات نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة "وسط مشاركة لفيف من نشطاء حقوق الإنسان وعدد من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية وبعض أعضاء مجلسي الشعب والشورى السابقين.
وقد استهل حافظ أبو سعده رئيس المنظمة فعاليات الجلسة الأولي المعنونة "دور الجهة الإدارية في ضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية" مؤكداً على أن البرلمان القادم له أهمية كبيرة للغاية، لكون تشكيل الحكومة المقبل يجب أن يحظي بموافقة البرلمان ولهذا يأتي الاهتمام بالانتخابات المقبلة لأننا دولة تسعي لبناء نفسها للوقوف في مصاف الدول الديمقراطية بإحداث عملية تحول ديمقراطي يحقق هذا الغرض، وبالتالي فهذه الانتخابات سوف تضع نهاية للمرحلة الانتقالية باستكمال مؤسسات الدولة التنفيذي ة والتشريعية ودحض الأقاويل التي تقول أن ثورة 30 يونيو ضد إرادة الشعب المصري.
وتساءل أبو سعده هل لدينا بنية تشريعية تحقق العدالة القانونية المطلوبة في الترشيح، وعدم تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية لبناء برلمان قادر على مراقبة السلطة التنفيذية وتحقيق مسار التحول الديمقراطي.
وأشار حازم منير رئيس المؤسسة المصرية للتدريب وحقوق الإنسان أن التحالف المصري لمراقبة الانتخابات قد شرع بالفعل في عملية الرقابة على الانتخابات منذ أسبوعين من خلال سلسلة من الإجراءات المتعلقة بمتابعة التحضير وتقديم أوراق المتقدمين للجنة العليا للانتخابات، ثم مراقبة الأداء الإعلامي ؛ ومراقبة الإنفاق المالي للمرشحين.
وأضاف منير أن المراقبة تأتي من الرغبة في وجود رقابة فعالة حقيقية للانتخابات، حيث تظهر المراقبة كيف أجريت الانتخابات وما هو تأثير البيئة السياسية على العملية الانتخابية؛ وهل أفرزت القواعد والإجراءات انتخابات نزيهة.
ثانياً : وزارة الداخلية، ونلاحظ أنه بعد ثورة يناير أصبحت قاعدة بيانات الناخبين مثالية جدا، وبالتالي لا يوجد مشاكل مع قاعدة بيانات الناخبين، وإنما مهمتها تتلخص في تأمين الانتخابات سواء كان من وزارة الداخلية أو القوات المسلحة، ثالثاً المواطن والذي يجب عليه التأكد من اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، ثم التصويت وهذا الضمان الحقيقي لنزاهة الانتخابات، وأخيراً دور القضاء والأحكام القضائية وهنا يجب التأكيد أن هناك قضايا منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا ، وبالتالي من الممكن صدور حكم عدم دستورية وبالتالي نكون في حركات مفرغة، لذلك هناك دور إنشائي يقوم من مجلس الدولة حيث يقر قواعد وإجراءات جديدة تؤثر في سلامة العملية الانتخابية. ومن جانبه أكد اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء للانتخابات على أن إجراء انتخابات نزيهة نابع من إرادة سياسية قوية لهذا الأمر؛ فضلا عن وجود العديد من الإجراءات الأخرى المتعلقة باللجنة العليا للانتخابات وهي المنوط لها إجراء العملية الإنتخابية وهنا تم وضع مجموعة من الضمانات لهذه اللجنة لضمان نزاهة الإنتخابات .
وأوضح قمصان أن كل الانتخابات التي سبقت الثورة تمت وفقا لقانون 73 لسنة 56 أي أننا استمررنا لمدة 55 سنة لم نشهد أي تطوير للمنظومة التشريعية المنظمة للانتخابات إلا في ثلاث تعديلات فقط؛ الأول جاء عام 1979 حينما صدر قانون 41 الذي يعفي المرأة من تقديم رغبة كتابية للتسجيل في الكشوف الانتخابية، والثاني عام 2000 حينما تم الرجوع إلى الرقم القومي من أجل تعديل الكشوف الانتخابية ولكن ظلت عيوب هذه الكشوف كما هي، وفي عام 2005 تم استبدال الصناديق الخشبية بالصناديق الزجاجية، لكن منذ مارس لعام 2011 حدث أكثر من 42 تطوير في العملية الانتخابية وذلك بشهادة منظمات المجتمع المدني من قبيل إعداد طريقة الكترونية جديدة لإعداد قاعدة بيانات ليس بها أي عوار يؤثر على العملية الانتخابية.
