حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، من احتمال تعرض "ما تحقق من نجاح في مكافحة انتشار مرض الملاريا لانتكاسة، إذا ما لم تستمر الدول المانحة في دعم برامج الوقاية، والعلاج التي أثبتت نجاحا منذ تطبيقها بوتيرة متواصلة منذ مطلع الألفية".
وقالت المنظمة في تقريرها السنوي العالمي لمكافحة الملاريا، الذي تلقت وكالة الأناضول نسخة منه، إن من بين أهم تلك التحديات، هو عدم حصول ثلث الأسر في المناطق التي تنتشر فيها الملاريا في أفريقيا جنوب الصحراء على سبل الوقاية من الحشرات الناقلة للأمراض، وانخفاض معدلات رش المبيدات في المناطق المشتبه في أنها قد تحمل مخاطر الإصابة.
وأشار التقرير إلى عدم توفير الكميات المناسبة من وحدات التشخيص المبكر والسريع، الذي يساعد على العلاج والتقدم البطيء في رفع مستوى العلاجات الوقائية، للنساء الحوامل، وتوفير العلاجات الوقائية الموصى بها للأطفال دون سن الخامسة، والرضع.
في الوقت ذاته، لفت التقرير إلى وجود بيانات تثبت ظهور مقاومة لعقار "أرتيميسينين" (المستخدم لعلاج الملاريا) في بعض الدول (لم يسمها).
من جانبه، قال مدير برنامج مكافحة الملاريا العالمي في المنظمة، بيدرو آلونسو، في تصريح لوكالة الأناضول، إن "تجاوز تلك العقبات أمر هام لاستكمال النجاح، الذي حققته المنظمة في تقليل معدلات الإصابة والمرض والوفيات، وذلك من خلال استمرار تمويل الخطة طويلة المدى التي وضعتها المنظمة، لا سيما مع ظهور بوادر علاجات، واعدة يمكن أن تحقق تحولًا في مكافحة الملاريا والقضاء عليه".
وأعرب الخبير الصحي عن أمله في استمرار حصول المنظمة على 2.5 مليار دولار، هي قيمة تغطية برامجها للتعامل مع الملاريا على المدى الطويل، وصولا إلى القضاء التام عليه من خلال برنامجها المعروف باسم "شراكة دحر الملاريا".
ويستند خبراء منظمة الصحة العالمية في ثقتهم في نجاح برامجهم، للتعامل مع هذا المرض في ما رصده التقرير السنوي من تراجع معدلات الوفيات في العالم بسبب الإصابة بالملاريا بنسبة 47% بين عامي 2000، و2013، وانخفاض معدلات الإصابة بصورة مطردة خلال الفترة ذاتها.
واستعرض التقرير مظاهر هذا النجاح في أفريقيا تحديدا، حيث كانت تشهد 90% من حالات الوفاة جراء الإصابة بالملاريا، بنسبة وصلت إلى 54% خلال الفترة ذاتها، وذلك بسبب تراجع عدد المصابين من 173 مليون شخص مطلع هذا القرن إلى 128 مليونا في عام 2013.
وبحسب التقرير، فقد انضمت كل من أذربيجان، وسريلانكا إلى قائمة الدول الخالية من الملاريا لتضاف إلى قائمة ال11 بلدا التي حافظت على خلوها من الملاريا، وهي الأرجنتين وأرمينيا ومصر وجورجيا والعراق وقيرغيزستان، والمغرب، وعُمان وباراغواي، وأوزبكستان، وتركمانستان.
كما تمكنت أربع دول أخرى من تقليل معدلات الإصابة إلى أقل من عشرة حالات سنويا، هي الجزائر، وكابو فيردا (الرأس الأخضر)، وكوستاريكا والسلفادور.
وعزا التقرير هذا النجاح إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها زيادة فرص الحصول على الناموسيات المعالَجة بمبيدات الحشرات، لتغطي احتياجات ما يقرب من نصف جميع المعرضين لخطر الملاريا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ووصول عدد الناموسيات التي من المفترض توزيعها على سكان هذه المنطقة إلى 214 مليون وحدة مقرر تسليمها إلى البلدان الموبوءة في أفريقيا بحلول نهاية العام.
بينما يتمثل العامل الثاني في تخفيض معدلات الإصابة، والمرض بتحسين اختبارات التشخيص المبكر، لاحتوائه قبل تفاقمه، حيث بلغ عدد الأجهزة التشخيصية التي تستخدمها الطواقم الطبية المتخصصة 319 مليون وحدة ارتفاعا من 46 مليون في عام 2008.
ويشير عامل النجاح الثالث إلى توزيع 392 مليون وحدة علاج تتضمن مادة "أرتيميسينين" الفعالة في علاج الملاريا بعدما أن كانت عدد الوحدات العلاجية الموزعة في عام 2005 نحو 11 مليونا فقط.
ووفق بيانات المنظمة الواردة في التقرير، فان 3.2 مليار شخص في 97 بلدا معرضون لخطر الإصابة بمرض الملاريا.
وفي عام 2013، كان هناك ما يقدر بنحو 198 مليون حالة إصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم، 82% منها في أفريقيا وحدها.
وتسببت الملاريا في وفاة حوالي584 ألف شخص في جميع أنحاء العالم عام 2013، من بينهم نحو 453 ألف طفل دون الخامسة.
واستنادا إلى تقييم الاتجاهات في التعامل مع الإصابة بالملاريا، تصف منظمة الصحة العالمية 64 بلدًا بأنها على الطريق الصحيح، لتحقيق الهدف الإنمائي للألفية المتمثل في عكس اتجاه انتشار الملاريا.
وتشكل الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية، التي تتراوح من خفض الفقر المدقع بمقدار النصف إلى وقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز وتوفير التعليم الأساسي للجميع، بحيث تتحقق كلها في موعد مستهدف هو عام 2015، مشروعاً اتفقت عليه بلدان العالم جميعها ومؤسسات العالم الإنمائية الرئيسية جميعها، وقد استقطبت هذه الأهداف جهوداً غير مسبوقة لتلبية احتياجات أشد سكان العالم فقراً