وزير المالية: الآفاق الاقتصادية لمصر أكثر استقرارًا وتحفيزًا للنمو وخلق فرص العمل    «مصر للطيران» تعلن استئناف رحلاتها إلى دبي بعد تحسن الأحوال الجوية    وزارة النقل توقع مذكرة تفاهم مع «الغانم» الكويتية لتطوير ميناء برنيس    محافظ القليوبية: حصاد 12 ألف فدان من القمح وتوريد 358 طنا إلى الصوامع    «التخطيط»: 11.6 مليار جنيه استثمارات 478 مشروعًا تنمويًا بأسيوط خلال 2023-2024    وزارة الهجرة تشارك في فعاليات النسخة الثالثة للمنتدى والمعرض الدولي للتعليم الفني التكنولوجي والتعليم المزدوج والتدريب المهني إديوتك إيجيبت    صحة غزة: أكثر من 730 ألف مواطن في الشمال بلا خدمات صحية حقيقية    خبير دولي عن زيارة ملك البحرين للقاهرة: دلالة على التخطيط لعمل عربي مشترك    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي دمر كل مقومات الحياة في خان يونس    «القاهرة الإخبارية»: زيلينسكي يعلن نفاد مخزون أوكرانيا من صواريخ الدفاع الجوي    حسين الشحات يغيب عن أولى جلسات محاكمته بالتعدي على محمد الشيبي    برشلونة الأشهر.. 3 نماذج خيالية ل «الريمونتادا» تبشر ليفربول قبل موقعة أتلانتا    أحمد سليمان يورط الزمالك فى صفقات فاشلة    ريال مدريد يقترب من فقدان نجمه أمام برشلونة في الكلاسيكو    «التعليم» توجّه بحصر أسماء طلاب المنازل الراسبين في الثانوية العامة 2023    ضبط 12 طن جبنة بيضاء مجهولة المصدر و مخبزين تصرفا فى 427 شيكارة دقيق بلدي بالبحيرة    حبس عامل شرع بقتل عاطل خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    تحريات مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شخص قرب محطة سكة حديد الجيزة    كل ما تريد معرفته عن مميزات وأماكن تركيب الملصق الإلكتروني للسيارات    القصة الكاملة لمصرع صاحب شركة سياحة إثر تعطل الأسانسير في الهرم    خصم 30% على إصدارات «دار الكتب» بمناسبة اليوم العالمي للتراث    بعد نجاح تجربتها مع عمرو دياب.. هل تتجه منة عدلي القيعي للغناء؟    عمر كمال يرد على ضجة سيارته:"كنت بنزل تحت رجل الست ألبسها الشوز"    مجلس الوزراء يوافق على تنفيذ مشروع تطوير مستشفى قصر العيني الجديد    الأحد.. كشف مجانى بالعيادات الخارجية بطب أسنان جامعة المنوفية    صحة المنيا توقع الكشف الطبي على 1632 حالة بالمجان    تأجيل محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب ممدوح عباس    محامي حسين الشحات يطالب باستدعاء رئيس اتحاد الكرة ولاعبين بالأهلي في اتهامه بالتعدي على محمد الشيبي    طفن إعادة التدوير.. ورشة لقصور الثقافة بمركز رعاية ذوي الهمم بالزيتون    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    25 أبريل.. انطلاق دورة إعداد المدربين TOT بجامعة بنها    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    الأحد.. النواب يعقد ثانى جلساته بالعاصمة الإدارية    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    الرعاية الصحية: 10 مستشفيات جديدة ومجمع الفيروز الطبي يدخلون الخدمة 30 يونيو المقبل    بالتواريخ| عدد إجازات الموظفين في عيد العمال وشم النسيم    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    التموين تزف بشرى سارة عن أسعار السندويتشات في المحلات بسبب الرغيف السياحي    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    «تعليم البحر الأحمر» تجري تعديل على موعد امتحانات الصف الثاني الثانوي بسبب احتفالات عيد السعف    السفارة الأمريكية تنظم فعاليات لدعم التدفق السياحي إلى الأقصر    «كن فرحًا».. مؤتمر لدعم وتأهيل ذوي الهمم بالأقصر    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    «تموين بني سويف»: حملات مستمرة لمتابعة إنتاج رغيف خبز يليق بالمواطنين    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    الصين قادمة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    حسام عاشور: حزين من كولر بعد القمة.. وقررت دخول مجال التدريب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : خلف خطوط المشير السيسى السيسى
نشر في الفجر يوم 02 - 03 - 2014


