يوافق اليوم الذكرى 47 لاغتيال المناضل العالمى وأيقونة الثورات حول العالم "ارنستو تشى جيفارا" بعد نضال طويل ضد الظلم والفقر وأستغلال الدول الإستعمارية واصحاب رؤوس الأموال للضعفاء والفقراء من أبناء أمريكا اللاتينية. ولد جيفارا فى 14 يونيو عام 1928 بالارجنتين لعائلة من أصول ايرلندية واسبانية باسكية؛ قال عنه والده انه منذ صغره كان لدية شعور بالتعاطف مع الفقراء بحيث كان يساري الميول.
وتخرج جيفارا من كلية الطب بجامعة بوينس آيرس في عام 1953م، وسافر بعدها إلى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية مع صديقه المقرب "ألبيرتو غرانادو" على دراجة نارية وساهمت هذه الرحلة فى تكوين أراءه تجاه الظلم الكبير الواقع على أمريكا الجنوبية من الإمبرياليين ، وفي نهاية هذه الرحلة وصل جيفارا إلى استنتاج بأن أمريكا اللاتينية ليست مجموعة من الدول المنفصلة، ولكنها كيان واحد يتطلب إستراتيجية تحرير على نطاق القارة.
بعدها شارك جيفارا في مقاومة الإنقلاب العسكري في عام 1954 الذي دبرته المخابرات الأمريكية في جواتيمالا، في ظل حكومة جاكوب اربنز، وساعد هذا الانقلاب على نشر أيديولوجية جيفارا الراديكالية ، وفي عام 1956 سجن جيفارا في المكسيك مع فيدل كاسترو ومجموعة من المتمردين الكوبيين، واطلق سراحهم بعد شهرين، أما في عام 1957 فقد اكتسح رجال العصابات هافانا عاصمة كوبا وأسقطوا ديكتاتورية باتسيتا، وهنا لمع نجم جيفارا حيث تمت ترقيته إلى الرجل الثاني في القيادة.
وفي أعقاب الثورة الكوبية قام جيفارا بعدد من الأدوار الرئيسية في الحكومة الجديدة، ومنها: إعادة النظر في الطعون وفرق الإعدام، وأسس قوانين الإصلاح الزراعي، عمل أيضا كرئيس ومدير للبنك الوطني، ورئيس تنفيذي للقوات المسلحة الكوبية، وسفير منتدب إلى الهيئات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة.
وفى 9 أكتوبر عام 1967 تم إعدام جيفارا ، عقب القبض علية من قبل القوات البوليفية بعد ورود معلومات بموقع جيفارا وفرقته في معسكر بواد جورو، وقامت القوات بمحاصرة المنطقة، وجرح جيفارا وأسر حين كان يحاول قيادة الفرقة مع "سيمون كوبا سارابيا".
و ذكر "جون لي اندرسون" كاتب سيرة تشي في تقاريره عن رواية الرقيب البوليفي برناردينو اوانكا أن جيفارا أصيب مرتين وعندما أصبحت بندقيته عديمة الفائدة هتف "لا تطلقوا النار! أنا تشي جيفارا، وأساوى حيا أكثر من ميتا.
ثم تم تقييد جيفارا واقتيد إلى مبنى مدرسة في قرية قريبة من قرية " لا هيغويرا " مساء يوم 7 أكتوبر، وقد رفض جيفارا أن يتم استجوابه من قبل ضباط بوليفيين، وتكلم بهدوء إلى الجنود البوليفيين فقط، وفي صباح يوم 9 أكتوبر أمر الرئيس البوليفي " رينيه باريينتوس " بقتل جيفارا، وقد قاموا بإطلاق النار بعشوائية حتى يبدو أن جيفارا قد قتل في خلال اشتباك مع الجيش البوليفي.
ورفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو تعريف أحد بمكان قبره، حتى لا يصبح مزارًا للثوار من كافة أنحاء العالم، ولكن في أواخر عام 1995 كشف الجنرال البوليفي المتقاعد ماريو فارغاس لجون لي اندرسون مؤلف (كتاب تشي جيفارا: حياة الثوري) أن جثمان جيفارا يقع بالقرب من مهبط الطائرات في فالليغراندي ، وكانت النتيجة لهذا الكلام بحث دولي عن رفاته، والذي استمر أكثر من عام، في يوليو 1997 قام فريق من الجيولوجيين الكوبيين والأرجنتينيين والطب الشرعي باكتشاف بقايا سبع جثث في مقبرتين جماعيتين، بما في ذلك رجل واحد مبتور اليدين (مثل جيفارا).
كما أن الحكومة البوليفية مع مسؤولي بوزارة الداخلية قاموا بالتعرف على جثة جيفارا عبر الأسنان حيث كانت مطابقة تماما لقالب من الجص لأسنان تشي تم عملها في كوبا قبل رحلته الكونغولية، النقطة الفاصلة كانت عندما وجد الأرجنتيني اليخاندرو انشاوريجوى الانثروبولوجيا الشرعي في الجيوب الداخلية لسترة زرقاء وجدت بجوار الجثة مقطوعة الأيادي على حقيبة صغيرة من تبغ الغليون، كان نينو دي غوزمان قائد طائرة الهليكوبتر البوليفي قد اعطى تشي حقيبة صغيرة من التبغ، في وقت لاحق أشار إلى أنه كانت "لديه شكوك جدية" في البداية و"ظن أن الكوبيين سيقومون بالعثور على أي عظام قديمة ويطلقوا عليها اسم تشي"، ولكنه ذكر " بعد أن سمعت عن حقيبة التبغ لا يساورني أدنى شك في انه هو ، في 17 تشرين الأول 1997 تم دفن بقايا جيفارا مع ستة من رفاقه المقاتلين مع مرتبة الشرف العسكرية في الضريح الذي تم بناؤه خصيصا في مدينة سانتا كلارا حيث كان قائدا للإنتصار العسكري الحاسم في الثورة الكوبية.
عام 1968، غضب شبان العالم وخرجوا إلى الشوارع معلنين أنهم يستطيعون إنهاء الحروب وتغيير ملامح العالم، وقد تحول هذا الرجل الثائر بعد موته إلى شهيد لقضاياهم ، أصبح يمثل أحلام ورغبات الملايين ممن يحملون صوره، علماً أنه كان يمثل أيضا مجموعة من التناقضات، وكأن الموت حول ملامحه، ما يوحي بأنه لو منحه أعداؤه الحق في الحياة، لربما عجزت أسطورته عن احتلال هذا المدى العالمي الذي تنعم به اليوم .