حذر الدكتور أنور الحمادي استشاري الأمراض الجلدية ورئيس مركز الأمراض الجلدية التابع لهيئة الصحة بدبي، من ظاهرة لجوء الفتيات في سن المراهقة من التعرض لأشعة الشمس الحارقة لفترات طويلة، بهدف الحصول على اللون البرونزي، أو ما أصبح يعرف بالتان أو تسمير البشرة، واستخدامهن المستحضرات المتنوعة، جاهلات أو متجاهلات العواقب الوخيمة، مؤكداً أن هذه الظاهرة ساهمت بارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الجلد في الدولة. وأشار إلى أن هذه الضغوط التي يتعرض لها الشباب والشابات من تأثير إعلامي، وإعجابهم بمظهر النجوم والمشاهير، يجعلهم يندفعون تجاه هذا التيار، ويحاولون اكتساب هذا اللون دون أن يكونوا واعين للعواقب والطريقة الصحيحة للاستخدام، وما إذا كان يلائمهم أم لا. وقال الدكتور الحمادي في لقاء خاص مع «البيان» لاحظنا في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً بسرطان الجلد لفتيات صغار، ومع تقصي الأسباب استنتجنا أن التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة بهدف الحصول على اللون البرونزي وراء معظم تلك الحالات، وحذر الدكتور أنور من انتشار ظاهرة حقن البوتكس المخصصة لإزالة التجاعيد داخل المنازل من قبل المواطنات، لافتاً إلى أن البوتكس يجب أن يحفظ في الثلاجة على درجة حرارة معينة، وفي حال استخراجه ينتهي مفعوله بعد دقائق، ويشكل ضرراً على مستخدميه. وأوضح أن هيئة الصحة هي الجهة الوحيدة التي تقوم بعلاج الصدفية عن طريق الحقن البيولوجية والعلاج الضوئي، لافتاً إلى أن علاج المريض الواحد بالحقن البيولوجية يصل إلى 100000 درهم سنوياً، ويتم توفير تلك الحقن للمواطنين ولحاملي بطاقة عناية تخضع لموافقة الشركة. وأفاد أن نسبة توطين الأطباء في المركز الذي يضم 18 طبيباً وصلت إلى 100%، مؤكداً أن جميع أطباء المركز هم من حملة الشهادات العليا. تقليد أعمى وعن الإقبال على عمليات التجميل لتبديل الشكل أو تعديله، قال الدكتور أنور الحمادي: «ليس هناك خطأ في مكافحة التجاعيد والحفاظ على النضارة والشباب، ولكن الخطأ يتمثل في التقليد الأعمى للنجوم والمشاهير لتبديل الشكل كما تمليه الإعلانات، فما هو مرغوب الآن قد لا يكون كذلك بعد بضع سنوات، وهناك ظاهرة انتشرت بشدة بين الفتيات من ذوات البشرة البيضاء لعمل التان اللون البرونزي من خلال التعرض للشمس الحارقة لساعات طويلة. وهذه الظاهرة للأسف بدأت نتائجها السلبية واضحة على الكثير من هؤلاء الفتيات، حيث بدأنا نلحظ زيادة في سرطانات الجلد، مقارنة بما كان عليه الحال قبل عدة سنوات، كما ظهرت هناك حقن للتبييض يتم تهريببها لداخل الدولة، أو يتم شراؤها من قبل المواطنات عن طريق الإنترنت بأسعار باهظة، وهذه الحقن تحتوي على مادة غلوتوفثون، وتؤدي إلى أضرار جسمية في الكبد. وأضاف: «من الظواهر السلبية التي نعالج مضاعفاتها في المركز، طلب الآسيويات لعمل حقن البوتكس (لإزالة التجاعيد) في المنازل، وهذه الظاهرة منتشرة لدى المواطنات أيضاً»، لافتاً إلى أن مادة البوتكس يجب أن تحفظ في الثلاجة، وعلى درجة تبريد محددة، وفي حال خروجها من الثلاجة لمدة قصيرة جداً تنتهي فعاليتها وتتحول إلى مواد ضارة، وننصح بإجراء البوتكس داخل العيادات أو المراكز المتخصصة. الأمراض المنتشرة وفيما يتعلق بالأمراض الجلدية الأكثر انتشاراً في الدولة، قال الحمادي: «إن أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً هو مرض الصدفية، ومن خلال دراسة قمنا بها في المركز، لاحظنا أن معدل انتشار الصدفية عالمياً هو 1-2%، ولكن في الدولة وصلت إلى 7.3%، وهي نسبة عالية جداً، ولا يوجد سبب معين لذلك، لأنها من الأمراض المناعية. ولكن من خلال دراسة قمنا بها في المركز وجدنا أن الوراثة لها دور في ارتفاع نسبة الإصابة، فمثلاً إذا كان أحد الوالدين لديه صدفية، فاحتمالية أن