جِنْ:وهم الخلق الخفى أو المستور عن أعيننا وهم الجِنَّةُ ومُفردها: جَانٌ. قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} الإسراء88
مجنون:هو من غاب عقله وسُتر عنه (وكانوا يظنون أن هذا بتأثير تلبسه بالجن) وهى بنفس معنى به جِنَّةٌ. قال تعالى: {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }الحجر6 وقال سبحانه أيضا: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} المؤمنون25
جَنَّةٌ:هى المكان كثير الأشجار فتُخفى وتستر الأرض التى فيها. يقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} سبأ15
وللجن ذرية أى أن منهم رجال وإناث لأن الله خلق من كل شيء زوجين كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} الكهف50
كما قال عز وجل{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} الجن6
وقال عز وجل{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الذاريات49
وقال عز وجل{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} الجن11
وقال عز وجل{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} الصافات158
وقد أرسل الله إلى الجن رُسلا منهم كما أرسل رُسلا إلى الإنس كما قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} الأنعام130
ولم يُخبرنا الله تعالى شيئا عن رسل الجن كما لم يُخبرنا شيئا عن رسل كثيرة للإنس فقد اكتفى بما قصه علينا للاعتبار كما قال سبحانه:{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} النساء164
ولأن الجن يسمعون الإنس فقد سمعوا ما أرسله الله لأنبيائه من الإنس ورأوا مُعجزاته كما قال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} الجن1
وقد أرسل الله سبحانه كل رسول إلى قومه أو إلى من شاء، وأرسل سيدنا محمد عليه السلام خاتم النبيين بالقرآن ليكون للعالمين نذيرا وليس إلى قومه فقط كما قال سبحانه:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} الفرقان1
وليس للجن سلطان على الذين آمنوا وتوكلوا على ربهم، فسلطانه على من تولوهم واستعاذوا بهم ،يقول تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} النحل99
وقد حذرنا الله من الاتصال بالجن والاستعانة به حتى لا يزيدوننا رهقا كما قال تعالى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} الجن6
ولكنه سبحانه استثنى سليمان عليه السلام فقد أعطاه مُلكا لا ينبغى لأحد من بعده وسخر له شياطين الجن كما قال سبحانه: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ{35} فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ{36} وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ{37} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38} هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{39} ص
وزعيم شياطين الجن هو إبليس الذى تعهد بإفساد عباد الله وأن يكون له نصيب مفروض منهم يتولونه، ويُعاون إبليس ذريته من شياطين الجكما كما قال تعالى {لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} النساء118
وقد عبد كثير من الناس الجن ظنا منهم بأن بينهم وبين الله نسبا فضلوا عن سبيل الله ويقول تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} سبأ41
ويقول عز وجل : {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} الصافات158
ولا يُمكن للجن أن يتزوجوا بالإنس ويُنجبوا منهم، فقد خُلق الإنس من طين، وخُلق الجن من نار السموم والخطأ هنا من سوء فهم كلمة “استمتع”
فاستمتع تعنى طلب المُتعة، وليس بالضرورى أن تكون مُتعة جنسية، فقد يكون التمتع فى هذه الآية بالاستفادة والمنافع المتبادلة كما قال عز وجل : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} الأحقاف20 فالاستمتاع هنا بالحياة الدنيا
فالمتعة هنا أيضا ليست جنسية بل هى مال تتمتع به المرأة تطييبا لخاطرها بعد الطلاق ويقول تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} المائدة96
فالمتاع هنا هو صيد البحركما قال المولى عز وجل {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ{71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ{72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ{73} الواقعة
والمتاع هنا هى النار التى تُدفئ المُسافر فى الصحراء ليلا فإذا كان لا يُمكن أن يتزوج إنسان حيوانا ويُنجب منه، فكيف يتزوج إنسى جنى؟
وقد وردت هذه الكلمة فى آيات كثيرة مثل: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} النمل29
وتُوضح الآيات أنه حدث اختصام فى الملأ الأعلى، وتُوضح أيضا أن هذا حدث عندما رفض إبليس السجود لما خلقه الله بيده، فاستكبر على الطاعة وظن نفسه أفضل من آدم، وكانت النتيجة أن لعنه الله وطرده من مجلس الملأ الأعلى، فخروج إبليس “منها” هنا تُشير إلى الملأ الأعلى وليس إلى الجنة، وإلا لما استطاع دخول الجنة بعد ذلك لإغواء آدم وزوجه. وبعد ذلك خرج آدم وزوجه وإبليس من الجنة وهبطوا إلى الأرض يُقيمون فيها وذريتهم إلى يوم البعث.
ويقول تعالى فى سورة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً{8} وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً{9} وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً{10} الجن
ونفهم منها أن الجن كانوا يتسمعون على مُناقشات الملأ الأعلى فيعرفون ما سيحدث لمن فى الأرض، ولكن بعد بعثة مُحمد عليه السلام ونزول القرآن فقد مُنعوا من ذلك، فتحيروا ولم يعودوا يعرفون ماذا يُراد بمن فى الأرض. أما لماذا منع الله الجن من التسمع على الملأ الأعلى بعد نزول القرآن، فلا نعرف على وجه التأكيد، وربما كان ذلك لاقتراب يوم القيامة وحتى لا يعرف أحد موعدها – وهذا مُجرد رأى.
ونفهم منها أن من يُحاول من شياطين الجن المتمردين التسمع على الملأ الأعلى فسوف يُقذف بشهاب ثاقب يترصده ويدحره ويُهلكه كما قال تعالى:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ }الملك5
ونفهم من الآية أن الكواكب هى مصدر الشُّهب فكلمة رُجوم معناها راجمات أى قاذفات، وهذا يتفق مع ما نعلمه الآن من علم الفلك، فتقول دائرة المعارف البريطانية إن الشهب التى تسقط على الأرض مصدرها الرئيسى هى الكواكب مثل المريخ وحزام الكويكبات والقمر.