رغم أن عجلة الانتخابات الرئاسية بدأت فى الدوران بأقصى سرعة، إلا أن أيا من المنظمات الحقوقية التى سارعت إلى الإعلان عن مشاركتها فى مراقبة الانتخابات البرلمانية الماضية، لم تصدر بيانا واحدا، يوضح موقفها من المشاركة فى انتخابات الرئاسة، حتى بعد إغلاق باب الترشح، كما لم تعلن أى منظمة عن خططها أو استعداداتها لمراقبة الانتخابات أو الدعاية التى بدأت تغزو الشوارع قبل فتح باب الترشح. ويطرح غياب المنظمات الحقوقية عن مراقبة الانتخابات الرئاسية سؤالا، حول ما إذا كانت الحملة التى واجهتها المنظمات خلال الفترة الأخيرة، ووصلت إلى حد محاكمة عدد من المنظمات بتهم تلقى تمويل من منظمات أجنبية بطريقة غير مشروعة، وهو ما يبدو أنه أثر على أنشطة المنظمات فى الرقابة على الانتخابات، وهو أحد الأنشطة الرئيسية التى يتم تمويلها من برامج حقوقية أجنبية. يقول الناشط الحقوقى محمد عبد الله إن «المنظمات الحقوقية تواجه عددا كبيرا من الأزمات مؤخراً، خاصة فيما يتعلق بمشروعات مراقبة انتخابات الرئاسة، لأن المنظمات لم تتلق تمويلا للمشروعات بسبب الهجمة الشرسة التى تعرضت لها منظمات المجتمع المدنى، والتشهير بها أمام الرأى العام، كما نجح المجلس العسكرى فى أن يجعل الإغلاق والمطاردة والاعتقال شبحا للمنظمات، لتهميش دورها فى المجتمع، استنادا إلى قدرته على اعتقال مسؤوليها فى أى وقت، وبترحيب شعبى، بغض النظر عن النواحى القانونية». ويضيف عبد الله، أن «الكثير من المؤسسات الحقوقية فقدت شركاءها وداعميها الفنيين فى المشروعات الانتخابية، بعد قضية التمويل الأجنبى، وعلى رأسها، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، التى كانت تتلقى دعما فنيا أساسيا من المعهد المصرى الديمقراطى، والذى قدم لها دعما فى انتخابات الشعب والشورى الأخيرة، وكانت الجمعية تطبق أسلوبا جديدا فى المراقبة، وهو الفرز السريع، الذى يعتبر أحدث طرق المراقبة». ويؤكد عبدالله أن عدداً من المنظمات لايزال يبحث حتى الآن، عن مصادر تمويل بديلة، متوقعا أن يتمكن عدد قليل منها فى الحصول على التمويل المطلوب، ومنها الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والتى تسعى حاليا للحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبى، كما تسعى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان للحصول على تمويل من المعونة الأمريكية. ومن جهته، يقول الناشط الحقوقى إيهاب راضى، إن «متابعة المنظمات الحقوقية لأول انتخابات رئاسية بعد الثورة، هى مسألة شديدة الخطورة، خاصة أنه لا توجد نية من الحكومة للاعتراف بدور المنظمات، بل تتعمد إجهاض متابعة منظمات للانتخابات، وبدأت بالفعل حملة لتشويه سمعتها، وهو ما كان له تأثير كبير على العمل الأهلى فى مصر»، ويشير راضى إلى أن «اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، تشارك الحكومة المصرية فى تجاهل إصدار أى قواعد لإعطاء تصاريح المراقبة للمنظمات، مؤكدا أن المنظمات سوف تعمل حتى إذا لم تستخرج التصاريح، استنادا إلى أحكام قضائية واتفاقيات دولية. أما المحامى والناشط الحقوقى أحمد أبو المجد، فيقول إن «الهجمة الشرسة التى تعرضت لها المنظمات الحقوقية عقب انتخابات مجلس الشعب، كانت تنبئ عن مؤامرة مدروسة ومخططة لمنع المنظمات من مراقبة الانتخابات الرئاسية، وهو ما يوحى بوجود احتمالات لأن يتم تزويرها، والدليل على ذلك، هو التعديلات الدستورية، وتمرير المادة 28، التى تحصن قرارات اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية من الطعن، كما أنه لا يجوز التعرض لها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وهذا ما يتعارض مع العمل بالأحكام التى تؤكد أن الشعب هو مصدر السلطات، كما أنه يخالف المقومات الأساسية للدولة والحقوق والحريات العامة».