بعد ان نجحت الثورة فى ازاحة النظام السابق عن طريق الاعتصام بميدان التحرير وكان مثالا للاعتصام المتحضر، شعر المصريين ان الطريقة الوحيدة لتحقيق مطالبهم يكون بالاعتصام ،وهو حق يكفله الدستور والقانون للجميع ولكن نتيجة للانفلات الامنى الذى تعاني منه البلاد حاول البلطجية افساد تلك التظاهرات السلمية، وبدا هناك نوع من البلطجة يمارس اثناء الاعتصامات كما ان بعض الاعتصامات تسببت فى تقافم الازمات وليس حلها مثلما حدث فى اعتصام الاقباط امام مبنى ماسبيروا بعد احداث امبابه وكذلك قيام اهالى قنا بقطع السكة الحديد بسبب تعيين محافظ قبطى فى سابقة هى الاولى فى تاريخ مصر وماحدث مؤخرا عندما اقتطع اهالى العياط السكة الحديد احتجاجا على بناء برج ارسال لشبكات المحمول بالقرب منهم، وتحولت الاعتصامات المثالية التى قام بها المصريون فى ميدان التحرير لاسقاط النظام لشبح يهدد الدولة وامنها واقتصادها . والاعتصام هو السبيل الوحيد الذى وجده المصريون حلا لمشكلاتهم، والتى تزايدت وتفاقمت فى الفترة الاخيرة نتيجة لنظام فاسد لم يراعى القاعدة العريضه من الجماهير واهتم بالطبقة الغنية، وعلى الرغم من نزول المصريين اعداد كبيره فى اعتصامات امام مجلس الشعب وامام مجلس الوزاء الا انها استمرت لاوقات طويله دون ان يعير النظام السابق اى اهتمام لهؤلاء المحتجون من الرجال والنساء والشيوخ، والذين كانوا يفترشون الاراضى والارصفه بحثا عن حياة كريمة، ولذلك فانه من الطبيعى بعد ان نجحت الثورة ان يبحث المصريون عن حقوقهم ويطالبوا بها . وبعد ان حلت الثورة مجلس الشعب لم يجد المعتصمين رصيفا يعتصمون عليه سوى رصيف مجلس الوزراء، وشهد فى بعض الايام اكثر من 5 اعتصامات فى وقت واحد وكان اغلبهم مطلبهم الاساسى لقاء عصام شرف رئيس الوزراء, والذى اعطى وقتا كبيرا لمقابلة العتصمين وايجاد حل لمشكلاتهم ،الا ان هذا تسبب فى زيادة الاعتصامات امام رئاسة الوزراء وعندما فاض الكيل برئيس الوزراء امر بضرورة تفعيل قانون تجريم التظاهر على جميع المتظاهرين، وبالفعل فى اليوم التالى قامت قوات من الامن المركزى بالقاء القبض على بعض المعتصمين، وهو ماتسبب فى موجة انتقادات حادة لحكومة الثورة كما يسميها البعض . كريمة الحفناوى: التظاهرات والاعتصامات ظاهرة صحية ومن جانبها اعتبرت الدكتورة كريمة الحفناوى- الناشطة السياسية- التظاهرات والاعتصامات ظاهرة صحية فى فترة انتقالية تمر بها مصر، فالثورة خرجت بالاساس لتحقيق جناجين اساسيين وهما الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فالديمقراطية تحققت اما العدالة الاجتماعية فهى ماينادى به الشعب فى الفترة الحالية، مشددة على ضرورة تحقيق مطالب الجماهير، والتى يدور اغلبها حول رفع الحد الادنى للاجور فهناك حكم قضائى صادر من القضاء الادارى يلزم الحكومة ب1200 جنيها كحد ادنى . وقالت ان الاعتصامات والاحتجاجات التى قامت قبل الثورة كانت سببا فى نجاح الثورة، فخلال عامين من عام 2009 وحتى 2011 كان هناك 3000 اعتصام، فهذه الثقافة التى تولدت لدى المصريين جعلتلهم يؤمنون بها