يوضح الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، أن هناك فرقاً بين مراقبة من تريد خطبتها، بأن تنظر إليها دون علمها لترى منها ما يدعوك إلى الزواج منها بنية مخلصة، وبين إنسان لا يغض بصره ويدمن تتبع عورات المسلمات دون علمهن. وأضاف: «الحالة الأولى لا تسمى تجسساً أو تلصصاً، طالما كانت نيته التي لا يطلع عليها إلا الله، سليمة وصادقة برغبته في الزواج منها، وفي هذه الحالة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل أمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»، أما الحالة الثانية فهي من التجسس المحرم لما فيه من تتبع عورات وعثرات الناس وأخطائهم، فهذا حرام لقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا» آية 12 سورة الحجرات».
الدكتورة سعاد صالح: لا يجوز للرجل النظر إلى خطيبته بشهوة
أما مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر، فتقول: «لا يجوز للرجل أن ينظر إلى من يريد خطبتها نظرة تلذذ وشهوة تصل به إلى تتبع العورات، لأن هذا يتنافى مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تؤذوا عباد الله ولا تعيِّروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته». وأشارت إلى أنه يحل للخاطب أن ينظر إلى الوجه والكفين ويتأمل محاسنهما، لعزمه الأكيد على الزواج منها، أما ما عدا الوجه والكفين فإنه يجوز له جعل إحدى النساء، مثل والدته أو أخته مثلاً، تصف ما يريد معرفته غير الوجه والكفين طالما كانت نيته صادقة في الزواج منها، فهذا يحقق له ما يرجوه ويبعده عن الخلوة المحرمة بها أو التلصص عليها.
عن حكم التجسس على المخطوبة إلكترونياً للتعرف على أخلاقها أو بعض أسرارها التي لا يعرفها راغب الخطبة أو الخطيب الرسمي، أشارت الدكتورة فايزة خاطر، رئيس قسم العقيدة كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالزقازيق جامعة الأزهر، إلى أن هذا أمر مرفوض شرعاً، لأن فيه اختراقاً لخصوصيات امرأة ما زالت أجنبية عنه، والأفضل له أن يحسن الاختيار على أساس الدين بعد أن يستخير الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك». وأوضحت الدكتورة فايزة أن حكم التجسس حرام، سواء كان إلكترونياً أو مباشراً، وإذا كان الرجل عازماً على الزواج بزوجة صالحة فعليه البحث عن فتاة متدينة، وكذلك حرص أهل المرأة على تزويج ابنتهم للرجل المتدين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».
الدكتور المنسي: بعض العلماء أجازوا التلصص على المخطوبة حتى لا يندم الرجل على الزواج منها
يرى الدكتور محمد المنسي، أستاذ الشريعة في جامعة القاهرة، أن أكثر العلماء ذهبوا إلى أنه يباح للخاطب أن يرى الوجه والكفين فقط، لكن بعضهم اجتهد في أكثر من ذلك بضوابط شرعية، مثل قول الإمام النووي: «إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم، ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها، والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها» وبالطبع هو هنا لا يقصد النظر بلا حدود حتى يصل الأمر إلى التلصص عليها وهي عارية أو تستحم، فهذا أمر منافٍ للفطرة السوية وتعاليم الأديان عامةً.
الدكتور صابر طه: ينبغي البعد عما فيه شبهة حرام
يؤكد الدكتور صابر طه، عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، أن الوسطية سمة أساسية من سمات الإسلام، وبالتالي فإنه يمكن التوفيق بين الفقهاء المبيحين والمحرمين للرجل الراغب في الخطبة أو حتى الخاطب أن يرى ما يريد ممن يرغب في الزواج منها دون علمها، بأن يصدق الله نيته ويستخيره ويسأل عنها القريبات منها الصادقات في القول والفعل، فهذا هو المخرج، أما أن نترك الحبل على الغارب بأن يتلصص كل خاطب على مخطوبته حتى لو وصل الأمر إلى أن يرى عوراتها فهذا أمر مذموم ومحرم، بل ورد الوعيد الشديد لمن يفعل ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته».