يستعد مئات الاشخاص الاحد لتمضية ليلتهم الاولى في ملاجئ مؤقتة بعد الزلزال القوي الذي اوقع ستة قتلى على الاقل في فيرارا (شمال شرق ايطاليا) والحق اضرارا جسيمة بالتراث الثقافي في المنطقة. وقامت فرق الدفاع المدني باحضار عشرات الاسرة والكراسي والطاولات ومولد للكهرباء الى مدرسة سان اغوستينو بالقرب من فيرارا حيث لجا قرابة مئة شخص تهدمت منازلهم او باتوا يخشون العودة اليها. واعلن الدفاع المدني اجلاء ما مجمله ثلاثة الاف شخص. وبعد الزلزال وخصوصا الاعتداء الذي راح ضحيتها طالبة ثانوية في السادسة عشرة في برينديزي (جنوب) السبت، قرر رئيس الحكومة ماريو مونتي العودة قبل الموعد المحدد من قمة الحلف الاطلسي التي يشارك فيها في شيكاغو. ومن المفترض ان يصل الى ايطاليا قبيل ظهر الاثنين. واعربت المفوضية الاوروبية عن استعدادها "لتقديم اي مساعدة تطلب منها على الفور". وبين ضحايا الزلزال اربعة عمال كانوا يعملون ليلا في مصانع. فقد قتل مغربي في ال29 لدى سقوط عمود عليه في انهيار عنبر في مصنع للبولستيرين في بونتي رودوني دي بوندينو، فيما لقي عاملان ايطاليان حتفهما نتيجة انهيار السقف عليهما في مصنع للخزف في سان اغوستينو في فيرارا. واعربت مؤسسة "سيراميكا سان اغوستينو" المحلية التي كانوا يعملون لديها عن "اسفها" مشيرة الى ان "المباني شيدت وفق معاير السلامة القصوى". وعثر على جثة عامل رابع صباحا تحت انقاض مصنع في بلدة اخرى في المنطقة. وتوفيت امرأتان اثر الزلزال، هما المانية في ال37 كانت في رحلة عمل قرب بولونيا وايطالية يزيد عمرها عن مئة سنة. ووصف كلاوديو بينيامي الكهربائي المتقاعد في ال68 والمقيم في سان كارلو "الفوضى" بقوله "لقد خرجت عندما شعرت بالمنزل يتحرك. تساقط الاثاث وكان الناس يركضون في كل الاتجاهات". وروى ناج اخر في الملجا "الاهتزاز لم يتوقف وكل شيء كان يسقط ارضا الصحون والاكواب والاثنين. لقد اصبت بجروح في ساقي عندما هرعت الى الخارج". وقال خبراء انه تم احصاء اكثر من مئة هزة ارتدادية. واصيب عامل اطفاء كان يقوم بدورية في مبنى قديم بجروح نتيجة هزة ارتدادية قرابة الساعة 15,20. وانقذت فرق الاطفاء فتاة في الخامسة من تحت انقاض منزلها في فينالي ايميليا اثر اتصالات هاتفية سريعة وفعالة بين امرأة من البلدة وطبيب ايطالي كان موجودا في نيويورك وفرق الانقاذ المحلية. وقال المتقاعد ادريانو زيوسي (64 سنة) لوكالة الانباء الايطالية ان "ابني في نيويورك كان على الانترنت عندما سمع بالهزة واتصل بنا على الفور. ومن اميركا اتصل بفرق الانقاذ".وروى احد الجيران اندريا جوفاناردي (50 سنة) الذي شارك في اول عمليات الاغاثة "كانت الفتاة المطمورة تحت الانقاض هادئة. وقام والدها برفع الانقاض عن وجهها لتتنفس وقام الدفاع المدني بالباقي". واصيب حوالى خمسين شخصا بجروح طفيفة في منطقتي فيرارا ومودينا حيث حدد مركز الزلزال. وقال الدا بريغولي المتقاعدة التي تمكنت فقط من ارتداء سترة فوق قميص نومها انه "لا يمكنها العودة الى المنزل" وتوضح "انني خائفة". وفي المنطقة الاكثر تضررا بدت المنازل شبه منهارة تتخللها كوم من ركام على الطرقات، فيما لحقت اضرار بكنائس. واعلنت وزارة الثقافة ان التراث الثقافي البالغ الاهمية في المنطقة تكبد "اضرارا جسيمة". فقد الحق الزلزال الذي يوازي بقوته زلزال لاكويلا عام 2009، اضرارا بالكثير من المعالم الاثرية والهندسية في بلدات قريبة من فيرارا. ومن هذه البلدات سان فيليتشي حيث انهارت كنيسة فيما تصدعت جدران العديد من المباني التاريخية منها قصر البلدية. وقرب بولونيا، انهار القسم العلوي من احد ابراج قصر غالياتزا. وفي فيرارا التي ادرج وسطها التاريخي على قائمة التراث العالمي، يرتفع كوم من الركام في ساحة سافونارولي يرجح ان يكون مصدرها فندق استي الذي يعود الى 1385. وفي سان كارلو دمر كليا مبنى يعود الى القرن السادس بعدما تم ترميمه مؤخرا وقد انهار سقفه تماما. ويعرب كلاوديو فابري المهندس المعماري البالغ من العمر 37 عاما عن ياسه ويقول "كنا نعمل منذ ثماني سنوات على ترميم هذه الكنيسة التي تحوي ثروات طائلة. الان لم يعد هناك ما يمكننا القيام به". واعلن الدفاع المدني عن اجلاء حوالى ثلاثة الاف شخص من منازلهم في المنطقة الممتدة بين مودينا وفرارا، موضحا ان 2500 منهم في منطقة مودينا في حين ان 500 في منطقة فرارا. وذكر المعهد الوطني الجيوفيزيائي ان الزلزال بقوة ست درجات وقع في الساعة 4,04 (2,04 تغ) على عمق 5,1 كلم. وحدد مركزه في فينالي ايميليا على بعد 36 كلم شمال بولونيا في منطقة مودينا. واستمرت الهزة الارضية القوية نحو عشرين ثانية تبعتها هزات ارتدادية عدة وشعر السكان في كل شمال شرق ايطاليا بها وحتى في لومبرديا او في توسكانا. وكانت هزة اولى وقعت في وقت سابق لم تتسبب باضرار واعقبتها هزتان اقل قوة. بحسب خبراء تراجع قوة الهزات الارتدادية يشير الى ان الاسوأ قد مضى. ولطمأنة المواطنين، فتحت مكاتب الاقتراع ابوابها كما كان متوقعا للدورة الثانية من الانتخابات البلدية في بياتشينزا وبارما وبودريو وكوماكيو. كما استؤنفت رحلات القطارات كالمعتاد. وتم اجلاء عدة مستشفيات كاجراء احترازي خشية من هزات ارتدادية جديدة. وبحسب انزو بوسكي خبير الزلازل المشهور في ايطاليا "ليس صحيحا ان سهل البو لا تقع فيه زلازل". واضاف "تعرضت فيرارا لهزة ارضية قوية جدا في القرن ال15 لا تزال آثارها واضحة". وتابع "ايطاليا تقع على خط الزلازل. ما نعرفه هو ان قوة الهزات القصوى في هذه المناطق لم تتجاوز في الماضي الست درجات". ولا تزال ايطاليا تتذكر زلزال لاكويلا في جنوب ايطاليا الذي اسفر عن مقتل 309 اشخاص وحرم 80 الف شخص من منازلهم.