من الإطاحة برئيس وزراء.. إلى خطة التجلى الأخير

كان المشهد السياسى يحبس أنفاسه انتظارا للحظة التى يعلن فيها المشير عبد الفتاح السيسى ترشحه للانتخابات الرئاسية، إعلان يخرج منه هو شخصيا، ولا يعتمد على التسريبات التى يتعمدها البعض لإرباك الحسابات ولخبطة أوراق المنافسين الذين يؤجلون ترتيب أوراقهم بشكل نهائى لمعرفة موقف المرشح الذى يتعامل معه المصريون على أنه الرئيس القادم، وأن عملية تتويجه عملية وقت وليس أكثر. لكن مرت الأيام دون أن يحدث شىء من ذلك.

كان المشهد السياسى ينتظر إعلان الحكومة استقالتها تمهيدا لخروج السيسى منها، حتى يتفرغ لإعلان ترشحه للرئاسة وهو مواطن مصرى وليس وزيرا للدفاع، وكان الموعد المحدد لذلك هو 4 مارس المقبل، لكن الحكومة أعلنت استقالتها فى مفاجأة كاملة الأركان.. - المفاجأة لم تكن للإعلاميين ولا الصحفيين ولا محترفى النميمة السياسية، ولكن للوزراء أنفسهم – وتم الإعلان عن بقاء السيسى وزيرا للدفاع ليس لتسيير شئون وزارة الدفاع فقط، ولكن فى الحكومة الجديدة، وهو إعلان تجاوز الأعراف السياسية، فالمفروض أن رئيس الحكومة الجديدة أيا كان اسمه هو من يعلن ذلك.

لكن كان هناك ما استدعى إبعاد حكومة الببلاوى عن المشهد.. ولو كان بالبتر.

لقد ظل كل ما يأتى من ناحية المشير السيسى مثيرا للإعجاب لشهور طويلة، لدرجة أن أى قرار يصدره حتى لو كان طبيعيا وعاديا ومن صميم عمله نتعامل معه على أنه إنجاز وإعجاز فى حد ذاته، لكن فى الأسابيع الأخيرة أصبح ما يأتى من ناحيته مثيرا للقلق والغموض، وفى حالات كثيرة داعيا للاستياء.. فلا أحد يعرف حقيقة ما يجرى، ولا أحد يستطيع أن يحسم الحق فيما يقال من الباطل.. وكأنه مقصود أن ندخل فى حالة من التيه العظيم التى لن تفيد أحدا على الإطلاق.

أعرف أن المشير السيسى قضى سنوات طويلة من عمره وهو رجل معلومات من الطراز الأول، ولابد أن طبيعته المخابراتية ووجهه الذى يعرفه أساتذة الطب النفسى بوجه لاعب البوكر، الذى لا تستطيع أن تعرف على وجه الدقة ما الذى يخفيه خلف ملامحه، يؤثران كثيرا على سير الأحداث فى مصر الآن، لكننى أعتقد أن الأمر أصبح مبالغا فيه إلى درجة كبيرة.

قد يكون من المناسب هنا ألا نستسلم لهذه الحالة التى يصر من يحيطون بالمشير السيسى – الأمر يحظى برعايته ما فى ذلك شك – إدخالنا فيها رغما عنا، فلدينا ما يمكن أن نقوله، على الأقل من أجل أن نفهم طبيعة ما جرى، وأبعاد ما سيجرى، رغم أنى أدرك جيدا أن المحاولة يمكن أن تطيش، لأنه لا شىء ثابت، ولا شىء حقيقى حتى الآن.

لن أطلب منك أن تتحملنى كثيرا فيما سأكتب.. لكن فقط تحلى بالصبر، فمن يدرى.. لعلنا نستطيع أن نفهم فى النهاية.


1 - عملية إذلال الببلاوى فى قصر الاتحادية

لم يكن الدكتور حازم الببلاوى يتوقع فى أسوأ كوابيسه أن ينتهى هذه النهاية، كان يعتقد أن الدور الذى قام به بعد ثورة 30 يونيو، سيؤهله لأن يظل أطول فترة ممكنة فى المنصب.

لا أتحدث عن عبقريته الاقتصادية ولا إنجازاته الإدارية ولا أفكاره الاستراتيجية، ولكننى أتحدث تحديدا عن تصديه للدور الأهم فى حمل كل أوزار تنظيف مصر من الإخوان المسلمين، فهو الذى يتحمل مسئولية فض اعتصام رابعة والنهضة رغم مراوغته فى ذلك، فالرجل هو رئيس الوزراء المسئول، وهو الذى يتحمل مسئولية إنهاك جماعة الإخوان المسلمين والوصول بها إلى مرحلة الإجهاض التام، رغم تأخره الشديد فى إعلانها جماعة إرهابية، وهو ما يجعله من زاوية محددة بطلاً قومياً استطاع أن يخلص مصر من أسوأ ما فيها، لكنه من زاوية أخرى يضع رقبته تحت المقصلة، فهو حتما مستهدف من إرهابيى الجماعة الذين يريدون الانتقام منه بشكل شخصى، ولذلك كان يعتقد أنه باق مع نظام 30 يونيو حتى يطلب هو أن يرحل.

يوم الأحد الماضى توجه الببلاوى إلى قصر الاتحادية مرتين، كان يعتقد أن الرئيس المؤقت عدلى منصور سيناقش معه بعض الملفات الداخلية، ويراجع معه ملفات زيارته إلى نيجيريا التى كان سيقوم بها يوم الأربعاء، لكن المفاجأة أن منصور طلب من الببلاوى أن يتقدم باستقالة الحكومة.

من يعرفون الرئيس عدلى منصور جيدا يؤكدون أن الرجل هادئ جدا، لا يمكن أن يفقد أعصابه بسهولة، ولا يمكن أن يتعامل بعصبية مع أحد، مهما كانت الأزمة التى تحيط به، لكنه كان حادا إلى درجة ما وهو يتحدث مع الدكتور الببلاوى، الذى أبدى استياء من طلب الرئيس منه أن يتقدم باستقالته، وهو ما اضطر عدلى منصور أن يقول له، إننا لا نريد أن ننهى الأمر بصورة لا تليق، ويكفى أن تتقدم باستقالتك، بدلا من أن يصدر قرار بإقالة الحكومة.

عندما تحدث الببلاوى فى المؤتمر الصحفى الذى أعلن من خلاله استقالة حكومته، كان يعانى من مرارة بالغة.. لقد أحس أن ما حدث معه خيانة، وهو ما دفعه إلى الاعتذار عن السفر إلى نيجيريا، رغم أن سفره لها كان مهما، وكان نبيل فهمى وزير الخارجية قد سبقه إلى هناك، فلو أن الأمور سارت بشكل طبيعى لكان الببلاوى سافر فى إطار تسييره لأمور الحكومة لحين تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يفعل.

لقد كان أداء الببلاوى مستفزا منذ شهور، وكان الصبر عليه من باب أن الرجل تصدى لمهمة وطنية، وأن إزالة آثار الإخوان استغرق منه وقتا طويلا، لكن فى النهاية أدت تراكمات الغضب عليه إلى الإطاحة به من الحكومة دون اعتبار لشىء.

الغضب على الببلاوى لم يكن من عدلى منصور، فالرجل رغم تورطه بشكل كامل إلا أن غضبه فى الغالب يأتى بالإيحاء، الغضب كان من الفريق السيسى، والأسباب لم تكن إدارية فقط، ففشل الببلاوى فى احتواء الأزمات الأخيرة وتحديدا إضرابات المحلة والنقل العام والأطباء والصيادلة وغيرها، لم يأت لأن الأمر أكبر من قدراته، ولكن لأنه لم يكن يلتفت للتقارير والنصائح التى كان يتلقاها من جهات عديدة.

الببلاوى من ناحية ما كان يعتقد أنه الأهم والأذكى والأكثر عبقرية، والذى يستطيع أن يحل كل المشكلات دون حاجة للآخرين، وهو ما جعله يتجاهل هؤلاء الآخرين كثيرا.. وربما تحرك السيسى فى هذا التوقيت تحديدا لإقالة الببلاوى، لأنه أصبح يشكل خطرا كبيرا على تجربته القادمة.

لقد جاء الرجل لمهمة محددة، ووافق هو عليها لأن هذه كانت فرصته الأخيرة ليكون رئيسا للوزراء، لم أقابل أحدا مقتنعا به على الإطلاق، وما زلت أذكر السياسى الكبير الذى قال فى إحدى جلساته أن الببلاوى لا يصلح رئيسا للوزارة، ولكنه أقرب إلى كونه مفكرا، ولما عاتبه الببلاوى على رأيه، قال له السياسى الكبير: ولا تنفع تكون مفكر كمان.


2 - مصير الببلاوى بعد الخروج من الحكومة.. صرف النظر عن تكريمه وتهديدات باغتياله

قبل شهور كان هناك تصور لدى الرئيس عدلى منصور، يقوم على إجراء بعض التعديلات على الحكومة، كانت مهمة فض رابعة والنهضة انتهت تماما، وكان هناك اتجاه للاهتمام بالملفات الاقتصادية، ورغم أن الببلاوى رجل اقتصاد فى النهاية إلا أنه لم يكن مؤهلا للقيام بدور إيجابى.. فالشرايين تصلبت تماما.. ولم تكن هناك مساحة للتفاهم.

كانت الفكرة التى تم تداولها فى رئاسة الجمهورية وقتها أن يظل الدكتور حازم الببلاوى فى منصبه كرئيس للوزراء، لكن يتم تصعيد المهندس إبراهيم محلب إلى منصب نائب رئيس الوزراء للخدمات، مع الإبقاء على زياد بهاء الدين وحسام عيسى وعبد الفتاح السيسى كنواب لرئيس الوزراء، لكن كان هناك تصور آخر أكثر واقعية، وهو تصعيد الدكتور الببلاوى إلى منصب مساعد الرئيس كنوع من التكريم، وإسناد الحكومة إلى الدكتور إبراهيم محلب، مع الإبقاء على زياد بهاء الدين وحسام عيسى.

هذا التصور تم إجهاضه تماما، ورغم أن التسريبات التى حاصرت الحكومة وقتها كانت صحيحة، إلا أن الببلاوى ورفاقه فى مجلس الوزراء وقفوا وراء تعطيل أى تحرك للرئيس، بل إنهم وقفوا أمام تصور آخر وهو تشكيل حكومة حرب، على اعتبار أن مصر دخلت حزام حرب فعلية مع الإرهاب بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، لكن هذا الاقتراح تم تجاوزه، رغم أن السيسى شخصيا كان سيقوم بتشكيلها ورئاستها.

الآن وبعد حالة الإذلال التى مر بها الببلاوى فى قصر الرئاسة، وبعد الطريقة التى خرج بها من منصبه، أعتقد أنه من الصعب أن يكون أى تكريم للرجل من أى نوع، خاصة أن مناقشة دارت فى قصر الرئاسة منذ أيام مع الرئيس عدلى منصور بخصوص الببلاوى، وهل يمكن تعيينه مساعدا للرئيس أو على الأقل مستشارا، إلا أن منصور أكد أنه لا يميل إلى المناصب التى لا يكون لأصحابها اختصاص محدد، فليس معقولا أن يكون الببلاوى إلى جواره مساعداً أو مستشاراً وهو لا يعمل شيئا بعينه.

الأقرب أن الببلاوى سيرتدى البيجامة وسيجلس فى بيته – قد يجرب حظه مرة أخرى فى كتابة مذكراته عن شهور فى الوزارة، لكن الأغلب أيضا أنه سيحتاط لنفسه جيدا، لأنه يعرف جيدا أنه سيكون مهددا بالاغتيال، فالإخوان المسلمون لن ينسوا ثأرهم عنده، ليس لفض رابعة فقط، ولكن لأنه كان صاحب قرار إعلان الجماعة كجماعة إرهابية، صحيح أنه لم يعلن القرار بنفسه – فعل ذلك الدكتور حسام عيسى - إلا أنه فى النهاية كان من وقع على القرار.


3 - لماذا انحاز السيسى إلى إبراهيم محلب....ولم يرأس الحكومة بنفسه ؟

كان السؤال الأكثر إلحاحا لدى فئات كثيرة هو: لماذا لم يقم السيسى بنفسه بتشكيل الحكومة؟

فى أوقات الأزمات الطاحنة يتصدى القادة الكبار إلى هذه المهمة، وكان الأولى به بعد إزاحة الببلاوى عن المنصب، أن يتقدم هو ويعلن أنه سيضع على عاتقه مهمة تسيير أمور البلاد من خلال حكومة يختارها بنفسه، لكنه لم يفعل ذلك ودفع بإبراهيم محلب، لأن التجارب أثبتت أنه يثق فيه ويقدره ويتأكد من قدراته الإدارية.

لقد حرص السيسى منذ البداية على أن يظهر فى الصورة بصفته وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء فقط، رغم أنه فعليا كان مسئولا عن ملفات كثيرة، وكان كثير من الوزراء يلجأون إليه عندما تغلق فى وجوههم كل الأبواب، ولا زال يواصل الرجل هذا الحرص، رغم أنه فعليا اللاعب الأول والأساسى فى كل الملفات – حتى لو ادعى من يدعى وصلا به أنه لا يفعل ذلك – وهو ما جعله يدفع بأحد رجاله المقربين إلى صدارة المشهد ثقة منه فى أنه سينجح فى مهمته.

إن إبراهيم محلب لم يكن رئيسا لحكومة تسيير أعمال كما اعتقد البعض، بل سيكون رئيسا لحكومة تستمر إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، وهو ما يعنى أن السيسى اختار أول رئيس حكومة فى عهده، ولن يكون بعيدا أنه فى حالة نجاح الرجل أن يستمر معه طوال فترته الرئاسية الأولى، فمحلب بناء كبير، ومصر فى حاجة إلى بنائين عظام. لقد دخل إبراهيم محلب وزارة الببلاوى بعد أن اعتذر عنها الدكتور محمد فتحى البرادعى الذى كان وزيرا للإسكان خلال الفترة التى تولى فيها المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد، قال البرادعى وقتها إنه لا يمكن أن يعمل مع الببلاوى مرة أخرى، فقد كان شاهدا على أداء الببلاوى خلال حكومة عصام شرف، وكان لا يثق فيه كثيرا. . البرادعى رشح وقتها إبراهيم محلب، لأنه يثق فيه، فالمعرفة بينهما قديمة جدا، منذ أن كانا طالبين فى الجامعة، وكانا يتقابلان كل يوم جمعة بعد الصلاة ليقرآ مقال هيكل بصراحة فى الأهرام، ثم يأخذهما نقاش طويل حول ما كتبه هيكل.

إبراهيم محلب يجيد اللغة الفرنسية بطلاقة، ولا ينام إلا أربع ساعات يوميا، وقد أضافت له تجربة الوزارة خلال الشهور الماضية الحس السياسى، وحساسية التعامل مع الملفات السياسية إلى جوار الملفات الأمنية، ثم إنه أنجز بالفعل ما يمكن أن يعتبره السيسى مؤهلا له ليكون رجله الأول فى المرحلة القادمة.


