زلطة: مراجعات مجانية للصفين الثالث الإعدادي والثانوي    بمناسبة عيد القيامة المجيد.. منطقة أسوان الأزهرية تقدم التهنئة للأخوة الأقباط    «جهاز المشروعات»: 5 آلاف فرصة عمل لمواجهة الهجرة غير الشرعية    حياة كريمة بأسوان تتابع 27 مشروعا في قرية فارس لخدمة 17ألف نسمة    الرئاسة الفرنسية: ماكرون يدعو نتنياهو إلى استكمال المفاوضات مع «حماس»    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: بن غفير يطالب نتنياهو باقتحام فوري لرفح الفلسطينية    الجيش الروسي يسيطر على مستوطنة أوشيريتينو الأوكرانية    الخارجية الفلسطينية تدين قيود الاحتلال على كنيسة القيامة والاعتداء على مسيحيي القدس    كاتب صيني: خارجية بكين تريد تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع فرنسا    أخبار الأهلي : الأهلي ينتظر رد معلول على العرض الأخير    «الصحة» تكثف حملاتها على أماكن بيع الأسماك المملحة تزامنًا مع شم النسيم    امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي| قرارات حاسمة بشأنها قبل ساعات من انطلاقها    مصرع شاب على يد ابن عمه في خلاف على الميراث بأسيوط    بعد اعترافه بخيانته لها.. أحدث ظهور ل كريم فهمي وزوجته دانيا    شم النسيم.. عيد شاهد على وحدة المصريين    مصطفى عمار: «المتحدة» حولت مهرجان القلعة لظاهرة فنية    يوسف زيدان يرد على اتهامه بالتقليل من قيمة عميد الأدب العربي    أمينة الفتوى: الحب الصادق بين الزوجين عطاء بلا مقابل    هيئة الدواء تحذر من مرطب شهير للجلد موجود بالأسواق    وكيل صحة الشرقية يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى القنايات المركزي    نقيب الأطباء: نشجع استثمارات القطاع الخاص في المراكز الصحية والمستشفيات    البصل والليمون.. ملوك السفرة في شم النسيم | فيديو    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    توقعات الأبراج، حظك اليوم الإثنين 6-5-2024، الميزان والعقرب والقوس    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    كريم فهمي: "هذا السؤال مرفوض بالنسبالي".. ولقب "أبو البنات" لا يزعجني    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بين القبيلة والدولة الوطنية    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    سرب الوطنية والكرامة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



والوالدت يرضعن أولادهن
نشر في الفجر يوم 09 - 09 - 2014

النظم القرآني مغاير للنظم الإنساني، فهو نظم يتصف بكمال البيان، والغاية في إيضاح المراد، والقوة في الدلالة على مقاصد الأحكام، مضافاً لذلك موقعه الخاص عند القارئ للنص القرآني.

ومقالنا هذا يستجلي لطائف آية قرآنية، تتعلق بأهم حدث في حياة كل زوجين، وهو الرزق بمولود، يقول تعالى في هذا الشأن: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما} (البقرة:233). نحاول في هذه السطور تلمس بعضٍ من لطائف هذه الآية الكريمة.

اللطيفة الأولى: قوله سبحانه: {والوالدات يرضعن}، هذه العبارة جملة خبرية، معناها الأمر، والتقدير: أيها الوالدات أرضعن أولادكن. والأمر هنا أمر ندب لا أمر وجوب.

ولك أن تقول: إن الخبر هنا على معناه، ويكون الكلام حينئذ أبلغ؛ لأنه يدل على أمرين:

أولهما: أن الإرضاع حق من حقوق الأم، لا ينبغي للمولود له أن ينازعها فيه إن طلبته.

ثانيهما: أن الإرضاع حق على الأم، لا ينبغي أن تماطل به، أو تتخلى عنه، أو تساوم فيه، إذا لم يقبل الطفل غير ثدي أمه.

ويؤيد هذا تقديم الاسم {والوالدات} على الفعل {يرضعن}، والتعبير بالجملة الاسمية التي تدل على الحصر، فلو قيل: (تُرضع الوالدات أولادهن) ما كان ملزماً للأم، ولا للمولود له.

اللطيفة الثانية: قوله تعالى: {يرضعن أولادهن}، ذكر المفعول به {أولادهن} مع كونه مفهوماً من السياق؛ إيماء إلى أحقية الوالدات بذلك، وإلى ترغيبهن فيه بداعي الحنان والشفقة. فإذا أرادت الأم إرضاع ولدها فهي أولى به، سواء كانت بغير أجر أو طلبت أجر مثلها. وفيه إشارة أيضاً إلى أن هؤلاء الذين يحتاجون إلى الرضاعة هم أولاد أولئك المرضعات اللائي فُطرن على حبهم والشفقة عليهم، فكيف يُعرضن عن إرضاعهم؟

اللطيفة الثالثة: قوله سبحانه: {حولين كاملين} وصف الحولين ب (الكمال)؛ دفعاً للمجاز الذي يحتمله {حولين}؛ إذ يقال: أقمت عند فلان حولين، وإن لم تستكملهما. ويقال: هو ابن سنتين، ويريدون سنة وبعض الثانية. وهذا الإطلاق شائع في كلام العرب. و{كاملين} صفة توكيد، كقوله سبحانه: {تلك عشرة كاملة} (البقرة:196). وقد جعل الله الرضاع {حولين}؛ رعياً لكونهما أقصى مدة يحتاج فيها الطفل للرضاع، إذا عرض له ما اقتضى زيادة إرضاعه، فأما بعد الحولين فليس في نمائه ما يصلح له الرضاع بعدُ. ولما كان خلاف الأبوين في مدة الرضاع لا ينشأ إلا عن اختلاف النظر في حاجة مزاج الطفل إلى زيادة الرضاع، جعل الله القول لمن طلب زيادة مدة الرضاع، مراعاة لمصلحة الطفل.

