يواجه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد انتقادا لوصف علاقته بالمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي بأنها علاقة "الأب والابن" اعتبرها مراقبون محاولة لرأب الصدع الخطير سياسيا عليه بعد أن تركه خلافه بالأخير معزولا محاصرا وتخلى عنه محافظون بالجملة. ويبدو أن رجال الدين المحافظين على اقتناع بأن نجاد مصمم على تنحيتهم جانبا لتحقيق طموحاته السياسية متهمين الرئيس الايراني بالعمل على ترويج نفسه. وأعلن ممثل المرشد الأعلى مجتبى ذو النور في خطاب ألقاه في قم أن العلاقة مع قائد الثورة يجب أن تكون علاقة الراعي بالرعية. وتساءل "مزمجرا" //ما معنى القول أن علاقتي بالقائد كعلاقة الابن بأبيه. ان هذا هراء. ان هذا ضلال//. وكانت معركة "مكشوفة" على غير المعهود نشبت منذ أبريل الماضي بين آية الله علي خامنئي والرئيس احمدي نجاد بعدما كانا يعتبران فريقا واحدا في الرؤية والايديولوجيا. وتعرضت مواقع الكترونية مؤيدة للرئيس إلى الغلق وعمد مشاغبون الى مقاطعة خطاباته بمناسبة ذكرى وفاة قائد الثورة الاسلامية آية الله روح الله الخميني. ويُحمَّل اسفنديار رحيم مشائي مدير مكتب احمدي نجاد والمدير السابق لمؤسسة التراث الثقافي والسياحة قسطا كبيرا من المسؤولية عن الخلاف فيما اتُّهمت المؤسسة نفسها في الصحافة الايرانية بكونها واجهة للفساد.وتخلى عن احمدي نجاد حلفاء محافظون في المؤسسة الدينية والبرلمان والجيش بالجملة مؤدين ولاء الطاعة للمرشد الأعلى فيما وصفوا الحلقة القريبة من الرئيس بأنها "تيار منحرف". ويتبع الصراع نمطا في السياسة الايرانية عانت بسببه الجمهورية الاسلامية منذ ثورة 1979. فالنظام القائم يعمل برأسين احدهما ديني سماوي والآخر سياسي دنيوي. ويمسك القائد الديني الفقيه بغالبية مقاليد السلطة مسيطرا على الجيش والقضاء وهيئات البث. كما أن الولي الفقيه مقيم دائم في منصبه في حين لا يُسمح للرئيس بأكثر من ثماني سنوات على امتداد دورتين انتخابيتين. وتوارى عن الانظار تدريجيا علي اكبر رفسنجاني ومحمد خاتمي اللذان اصطدما ايضا مع المرشد الأعلى بشأن تقاسم السلطات. ولكن خبراء في الشئون الايرانية يقولون ان احمدي نجاد عازم على ألا ينتهي به المآل الى مصيرهما. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مصطفى اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية القول إن الصراع مدفوع بالسياسة والاقتصاد لكنه يصور على انه صراع فقهي وروحاني. وترجع المعركة عندما حاول أحمدي نجاد فى أبريل إقالة حيدر مصلحي وزير الاستخبارات ثم اعاده المرشد الأعلى. فاعتكف الرئيس 11 يوما في منزله ولم يعد إلا بعدما لمح المرشد الأعلى إلى أن الرئيس أيضا يمكن ان يُقال. وكان احمدي نجاد انتُخب مرتين مستخدما آلة خامنئي السياسية ولكنه أراد ان يبني شبكته الخاصة من المحاسيب ومصادر التمويل بمعزل عن اجهزة الاستخبارات الموالية للمرشد الأعلى ، وان تكون الكلمة له في اختيار مرشحي الانتخابات البرلمان العام المقبل ، والأهم من ذلك السباق الرئاسي في عام 2013 ، كما يرى خبراء في الشؤون الايرانية. وكثيرا ما يذكر مشائي على انه المرشح المرجح رغم نفيه. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مهدي خالجي من معهد سياسة الشرق الأدنى في واشنطن ان الشكوك تحوم حوله وحول احمدي نجاد بشأن دورهما في اصدار تراخيص لمصارف اهلية وابعاد مقاولات حكومية عن الحرس الثوري الموالي للمرشد الأعلى وتمويل اهدافهما السياسية الخاصة. ويقول خبراء إن آية الله خامنئي سيلاقي صعوبة في القطيعة مع احمدي نجاد. فالزعيمان يتمتعان بشعبية في الأوساط نفسها من فقراء الايرانيين وبالتالي فان المرشد الأعلى قد يخاطر بخسارة قاعدته. كما ان دفع احمدي نجاد الى المعارضة السافرة سيثير مزيدا من انعدام الاستقرار في نظام ما زال مهزوزا بسبب الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي قُمعت بعنف في عام 2009. وذهب بعض المحللين الى ان احمدي نجاد قد يحاول تصعيد المواجهة مع الغرب بشأن برنامج ايران النووي في محاولة لتفادي نهايته قبل الأوان. ولكن لعبة "شد الحبل" من المتوقع أن تستمر بعد الانتخابات البرلمانية في مارس القادم ومن المرجح أن يمنع حلفاء أحمدي نجاد من الترشيح لخوضها. وإذا تصاعدت حدة الصراع قد يتحرك آية الله خامنئي لمساءلة الرئيس ثم ادانته. وأعاد بعض حلفائه في البرلمان التذكير بإدانة الرئيس ابو الحسن بني صدر عام 1981 بعد خلافه مع آية الله الخميني. وقال المحلل نصر ان السؤال هو ما إذا كانت هذه هي نهاية حقبة احمدي نجاد أم ان حياة ستبقى تنبض في نهجه السياسة ومعسكره بعد انتهاء ولايته.