وبنتائجها وهو ماسيتحقق خلال الفترة المقبلة. واضافت ان هناك حلولا جذرية من الممكن ان تساهم فى تخفيف حدة الاعتصمات، منها سرعة محاكمة الفاسدين فى جميع مؤسسات العمل وتطهيرها بالاضافة الى اعادة هيكلة الاجور، مؤكدة ان زيادة الاعتراضات فى هذة الفترة ترجع الى اتباع الحكومة الحالية نفس اساليب الحكومات السابقة فى التعامل مع المحتجين، فالجميع يطالب بحد ادنى للاجور لايقل عن 1200 جنيها وهناك حكم قضائى بذلك الا ان الحكومة تضرب عرض الحائط به وتحدد 700 جنيه على اجمالى الراتب وليس على الاساسى، وهو مايتسبب فى عدم الثقة بين الشعب والحكومة. واوضحت ان السياسات المالية للحكومة الحالية لم تتغير بعد الثورة، فبدلا من ان تربط مثلا الاجور بالانتاج وتعيد هيكلة الجهاز الحكومى تعطى مسكنات لايرضى عنها الجماهير، كما ان بطئ تحركها اعطى انطباع لدى الناس ان الحل يكمن فى الضغط عليها، كما انها من الصعب ان تخدع الناس مرة اخرى بعد الثورة. ورفضت الحفناوى قانون تجريم الاعتصامات، والذى تم تطبيقة مؤخرا مشيرة الى ان الذى يعطل عجلة الانتاج عدم العدالة الاجماعية والانفلات الامنى، والذى يعتبر عدم قيامه بمهامه علامة استفهام كبيرة لايعرف احد اجابتها . محمود مرتضى: الاعتصام والاضراب جزء من مبادئ حقوق الانسان ومن ناحيته اوضح الدكتور محمود مرتضى – مدير مركز التنمية البديلة – انه مع كفالة حق الاعتصام والاضراب باعتبارهم جزءا من مبادئ حقوق الانسان الا ان نظرة المجتمع الى المضربين باعتبارهم مجرمين ويقومون بتعطيل العمل به تمييز فى الحقوق بين الافراد . ورفض مرتضى مصطلح "اصحاب المطالب الفئوية" والذى يطلق على المعتصمين فهم اصحاب "حقوق اقتصادية واجتماعية " وهذه الحقوق يتم التمييز ضدها، اما عن حجة تعطيل الانتاج فهى حجج واهية ولاتوجد اى مؤشرات تؤكد ذلك، فعدم حصول العامل على حقوقه يسبب فى النهاية خسائر فى الانتاج، مشيرا الى ان استخدام العنف والقاء القبض على المشاركين فى تلك التضاهرات يعتبر انتهاكا صريحا للدستور والقانون الذى يكفل حق التظاهر، كما انه يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان. واوضح ان التفاوض هوالحل الامثل للتعامل مع هذه التظاهرات السلمية، وهو مايعمل به فى جميع الدول المتقدمة ديمقراطيا، حيت يتم تشكيل لجنة من المعتصمين للتفاوض مع الحكومة على هذه المطالب، وهناك مطالب فورية يتم الاستجابة لها فى الحال ومطالب تحتاج الى وقت زمنى لتنفيذها ويجب على المعتصمين ان يلتزموا بالاتفاق . واشار الى ان هذه الدول لديها خبرات متراكمة فى فنون التظاهرات السلمية وهو ما يجعلها تمارس حقوقها بشكل منظم فالاعتصامات يكون محدد لها مسبقا وتكون بالاتفاق مع المؤسسة التى تخرج منها كما ان هناك تصريح رسمى يصدر من الجهات الامنيه لتحديد المكان والميعاد المناسب لها مؤكدا ان عمليات قطع السكك الحديدية واغلاق الطرق بالبلطجة يعبتر عصيان مدنى يتجاوز الممارسه السلميه للمطالبه بالحقوق مرجعا ذلك الى الحالة الثورية التى تمر بها مصر فى الفترة الحالية. واكد مرتضى ان تراجع دور النقابات والاحزاب تسبب فى نزول الناس الى الشارع للمطالبه بحقوقهم فهناك فجوة كبيره بين الناس والمجتمع المدنى كله مشيرا الى ان ماتعانى منه مصر فى الفترة الحالية هو غياب النضج فى الممارسة الديمقراطية.