اللطيفة الرابعة: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}، استعمال (الإتمام) {أن يتم}، مع {الرضاعة}؛ لأن الفطام يمكن أن يحصل قبل استغراق المدة المعتادة، ثم إن الرضاعة لا يمكن أن تكمل؛ لأن الطفل لو لم يُقْسَر على الفطام لشب على حب الرضاع، كما قال بعضهم:

والنفس كالطفل إن تُهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: {المولود له} هو الوالد، وهو الأب، ولم يأت بلفظ (الوالد)، ولا بلفظ (الأب)، بل جاء بلفظ: {المولود له}؛ لما في ذلك من إعلام الأب ما منح الله له وأعطاه، إذ اللام في: {له}، معناها شبه التمليك، كقوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} (النحل:72)، ولذلك يتصرف الوالد في ولده بما يختار، وتجد الولد في الغالب مطيعاً لأبيه، ممتثلاً ما أمر به، منفذاً ما أوصى به، فالأولاد في الحقيقة هم للآباء، وينتسبون إليهم لا إلى أمهاتهم. فلما كان لفظ: {المولود}، مشعراً بالمنحة وشبه التمليك، أتى به دون لفظ (الوالد)، ولفظ (الأب)، وحيث لم يرد هذا المعنى، أتى بلفظ (الوالد)، ولفظ (الأب)، كما قال تعالى: {لا يجزي والد عن ولده} (لقمان:33)، وقال: {لا جناح عليهن في آبائهن} (الأحزاب:55).

قال العز ابن عبد السلام: "إن الولد ينفع أباه أكثر مما ينفع أمه؛ لأن الولد يحمل أباه في المحافل، ويدفع عنه في الحروب، إلى غير ذلك من النفع، مما لا يحصل للأم، فأراد سبحانه أن ينبه ب {المولود له} على العلة التي لأجلها اُختصت نفقة الولد بأبيه دون أمه؛ ولأن اللام تُستعمل في النفع، فيقال: شهد له، ومنه قول سبحانه: {من عمل صالحا فلنفسه} (فصلت:46)، وهي هنا مشعرة بالنفع الحاصل من الولد".

ولطيفة أخرى في قوله: {وعلى المولود له}، وهي أنه لما كُلف المولود له بمؤن المرضعة لولده من الرزق والكسوة، ناسب أن يُسلى بأن ذلك الولد هو وُلِد لك لا لأمه، وأنك الذي تنتفع به في التناصر وتكثير العشيرة، وأن لك عليه الطواعية كما كان عليك لأجله كلفة الرزق، والكسوة لمرضعته.

وجاءت الجملة {وعلى المولود له رزقهن} بصيغة الخبر، وجعل الخبر جاراً ومجروراً بلفظ: (على)، الدالة على الاستعلاء المجازي والوجوب. فأكد بذلك مضمون الجملة؛ لأن من عادة المرء منع ما في يده من المال، وإهمال ما يجب عليه من الحقوق، فأكد ذلك. وقدم الخبر {وعلى المولود له} على سبيل الاعتناء به، وجاء الرزق مقدماً على الكسوة، لأنه الأهم في بقاء الحياة، والمتكرر في كل يوم.

اللطيفة السادسة: {لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده}، لما كان تكليف النفس فوق الطاقة، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت، أتى بالجملتين فعليتين، وأدخل عليهما حرف النفي (لا)، الموضوع للاستقبال غالباً.

اللطيفة السابعة: قوله سبحانه: {فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور}، عطف التشاور على التراضي؛ تعليماً للزوجين شؤون تدبير العائلة، فإن التشاور يُظهر الصواب، ويحصل به التراضي. وأفادت هذه العبارة أن حق إرضاع الحولين مراعى فيه حق الأبوين وحق الرضيع، ولما كان ذلك يختلف باختلاف أمزجة الرضعاء جعل اختلاف الأبوين دليلاً على توقع حاجة الطفل إلى زيادة الرضاع، فأعمل قول طالب الزيادة منهما. فإذا تشاور الأبوان وتراضيا بعد ذلك على الفصال كان تراضيهما دليلاً على أنهما رأيا من حال الرضيع ما يغنيه عن الزيادة، إذ لا يظن بهما التمالؤ على ضر الولد، ولا يظن إخفاء المصلحة عليهما بعد تشاورهما، إذ لا يخفى عليهما حال ولدهما.

اللطيفة الثامنة: قال بعض أهل التفسير: إنه تعالى وصى الأم برعاية الطفل أولاً، ثم وصى الأب برعايته ثانياً، وهذا يدل على أن احتياج الطفل إلى رعاية الأم أشد من احتياجه إلى رعاية الأب، لأنه ليس بين الطفل وبين رعاية الأم واسطة البتة، أما رعاية الأب فإنما تصل إلى الطفل بواسطة، فإنه يستأجر المرأة على إرضاعه وحضانته بالنفقة والكسوة، وذلك يدل على أن حق الأم أكثر من حق الأب، والأخبار المطابقة لهذا المعنى كثيرة مشهورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.