4 - سر تأخر إعلان السيسى الترشح للرئاسة عند اللواء عباس كامل

دون أن يقصد – رغم أننى لا أعتقد أنه يفعل شيئا دون أن يقصده – حدد السيسى رجله الأول – إبراهيم محلب - فى الحكومة، لكن هناك بالفعل رجلاً آخر أكثر أهمية وخطورة يقف خلف السيسى دائما، هو اللواء عباس كامل مدير مكتبه فى وزارة الدفاع، والذى كان مديرا لمكتبه أيضا وهو مديرا للمخابرات الحربية، ورافقه خلال رحلة صعوده فى المؤسسة العسكرية.

كانت المرة الأولى التى أطل فيها اللواء عباس كامل على متابعى السيسى، عندما تسربت أجزاء من حواره مع ياسر رزق، وهو الحوار الذى نشر فى المصرى اليوم، كان ياسر يسأله عن أعداد القتلى خلال فض اعتصام رابعة، فقال: اسألوا عباس.

بدأت رحلة البحث عن اللواء عباس الذى يحتل مكانا ومكانة كبيرة لدى السيسى، هناك من يرى أنه عقله الذى يفكر به، وهناك من يؤكد أنه صاحب قدرات تنظيمية عالية جدا، وهو ما يساعد السيسى فى إنجاز الكثير من الأعمال دون عناء، وهناك من يشير إلى أن اللواء عباس كامل هو البوابة الذهبية إلى المشير السيسي، فلا شىء ولا أحد يمكن أن يعبر إلى السيسى دون أن يمر من عليه، ودون أن يقول هو كلمة نهائية وأخيرة فيه.

فى لحظة معينة عندما تردد أن المشير السيسى لم يحسم أمره وأنه لا يزال مترددا فى أمر ترشحه، كان اللواء عباس كامل هو صاحب الدور الأكبر فى إقناعه بضرورة أن يرشح نفسه للرئاسة، ويومها بذل جهودا كبيرا فى وضع كل الاحتمالات أمام المشير السيسى.. وأغلب الظن أنه نجح فى إقناعه فيما عجز كثيرون عن إقناعه به.

قد تكون هناك مجموعات عمل كثيرة دخلت ضمن فريق السيسى الرئاسى، لكنها فى النهاية مجموعات تعمل تحت إشراف اللواء عباس كامل الذى يتابع وينسق بين الجميع فى حالة من البساطة المتناهية، لقد كانت هناك مشكلة أن كثيرين يدعون أنهم فى فريق السيسى الرئاسى وأنهم يشرفون على وضع برنامجه، وهناك من فكر فى إصدار بيان بنفى علاقة هؤلاء بحملة السيسى، لكن اللواء عباس رأى أنه ليس من المنطقى صدور بيان بنفى علاقة أحد مهما كان قدره بالمشير، بل من يدعى أنه يعمل فى الفريق الرئاسى أو يساهم فى كتابة البرنامج أن يثبت هو ذلك.

بقيت فكرة أعتقد أنها كانت دقيقة جدا، وهى تأخر إعلان المشير السيسى ترشحه للرئاسة، القرار على الأرض فعليا أنه سيعلن ترشحه لكن ذلك سيكون بعد صدور قانون الانتخابات، فهناك رغبة فى تقليل الفترة التى تفصل بين السيسى وزيرا للدفاع والسيسى مرشحا رئاسيا، فهذا يقلل الاحتكاك بينه وبين القوى السياسية والمرشحين السياسيين والإعلام داخل مصر وخارجها، إنها محاولة لتخفيف الضغط عليه، وهى فكرة التقطها اللواء عباس كامل، ويتابع تنفيذها بدقة متناهية.

المعلومات عن اللواء عباس كامل ليست كثيرة حتى الآن على الأقل، لكن المساحة التى سوف يشغلها خلال الفترة القادمة ستجعله تحت الأضواء، وهو قدره الذى لا مفر منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.