من ينكر نجاح عمرو دياب إما حاقداً أو مغيباً، فالحقيقة عمرو هو النجم الوحيد الذى يتربع الآن على عرش الأغنية المصرية والعربية ولن أبالغ إن قلت العالمية أيضاً لنسب مبيعات ألبوماته الضخمة، وحجم متابعة أعماله على يوتيوب، فعمرو رغم كل الانتقادات التى من الممكن أن توجهها له خلال مشواره، لن تستطيع أن تقف فى وجه حقيقته لنجم مستمر فى التوهج لأكثر من 30 سنة، دون أن يعرف الفشل طريقاً لمشواره، فرغم مئات المطربين الذين ظهروا واختفوا خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، سيبقى هو وحده بدون منازع الأكثر وسامة وجاذبية ونجومية ونجاحاً واستمراراً، وهو ما يفسر الصورة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى والتى تسخر من حالة الشباب الدائم التى يظهر عليها الهضبة، فجاء جمهوره بصورتين له، الأولى مكتوب عليها عمرو دياب 2014، وبجوارها صورة لطفل يحمل نفس ملامحه مكتوب عليها عمرو دياب 2040، فى إشارة منهم إلى أن نجمهم يعود بالزمان للخلف وأنه خلال عشرين عاماً سيعود طفلاً من جديد.. هكذا يرى جمهور الهضبة نجمهم الأول. ولكن هل يشعر أحد من جمهور عمرو دياب بأن نجمهم الأول أصبح يفشل فى التعبير عنهم بأغانيه الجديدة، ويجدون متعة أكبر فى الاستماع لأغانيه القديمة، كاتب هذه السطور من عديدين يشعرون بنفس الحالة منذ أكثر من خمس سنوات، وبالتحديد منذ ألبوم «وماله» الذى كان بالنسبة لنا آخر ما قدمه عمرو دياب الذى نعرفه ونشأنا على أغانيه وانتظرناها بفارغ الصبر.
فمع كل ألبوم جديد يطرحه عمرو ينتاب هذا الجيل شعور بأن عمرو الذى يعرفونه سيعود إليهم من جديد، يراهنون أنفسهم على أنه سيعود بكلمات وألحان تعبر عنهم، لكنه منذ ألبوم «وماله» وهو تعود على خذلهم وتقديم نوع موسيقى ربما يكون حديثاً ومتطوراً ولكنه لا يناسب الحالة المزاجية للجيل الذى صاحب صعود نجم عمرو ساهم بشكل كبير فى نجوميته، أنا هنا أتحدث عن الجيل الذى تخطى حاجز الثلاثين والأربعين والخمسين، وجميعهم كانوا يشكلون قبل ثلاثين عاماً النواة التى بنيت فوقها نجومية أشهر مطرب فى مصر والوطن العربى.
كلمات ألبوم عمرو دياب الجديد لا تسمن ولا تغنى من جوع، فجميع مرادفاتها سطحية لا تجبرك على الاحتفاظ بكوبليه واحد منها، فهل المشكلة فى عمرو أم فى الشعراء الذى يتعاون معهم، فالجميع يعترف بأنه خسر كثيراً برحيل الموهوب مجدى النجار، وبتوقفه عن التعاون مع أيمن بهجت قمر بعد خلافهما الشهير، وأيضاً بانسحاب الراقى بهاء الدين محمد، ولكن هل هؤلاء فقط هم الموهوبون فى مجال كتابة الأغانى، بالطيع لا ولكن عمرو فقد الحماس فى البحث عن الكلمة المختلفة التى ظلت علامة مميزة لمعظم ما قدمه خلال مشواره الفنى، حتى ألحان الألبوم الأخير تتشابه مع أغانى سبق أن قدمها عمرو خلال ألبوماته السابقة، فعلى سبيل المثال فالجملة اللحنية لأغنية «أنا مش أنانى» الذى وضع عمرو لحنها بنفسه هى نفس الجملة اللحنية لأغنيته الشهيرة «قصاد عينى» للملحن عمرو مصطفى التى غناها عمرو دياب قبل عدة سنوات، فهل أدرك عمرو دياب هذا الأمر وهو يضع لحن أغنيته الجديدة أم أنه فقد ذاكرته اختياريا ليسطو على الجملة اللحنية التى قدمها عمرو مصطفى والذى اتهم وقتها بأنه مقتبسها من لحن أغنية هندى! النماذج بأغانى الألبوم الأخير «شفت الأيام» عديدة فى إعادة تقديم جمل لحنية قديمة لأغان قدمها عمرو دياب نفسه، وهو فى الحقيقة ما لا أستطيع تفسيره، لأننى أعلم جيداً مدى تفانى عمرو دياب فى اختيار أغانيه والساعات الطويلة التى يقضيها يومياً داخل الاستوديو للبحث عن جملة لحنية جديدة أو كلمة يصنع منها أغنية.
أعلم أن كلامى هذا لن ينقص من نجاح ألبومه شيئاً فالألبوم رغم تسريبه على الإنترنت، متصدر مبيعات السوق بمئات الآلاف من النسخ، ولكننى لا أستطيع تجاهل السؤال الذى يريد قطاع كبير من جمهور عمرو دياب إجابته، وأنا فى مقدمتهم، عمرو دياب عجّز ولا إحنا إلى كبرنا؟!