تنتقل للأبناء هو 17%، وإذا كانت لدى كلا الوالدين ترتفع إلى 41%، وبالتالي العامل الوراثي يلعب دوراً كبيراً». وتابع: «علاج الصدفية أصبح ممكناً الأن بظهور أدوية وتقنيات جديدة، ونفخر في مركز الأمراض الجلدية بتوفير أحدث العلاجات، على الرغم من أنها مكلفة جداً، ومن هذه العلاجات الحقن البيولوجية، وتصل كلفة علاج المريض الواحد سنوياً إلى 100000 درهم، ويطلب العلاج سنوات طويلة، لأن الصدفية من الأمراض المزمنة، وهذه الحقن توفرها الهيئة للمواطنين وحاملي بطاقة عناية مجاناً، وهناك أيضاً تقنية العلاج الضوئي، وهي تقنية حديثة لا تتوفر إلا في عدد محدود جداً في الدولة». وأضاف: «المركز يومياً يستقبل 100 حالة، منها حالات محولة من مراكز الرعاية الصحية أو من الأقسام الطبية الأخرى بغرض التشخيص والعلاج، وبالتالي التعامل مع الحالات المعقدة بات جزءاً من العمل اليومي لأطباء المركز، ومن أمثلة هذه الحالات، الأمراض الفقاعية، وأمراض الجهاز المناعي، والأورام الجلدية بمختلف أنواعها، وأمراض الصبغيات الجلدية. والأمراض المصاحبة للأمراض الباطنية، وأمراض التحسس الدوائي الحاد، وبعض تلك الحالات قد تحتاج إلى تنويم في الأقسام الداخلية في مستشفيات الهيئة، ويتعامل المركز مع كل الأمراض الشائعة، بما فيها الأمراض الطفيلية والفطرية والجرثومية والفيروسية التي تنتقل عن طريق الجنس، والتهابات تصبغ الميلانين، والتهابات الجلد، والاكزيما والحكاكات والحزاز وآفات الشعر والأظافر والأغشية المخاطية. بالإضافة إلى مشاكل حب الشباب والتفاعلات الدوائية، لافتاً إلى أن المركز يضم وحدة للجراحات البسيطة، كأخذ العينات، واستئصال الزوائد الجلدية والأورام أو التكيسات السطحية بالتخذير الموضعي، وتوفر الوحدة أيضاً العلاج بجهاز الكي الكهربائي، وجهاز الكي بالتبريد (النيتروجين السائل). وسائل علاج وقال الدكتور الحمادي: «من الوسائل العلاجية المهمة التي يوفرها المركز، الأشعة فوق البنفسجية لمعالجة الصدف والبهاق، وغيرها من الأمراض الجلدية المزمنة، كما تم تزويد المركز بعدد من أجهزة الليزر الحديثة التي تستخدم في إزالة الشعر والتخلص من الكلف والوشم والتصبغات والوحمات وآثار حب الشباب والندبات بأنواعها، وعلاج وتجاعيد الوجه، وإزالة الأورام الجلدية والثآليل والشامات وتقشير الوجه، وغيرها من الحالات التجميلية. وأوضح أن المركز يعد مركزاً تدريبياً لأطباء الجلد المبتدئين، ومقراً لاجتماع أطباء الجلد من القطاعين العام والخاص على مستوى الدولة، لبحث ومناقشة الأمراض الجلدية المستعصية. لافتاً إلى أن أطباء المركز قاموا بعدد كبير من الدراسات العلمية البحثية، ونشرت نتائجها في المجلات الدورية العالمية المحكمة. كما فاز المركز بأفضل محاضرة علمية من ضمن 15 محاضرة علمية من مختلف مستشفيات الدولة تقدمت للفوز بهذا اللقب، وتناولت عدداً من حالات الأمراض الجلدية النادرة وكيفية تشخيصها وعلاجها، خلال مؤتمر دبي العالمي لأمراض الجلد والليزر (دبي ديرما) الذي انعقد في مركز دبي العالمي للمؤتمرات والمعارض مارس الماضي. حالة نادرة وأوضح الدكتور الحمادي أن المركز قام من خلال الدكتورة فايزة العلي اختصاصية الأمراض الجلدية بعرض حالة مرضية نادرة لمريض أميركي زائر للدولة (40 سنة)، راجع المركز بعد فشل عشرة مراكز متخصصة من تشخيص الحالة، لافتاً إلى أن المريض كان يعاني من طفح جلدي في منطقة الوجه لعدة شهور، وهي فطريات عميقة ونادرة، تصيب عادة الأشخاص من الأصول الإفريقية. مشيراً إلى أن المريض راجع العديد من المستشفيات والمراكز العلاجية داخل وخارج الدولة ولم يتوصل إلى التشخيص والعلاج المناسب لحالته المرضية. إذ تمكنت الطبيبة، ومن خلال أخذ عينة جلدية من المريض من التوصل إلى التشخيص الدقيق للحالة، ووصف العلاج المناسب لها، حيث تماثل للشفاء خلال أسبوعين وغادر الدولة.