يتجه حزب «مصر القوية» المصري المعارض إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية، المقرر إقامتها في غضون الأشهر القليلة المقبلة، في ظل إصرار الحكومة على رفض مطالبه بشأن تعديل قوانين الانتخابات وكذلك الإجراءات المصاحبة لها، وذلك بحسب ما أكدته مصادر مطلعة داخل الحزب ل«الشرق الأوسط». غير أن أحمد إمام، عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي باسم الحزب، قال: «إنهم سينتظرون تحديد الموعد النهائي للانتخابات من أجل حسم القرار، التي يرغبون في المشاركة فيها من حيث المبدأ، وسيظلون يضغطون على الحكومة لآخر لحظة لتعديل تلك القوانين وتهيئة الأجواء لإقامة انتخابات نزيهة»، رقم توقعاته بتجاهل تلك المطالب. وحزب «مصر القوية» أسسه القيادي الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح، عقب خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2012، وحلوله في المركز الرابع. ويوصف الحزب، الذي تشكل معظم قيادته من المحسوبين على تيار الإسلام السياسي، بأنه من أحزاب يسار الوسط أو ما يعرف بالأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، الوسطية في فهمها لدور الدين في الدولة، بحسب تعريف الحزب عن نفسه في برامجه.
وسبق للحزب، الذي شارك في ثورة 30 يونيو (حزيران) وإسقاط الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي، أن قاطع عملية التصويت على دستور 2014، وكذلك الانتخابات الرئاسية الماضية، لاعتراضه عليهما أيضا.
وينظر معارضون للحزب من القوى المدنية على أنه البوابة الخلفية لجماعة الإخوان المسلمين، في ظل تبنيه مواقف سياسية متشابهة في كثير من الأحيان، وإن كانت بطرق سلمية.
وحتى الآن لم يتم تحديد موعد رسمي لإجراء انتخابات مجلس النواب (الاسم الجديد لمجلس الشعب)، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي تعهد سابقا بإجرائها خلال الربع الأول من العام المقبل.
وتجري الانتخابات وفقا لنظام مختلط يجمع بين «الفردي» و«القائمة»، وفقا لقانون أصدره الرئيس السابق عدلي منصور. كما ينتظر أن يصدق السيسي خلال أيام على مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي أقرته الحكومة الأسبوع الماضي.
وحدد القانون عدد أعضاء مجلس النواب ب540 عضوا بالانتخاب (420 وفقا للنظام الفردي، و120 بنظام القائمة)، إضافة إلى نسبة 5 في المائة، يعينها رئيس الجمهورية، ليصبح عدد الأعضاء 567، بينهم وبحد أدنى 21 مقعدا للنساء، و24 للمسيحيين، و16 للشباب، ومثلها للعمال والفلاحين، في حين تخصص 8 مقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة، والمصريين المقيمين في الخارج.
وقال المتحدث باسم حزب مصر القوية ل«الشرق الأوسط» أمس: «في ظل هذه القوانين، لا توجد منافسة حزبية، فالعملية الانتخابية قائمة على النظام الفردي، والأحزاب ليس لها دور، بل عمليا يتم قتلها»، مشيرا إلى أن «ذلك النظام يتيح الفرصة أمام سيطرة المال السياسي والعصبيات والقبليات فقط».
وأبدت عدة أحزاب من بينها مصر القوية والدستور والمصري الديمقراطي رغبتها في تعديل قانون الانتخابات اعتراضا على تغليب النظام الفردي، ودعت لإجرائها وفق نظام «القائمة النسبية»، وليست «المطلقة» كما هو الوضع الحالي، بحيث يتيح فرصا أكبر لممثلي الأحزاب من المنافسة.
وأضاف إمام: «هناك أيضا صعوبات في عمل أي دعاية انتخابية على الأرض في ظل الإجراءات الأمنية المشددة والتضييق علينا»، مؤكدا أنه «إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سينتج عنه برلمان مبارك (الرئيس الأسبق)، بعودة ليس فقط للصف الثاني من رجال الحزب الوطني المنحل، بل بنفس وجوهه القديمة».
واعتبر إمام أن كل التحالفات التي تجري حاليا، ومنها تحالف رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، لا تناسب حزبه، قائلا: «مصر القوية له مربع مختلف»، وتابع: «لا توجد حتى الآن تحالفات حزبية معارضة، بل تنقسم بين تحالفات مؤيدة ومؤيدة جدا وبين هذا وذاك».
ونفى إمام اتهام الحزب بالعمل على تعطيل الانتخابات، مؤكدا أن تلك المطالب تم الحديث عنها منذ 9 أشهر وليس الآن، لكن السلطة تمضي في طريقها دون أن تسمع لأحد، منوها بأن حزبه سيجتمع عقب تحديد موعد الانتخابات لإعلان قراره النهائي، وسيظل حتى الدقيقة الأخيرة يضغط على الحكومة من أجل إصلاح المسار الديمقراطي.
وتعد انتخابات مجلس النواب آخر استحقاقات خارطة الطريق، التي تم التوافق عليها عقب عزل مرسي في يوليو (تموز) 2013، لكن حزب مصر القوية يتحفظ على معظم خطوات ذلك المسار، ويرى أن البلاد تعاني من أزمة سياسية وغياب للحوار الديمقراطي.
وطرح الحزب قبل أيام رؤيته لحل تلك الأزمة، معربا عن استعداده للحوار مع الجميع لبحث سبل الخروج منها. ووفقا لرؤيته التي نشرها في بيان رسمي فقد دعا السلطات إلى عدة إجراءات، منها التوقف عن إصدار قوانين في غيبة مجلس النواب، ووقف العمل بقوانين التظاهر ومد الحبس الاحتياطي، باعتبارهما مخالفين للدستور، وإقامة حوار جاد حول قانون الجمعيات الأهلية، وتعديل قانوني الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، وتوفير إشراف قضائي وحقوقي كامل على العملية الانتخابية.
وناشد الحزب بضرورة ضمان حياد أجهزة الدولة، ومهنية وسائل الإعلام، والإفراج الفوري عن كل المحتجزين احتياطيا من غير المدانين في قضايا الإرهاب والقتل، وعودة كل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية للقيام بواجباتها المهنية دون أي تدخل من أي نوع في الحياة السياسية سلبا أو إيجابا.
وقال إمام، إن تلك الرؤية «مبدئية لحلحلة الأزمة، نطرحها للحوار المجتمعي»، مشيرا إلى ردود فعل إيجابية على مستوى شخصيات عامة كثيرة، داعيا إلى حوار جدي مع السلطة له أجندة واضحة.