ابتهال رشاد: ما حدث من ردة فعل حول الاعتصامات والمظاهرات "ما حدث من ردة فعل حول الاعتصامات والمظاهرات غير مستغرب" هذا ما اكدته الدكتورة ابتهال رشاد – الخبيرة الاجتماعية - ، فبعد صمت وقمع طويل حان الوقت لتلقي الافكار الجديدة المثمرة لانطلاق ثورة الشباب الواعي المتمرد على الفساد كي يبرز نفسه ويحارب الفساد والظلم ويطالب بتحسن المعيشة، فتصرفات المحتجين فى الفترة الحالية تشابه تصرف الفرد في البيت او المدرسة عند عدم ايجاد سرعة الانتباه والاهتمام من قبل المؤسسة، فسارعوا الى تصرفات متمردة كي يلفتوا الانتباه الى وجودهم وحضورهم ومطالبهم التي انتقصت، وجاء الوقت كي تعالج مشاكلهم، وعدم اغفال مطالبهم و سرعة تنفذيها و يتم التواصل والحوار بينهم وبين الافراد المسئولين بمنتهى الشفافية، الذي لا بد ان يكون حضورهم قوي في تهدئة الاوضاع وبث الطمانينة والامان والثقة في الحرية و المساواة والاستقلال على ارض الوطن. وتابعت "ولكن المشكلة عندما تنتشر ميلشيات وجماعات هدفها اظهار جانب سلبي للاعتصامات ومحاولة فضها بسرعة، فافراد اولئك الجماعات والسلطات هدفهم ورغباتهم مادية او نفسية وبالتالي يخلق تعصب من اجل الجماعة وتسلطها كردود افعال عنيفة عن طريق اعمال تنسبها الى تلك الاعتصامات السلمية من حرق و تخريب وتهديد لدوائر الحكومية بمنع العمل فيها، الذي هو امر بغاية الخطورة واستغفال للمواطن، خاصة وان الاعتصامات في الفترة الاخيرة طالبت بمحاسبة رموز الفساد والقضاء على الفساد بمختلف اشكاله، الذي عشش واستنزف الكثير من ثروات الوطن، وعلى المؤسسات والاجهزة الادارية ان تدرك ان وجودها من اجل تلبية حاجيات الشعب والوطن". وقالت ان تلك الاعتصامات والمظاهرات تحتاج الى تأهيل و تنظيم " ففي التنظيم قوة " وتحديد المطالبات كاساسيات من اجل الجميع وليس من اجل فئة بعينها، ولا بد للدولة ان تدرك ان تلك الاعتصامات ضرورة حتمية من اجل الوطن وليس من اجل استمرار التفكير التسلطي والتباعد بين السلطة والشعب، فنحن ندرك ان ازدهار الوطن هو بالتكاتف من اجل بناءه، كما يجب على الشعب ان يتقبل وجود ثقافة الاعتصام كفعالية للوصول الى حلول وتفاعل بينها وبين المؤسسات. واشارت الى ان الاجهزة الامنية من اهم المؤسسات الواجب تواجدها على الساحة من اجل تنتظم الامن وحماية المواطنين وتعزيز الامان بجميع اشكاله واهمها الامن الثقافي، وكذلك من واجب المؤسسات الامنية تعزيز تواجدها من اجل مصداقية الاعتصامات وتنظيمها، فالامن والنظام متلازمان في اي دولة تسعى الى تحقيق حرية الفرد وتجنب الفوضى والاختلال ولا بد ان تدرك المؤسسات الحكومية و الامنية بحاجة الشعب الى الشفافية التعامل والوضوح التام في ظل وجود اعتقالات وتنظيمات في البلاد فذلك يعزز الثقة بينها وبين المواطنين، ومصداقية عملها من اجل الوطن والشعب. فلم نعد في عصر الاعتقالات التي تحدث لاسباب سرية لا يعلم المواطنين عن اسبابها شيئا.
