رئيس جامعة بنها يفتتح معرضا للمنتجات والسلع الغذائية بأسعار مخفضة    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    ما شروط القبول في المدارس الرياضية 2024-2025؟    جامعة النيل تنظم لقاء مفتوح لطلاب الثانوية العامة وأسرهم بعنوان «ارسم مستقبلك»    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    الإحصاء: 864 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر والأردن خلال عام 2023    انخفاض أسعار القمح العالمية لأدنى مستوى لها خلال شهر    وزير التجارة يبحث مع نظيره الإندونيسي تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين    وزيرة التضامن تؤكد على دور الفن التشكيلى فى دعم التنمية المستدامة    "القلعة" تنهي المرحلة الأخيرة لشراء الدين بنسبة تغطية 808%    أبومازن: مستعدون لتولى مهام إدارة غزة وحان الوقت لإيقاف ما يتعرض له الشعب    وزارة الدفاع الروسية تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    زيلينسكي يطالب بشكل عاجل بمزيد من المساعدات في الدفاع الجوي    تركيا واليونان تطالبان المواطنين بعدم الخروج بسبب موجة الحر    وزير الرياضة يشهد انطلاق المشروع القومي لصقل مدربي المنتخبات الوطنية بالجامعة البريطانية    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    قبل مواجهة اليوم.. هل يُعني فوز الأهلي أو الاتحاد تتويج أحدهما بدوري السلة؟    "آخرهم حارس يوفنتوس".. هل يجمع رونالدو زملائه السابقين في النصر السعودي؟    الكرة الطائرة، ندوة تثقيفية لمنتخب مصر حول مخاطر المنشطات    موجة شديدة الحرارة بأغلب الأنحاء غدًا.. والعظمى بالقاهرة 39 درجة    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    معلومات عن شقيق محمود كهربا بعد القبض عليه.. «ليست المرة الأولى»    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة البيضاء فى نجع حمادى بقنا    هاجر أحمد: الفن مسئولية وتجربة فيلم أهل الكهف كانت ممتعة للغاية    «قلبه في معدته».. رجال هذه الأبراج يعشقون الأكل    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    رئيس هيئة الدواء: مصر الأولى أفريقيًا في تصنيع الدواء    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    "الشياطين الحمر" يتوهج برفقة دي بروين ولوكاكو    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    صحة بني سويف: إحالة واقعة إصابة 29 طفلا ب "طفح جلدي" للنيابة    مع ارتفاع درجة الحرارة.. طبيب يقدم نصائح مهمة لحجاج بيت الله    قبل العيد.. 6 فوائد ذهبية لتناول لحم الضأن ونصائح مهمة للتخزين والطهي    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    الداخلية تواصل جهود مكافحة جرائم الاتجار فى المواد المخدرة والأسلحة ب3 محافظات    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    سيد معوض: حسام حسن يجب أن يركز على الأداء في كأس العالم والتأهل ليس إنجازًا    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخلاص سر الصيام
نشر في الفجر يوم 01 - 07 - 2014

ما أروع الصيام وأحلى معانيه، تتجلى فيه عبادة من أعظم عبادات القلب، ألا وهي إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} ... [سورة البينة: 5].

الصيام خصه الله تعالى لنفسه «إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به»... [رواه البخاري ومسلم]، إذ هو عبادة لا يطلع على حقيقتها وصحتها إلا الله سبحانه وتعالى. من ذا الذي يطلع على الصائم إذا خلا بنفسه أأكمل صومه أم لا إلا الله عز وجل.

والإخلاص هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك.

وقيل: هو أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شرك لغير الله، فيكون الله محبوب قلبه، ومعبود قلبه، ومقصود قلبه فقط

وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء أن يكون ظاهره خيراً من باطنه.

وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.

ومن هُنا تأتي أهمية الصوم ومعناه الكبير؛ إذ كُل عبادةٍ سواه قد يدخلها الرياء حتى الصلاة خير الأعمال قد يدخلها الرياء.

فما أحوجنا إلى الصيام نتعلم فيه الإخلاص. قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا رياء في الصوم".

الإخلاص مطلب مُلِح، وعمل قلبي واجب، لا منزلة لأعمال العبد بدونه، كيف لا؛ ومدار قبول الأعمال وردها عليه.

بالإخلاص والمتابعة تقبل الأعمال، وبضده يحبط العمل.

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ... [سورة الزمرَ: 2 3]. وقال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}... [سورة الزمر: 14-15].

وقد جمع الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في سلم الوصول شرطي قبول العمل، فقال:

شرط قبول السعي أن يجتمعا*** فيه إصابة وإخلاص معاً
لله رب العرش لا سواه***موافق الشرع الذي ارتضاه
وكل ما خالف للوحيين *** فإنه رد بغير مين

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.. [سورة الملك: 2]. قال الفضيل بن عياض - رحمه الله- أخلصه وأصوبه. قالو: ما أخلصته وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة؛ ثم قرأ قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.. [سورة الكهف: 110].

وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}.. [سورة النساء: 125]. وإسلام الوجه هو: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه متابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وسننه.

الإخلاص فيه زكاء للنفس، وانشراح للصدر، وطهارة للقلب، وتعلق بمالك الملك، المطلع على السرائر والضمائر.

الإخلاص مسك القلب، وماء حياته، ومدار الفلاح كله عليه.