وفي نهاية حديثة أعلن قمصان أن الحكومة والجهاز الإداري للدولة ملتزمة بالنزاهة والشفافية المطلقة والحيادية للانتخابات، وعدم التدخل في شئون الأحزاب فالحكومة عازمة على إتمام ذلك حيث أن الانتخابات البرلمانية على عكس الاستفتاءات يكون هناك منافس لذلك تتسم بالحيدة الكاملة.
وأكد د. محمد محي الدين عضو مجلس الشوري السابق بأن ضمانات نزاهة الانتخابات ملقاة على عاتق العديد من الجهات وهي اللجنة العليا للانتخابات، وزارة الداخلية، منظمات المجتمع المدني، والمواطن المصري، متناولاً أهم عناصر ضمانات نزاهة الانتخابات؛ فالأول اللجنة العليا للانتخابات ودورها هو إصدار التراخيص لمنظمات المجتمع المدني وإصدار القرارات اللازمة لحفظ النظام وإدارة العملية الانتخابية، فاللجنة العليا على سبيل المثال فوجئت الجميع بقرار الكشف الطبي على المرشحين.
ومن جانبه أكد حسين عبد الرازق الأمين العام السابق لحزب التجمع على أن جميع الانتخابات السابقة تم تزويرها لصالح حزب الرئيس، وهو ما تم تحجيمه بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، مشيراً إلى أن النظام الانتخابي لا يوفر حرية الانتخابات حيث يفرز ناخبين بدون برامج حزبية مما يجعلها غير حرة وإن كانت نزيهة، مندهشا من القوانين المنظمة للانتخابات كلها وهي قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون تقسيم الدوائر والتي صدرت في غياب البرلمان وصدرت عن طريق السلطة التنفيذية في مصر.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "دور وسائل الإعلام في مراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة"، حيث أكدت د.عواطف عبد الرحمن أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة بأنه لا بد من إعادة النظر في السياسة الأمنية لأن في ظل هذا الاستقطاب يكون الإعلام مستهدف من المؤسسة الأمنية بصورة مباشرة، فضلاً عن كوننا شهدنا في الفترة الأخيرة توسع في امتلاك رجال الأعمال للإعلام وبالتالي نحن نفتقد لحق الجمهور في المعرفة، وكذا غياب المهنية الإعلامية، مضيفة أنه رغم ذلك فنحن لدينا تفائل بتطور الإعلام في المستقبل، مطالبة بضرورة توفير بيئة تشريعية مستقلة حرة تكفل حرية الإعلام على نطاق واسع.
وأكد د.طه عبد العليم الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الانتخابات القادمة تهدف إلى إقامة دولة المواطن التي تحترم كل حقوقه ، مؤكدا أن الدور الإعلامي والتثقيف في الفترة الحالية يعني الدفاع عن ثورتي 25 يناير و 30 يونيه وتقديم تقارير موضوعية، على أن يكون هناك مسئولية ومحاسبة ومتابعة للإعلام.
وطالب عبد العليم القيادات السياسية بالعودة للجماهير والتعبير عنها والتوافق معها في هذه الانتخابات لكون الانتخابات هي وسيلة جيدة للتواصل مع الناخبين وفرصة لكسب قلوبهم وعقولهم وليس فقط الفوز بمقعد في البرلمان، مشددا على ضرورة سن قانون جديد لحرية تداول المعلومات من أجل كفالة وصول المعلومات لأي مكان، وخاصة لأن الصحفيين يتعرضون للتهديد والترويع للحصول على المعلومات.
وأكدت فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالي على أن مجلس النواب القادم من أهم المجالس النيابية في تاريخ مصر، ولهذا فإن الصراع من أجل هذا المجلس سوف يدفع إلى استخدام كافة الأسلحة، مضيفة أن المصريون قد تغيروا وهناك وعي عال جداً بأهمية المشاركة السياسية ولكن في ذات الوقت هناك شعور بخيبة الأمل بأن الأوضاع الاقتصادية لم تتغير وهو الأمر الذي يؤدي إلى أن يلعب المال السياسي دوراً محوريا في الانتخابات، كما يشكل العنصر الديني تهديداً للعملية الانتخابية فهناك من يقر بأن حزب الحرية والعدالة سوف يدفع بوجوه جديدة في الانتخابات.
وأضافت النقاش أن الدستور يشكل سنداً قوياً إذ أحسن استغلاله بما يحتويه من مواد تعزز حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام، مشددة على ضرورة الالتزام بالمواثيق الدولية لحماية العمل الإعلامي، وخاصة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأن استسقاء المعلومات، والتزام الصحف القومية والمستقلة بالحيادية في تغطية الانتخابات، وتستثني الصحف الحزبية من هذا لأنها تروج لمرشحيها، كما يجب على كافة الصحف الالتزام بالصمت الانتخابي.