ايمان محمد صبرى: صبرالمصريين يؤدى الى تلك الاعتصامات ومن جانبها قالت الدكتورة ايمان محمد صبرى- رئيس قسم علم النفس بكلية الاداب جامعة المنوفية- ان عدم صبرالمصريين يؤدى الى تلك الاعتصامات، فالثورة نجحت فى ازاحة النظام القديم والان علينا بناء النظام الجديد ومن المفترض ان نصبر حتى تتحقق جميع مطالبنا، كما ان شعور القائمين بالاعتصمات بان حقوقهم مهدرة يجعلهم يتهافتون على النزول الى الشارع بعض النظر عن امكانية تحقيق المطالب من عدمه، فاصبح الشارع هو السبيل الوحيد للحصول على الحقوق المهدره. واضافت ان بعض المعتصمون يعانون الانانيه فلا ينظرون الى مصالح الاخرين فمصلحتهم قبل كل شيئ، كما انهم يتسمون بالماديه فمطالبهم اغلبها تتعلق بزيادة الاجور فى وقت يعانى فيه الاقتصاد، والحكومه تمد حبال الصبر مع المعتصمين وتستمع اليهم جيدا ولكن لايوجد لديها قدرة على التنفيذ . وعن تقييمه لاداء الحكومة الحالية فى مواجهة الاعتصامات قال الدكتور مصطفى علوى- رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الافتصاد والعلوم السياسية- ان العدد الهائل من الاعتصامات والاضرابات يعوق الحكومة فى تعاملها بكفاءة مع هذة المصالح واصحابها فعلى الرغم من انها مستمع جيد للمعتصمين ورئيس الوزاء يقابل كل من يعتصم امام رئاسة الوزراء لكن يستحيل عليه تنفيذ المطالب . واوضح ان التضاهرات حق مشروع للمواطن المصرى وهو وسيله سلمية للتعبير عن المطالب والحقوق لكن ينقصه التنظيم الجيد بحيث لايؤدى الى الاضرار العام او الانتاج ويجب ان يكون بعيدا عن اوقات العمل ويجب ان تكون بعيده عن اعاقة حركة السير فى الشارع وبعيدة عن منع وصول السلع الى اصحابها فهذا حق للمواطن العادى فيجب ان لايتاثرالمواطن العادى بهذه الاعتصامات فاحيانا بعضها مثل قطع السكة الحديد وقطع الطرق به انتهاكا واضحا وصريحا لحقوق الانسان ولكن لايتحدث احد عن تلك الانتهاكات المتكررة. وانتقد علوى غياب دور النقابات فى تشكيل لجان للتفاوض مع الحكومة لتحقيق المطالب وخاصة ان رئيس الحكومه لايمانع فى ذلك فهى فرصة ثمينة للحصول على الحقوق بطريقه مثاليه بحيث لاتؤثر على الحياة العامة واذا لم تفلح المفاوضات فيكون الشارع فى هذه الحالة هو الحل الوحيد . واوضح ان قانون تجريم الاعتصام اسيئ فهمه فهو لايمنع الاعتصامات ولكنه ينظمها بحيث تكون بعيده عن اوقات العمل الرسمية ولا تؤثر على الانتاج والاقتصاد القومى ولابد ان يطبق القانون على الجميع دون استثناء او لايطبق من الاساس وهذا اهم خصائص القانون. واقترح علوى ان تخصص الحكومه ايام محدده فى الاسبوع تستمع فيها لمطالب المواطنين فتخصص اياما محدده مثلا للتعليم واياما اخرى للصحه وهكذا ويتم اختيار قيادات من داخل المعتصمين للتفاوض حول المطالب ومن حقهم النزول الى الشارع فى حالة عدم تحقيق الحكومة لمطالبهم مؤكدا ان ديمقراطية الحكومة لاتعنى ضعفها وقوتها لاتعنى استبدادها فالتوازن مطلوب فنحن لانريد لاحكومة ضعيفه او مستبدة.