تتماثل الفنانة الكبيرة صباح إلى الشفاء بعد خروجها من المستشفى إثر تعافيها من الجلطة الدماغية التي ألمت بها قبل أيام. الصبوحة التي نقل عنها شعورها باليأس الشديد جراء العجز الذي أصابها بسبب الشيخوخة، بعد سنوات حافلة من العطاء لم تغب فيها يوماً عن الأضواء، تلقت سيلاً من الاتصالات من قبل إعلاميين وفنانين، وكان رجال السياسة الغائب الأكبر، وهو ما بررته الصبوحة بقولها إن من ينسى وطنه لن يذكر فنانة على سرير المرض. وقد احتلت الصبوحة مواقع التواصل الاجتماعي بأدعية محبيها الذين أنشأوا صفحة جديدة هي بمكانة تجمع لمحبيها، وقد عادت الفنانة الكبيرة إلى مقر إقامتها في فندق برازيليا في الحازمية شرق بيروت، ترافقها ممرضتها التي تواظب على العناية بها. تاريخ مشرق جانين فغالي ابنة نجاة شقيقة الصبوحة، التي احترفت الغناء في مصر على خطى خالتها، كتبت رسالة نشرتها على صفحتها في موقع «فايسبوك» اختصرت فيها تاريخ صباح المشرق بالعطاء، وكشفت عن أسرار عائلية أظهرت حجم الدعم الذي كانت تشكله الفنانة الكبيرة لكل أفراد الأسرة. جانين تمنت الشفاء للصبوحة، وكتبت تقول إنها عندما تفكر بها، ترى أمامها أجمل سنوات عمرها، معها ومع خالاتها لمياء وسعاد وبناتهن، تستعيد ذكرى الوفاة المشؤومة لجدتها وتقول «كان لك الفضل الكبير بعد وفاة جدتي، توليت مسؤولية أخوتك عدا خالتي لمياء التي كان لها طريقها الفني المبدع والمميز، وبعد طلاق أمي وموت زوج خالتي سعاد تولت رعايتنا انا وابنة خالتي ليلى، سجلتنا في أفضل مدرسة وهي مدرسة الحكمة برازيليا التي زرعت فيّ جزءاً مهماً من قيمي، وأصبحت ذكريات طفولتي مرتبطة بهذه المدرسة وبطفولتي الرائعة معك، مع أمي وخالاتي وبنات خالاتي وجدي». أجمل الذكريات إذاً لم يكن الجد ذلك الرجل القاسي كما صوره لنا مسلسل «الشحرورة» الذي عرض في رمضان الماضي، فالحفيدة لا تزال تحتفظ بأجمل ذكرياتها عنه. تقول «كنا عائلة سعيدة، لم نشعر يوماً بعدم وجود الأب في حياتنا، فكل واحدة فينا كان لديها أربع أمهات، أشكر الله على أني ولدت في هذه العائلة». وتذكر جانين ليالي عيد الميلاد، حيث كانت الصبوحة تجمع كل عائلتها في منزل، حيث كان الأطفال ينامون بانتظار هدايا بابا نويل التي يتلقونها صباح العيد، حيث كانت الصبوحة تحرص على شراء أجمل الهدايا لتزرع الفرحة على وجوه أحبائها. وتعود بالذاكرة إلى الفنانة الكبيرة، التي رغم التزاماتها كانت تجد وقتاً لتحتفل مع أطفال العائلة بأعياد ميلادهم، وتغني لهم، فيشعرون بالفخر في حضرة زملائهم وأصدقائهم، فالشحرورة هي أمهم الثانية، وكل الأطفال يحسدونهم على أنهم يعيشون في كنف النجمة المتألقة حباً ونجومية. فراق عائلي لكن لكل شيء نهاية، بحزن تكتب جانين عن الحرب التي اندلعت منتصف السبعينات، افترقت العائلة، بين سوريا والأردن ثم القاهرة، حيث بدأت جانين العمل والاعتماد على نفسها، الأمر الذي أسعد الصبوحة التي باتت ترى في الطفلة التي ربّت امرأة ناضجة رغم أنها كانت لا تزال حينها في السادسة عشرة من عمرها. ولأن الصبوحة لم تفرق يوماً بين مسلم ومسيحي، وقفت إلى جانب جانين عندما اختارت رجلاً مسلماً أحبته، وتم الزواج في القاهرة وبكت الفنانة عندما رأت جانين بثوب الزفاف. آه من الغربة تقول «سافرنا بعدها الى اسبانيا، حيث امضينا اكثر من عشرين سنة نظرا لظروف عمل زوجي، آه من الغربة حرمتنا من قضاء اوقاتنا معاً». وشكرت جانين الصبوحة لكل ما قدمته لها من دعم على الصعيدين الفني والشخصي، في رسالة مؤثرة لم تقرأها الصبوحة ربما، لكنها كشفت عن الوجه الآخر للفنانة الكبيرة، الوجه الذي قد لا يعرفه الكثيرون، فهي لم تكن مجرد مطربة تجني المال وتصرفه على ملابسها وسفراتها، بل كانت المعيل لكل أسرتها، فضلاً عن مساعدتها أسراً فقيرة لا تزال تدعو لها بطول العمر، رغم النحول الذي أصابها وحولها إلى سجينة جسد ضعيف لا يزال يقاوم ليبقى على قيد الحياة.