إذا اطلع الخبير البصير على الضمير فلم يجد في الضمير غير الخبير، جعل فيه سراجاً منيراً.

سئل الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- عن الصدق والإخلاص؟ فقال: "بهذا ارتفع القوم".

نعم بضاعة الآخرة لا يرتفع فيها إلا مخلص صادق...

إنما تحفظ هذه الأمة وتنصر بإخلاص رجالها...

أيها الأحبة:

إن العمل وإن كان يسيراً إذا صاحبه إخلاص فإنه يثمر ويزداد ويستمر، وإذا كان كثيراً ولم يصاحبه إخلاص فإنه لا يثمر ولا يستمر، وقد قيل: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله زال وانفصل..

قال ابن القيم - رحمه الله – في (الفوائد): "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه".

الإخلاص ثمرته عظيمة ، وفوائده جليلة ، والأعمال المقترنة به مباركة:

الإخلاص هو الأساس في قبول الأعمال والأقوال.

الإخلاص هو الأساس في قبول الدعاء.

الإخلاص يرفع منزلة الإنسان في الدنيا والآخرة.

الإخلاص يبعد عن الإنسان الوساوس والأوهام.

الإخلاص يحرر العبد من عبودية غير الله..

الإخلاص يقوي العلاقات الاجتماعية وينصر الله به الأمة.

الإخلاص يفرج شدائد الإنسان في الدنيا والآخرة.

الإخلاص يحقق طمأنينة القلب وانشراح الصدر

الإخلاص يقوي إيمان الإنسان ويُكرِّه إليه الفسوق والعصيان..

الإخلاص تعظم به بركة الأعمال الصغيرة ، وبفواته تَحقُر الأعمال العظيمة .

لقد عرف السائرون إلى الله تعالى أهمية الإخلاص فجاهدوا أنفسهم في تحقيقه، وعالجوا نياتهم في سبيله.

يقول سفيان الثوري رحمه الله: "ما عالجتُ شيئاً عليّ أشد من نيتي ، إنها تتقلب عليّ".

وقال عمرو بن ثابت: "لما مات علي بن الحسين فغسلوه؛ جعلوا ينظرن إلى آثار سواد بظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة".

وعن محمد بن إسحاق: "كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل".

وهذا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل يقول عنه تلميذه أبوبكر المروزي: كنت مع أبي عبد الله نحواً من أربعة أشهر، بالعسكر، وكان لا يدع قيام الليل، وقراءات النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يُسر بذلك.

وقال محمد بن واسع: "لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بل ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته، ولقد أدركت رجالاً، يقوم أحدهم في الصف، فتسيل دموعه على خده، ولا يشعر به الذي جنبه".

وقال الشافعي رحمه الله: "وددت أن الخلق تعلموا هذا – يقصد علمه- على أن لا ينسب إلى حرف منه".

أخي الصائم:

ما أحوجنا للتدرب على الإخلاص في هذا الشهر الكريم، ومجاهدة النفس على طرد العجب والتخلص من أي تعلق للقلب بغير المولى جل وعلا.

من استحضر عظمة الخالق هان عليه نظر المخلوقين وثناؤهم، ومن تعلق قلبه بالدار الآخرة هانت عليه الدنيا وملذاتها.

مساكين من أبطلوا أعمالهم بالشرك الخفي .. مساكين من أذهبوا ثوابهم بالرياء وإرادة الثواب العاجل {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ...[سورة النساء: 134].

{مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ* أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}... [سورة هود: 15–16].

«قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه» [رواه مسلم].

شجرةُ الإخلاص أصلُها ثابت وفرعها في السماء، ثمرتها رضوان الله ومحبته وقبول العمل ورفعة الدرجات.

وأما شجرة الرياء فاجتُثت لخبثها فأصبحت هباء منثورا، لا ينتفع بها صاحبها ولا يرتفع ، يناديه مناد يوم يجمع الله الأولين والآخرين: من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.

لريح المخلصين عطرية القبول، وللمرائي ريح السموم.

نفاقُ المنافقين صير موضع المسجد كناسة تلقى فيها الجيف والأقذار والقمامات {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}

وإخلاصُ المُخلصين رفع المساكين منازل فأبر الله قسمهم (رُبَّ أشعث أغبر).

كم بذل نفسَه مُراءٍ لتمدَحَهُ الخلائق فذهبت والمدح ، ولو بذلها للحق لبقيت والذِكر .

المُرائي يحشو جراب العمل رملاً فيُثقلُه ولا ينفعه.. ريح الرياء جيفة تتحامى مسها القلوب.

لما أخذ دُود القزّ ينسُجُ أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: لك نسجٌ ولي نسج، فقالت دُودةُ القز: "ولكن نسجي أرديَةُ بناتِ المُلوك ونسجُكِ شبكة الذباب، وعند مسّ النسيجين يبين الفرق".

الإخلاص أخي الصائم.. فيه الخلاص من ذل العبودية للخلق إلى عز العبودية للخالق.

الإخلاص أخي الصائم.. فيه الخلاص من نار تلظى.. ورقي في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

الإخلاص أخي الصائم.. شجرة مورقة.. وثمرة يانعة.. بها تنال النفس أعلى المراتب.. وتتبوأ أسنى المطالب.

رزقنا الله وإياك صلاح العمل.. وإخلاص النية.. وكتبنا جميعاً من المقبولين والمعتقين من النيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.