وزير التنمية المحلية يشارك فى احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة المجيد    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    تراجع كبير في سعر الذهب عالميا.. «وصل لأدنى مستوياته منذ شهر»    بعد حملات المقاطعة.. تراجع في سعر السمك البلطي ليسجل 50 جنيها بالأسواق اليوم    كاتب صحفي: مصر جعلت القضية الفلسطينية ومعاناة شعبها «همها الأكبر»    إطلالة جديدة ل محمد صلاح    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    كشفتها الأقمار الصناعية.. الأرصاد توضح حقيقة الأتربة الوردية في سماء مصر    لقيامه بحركات استعراضية.. القبض على طالب بتهمة تعريض حياته للخطر    والد الطفل ضحية دهس سيارة الحضانة بالمنوفية متوعّدًا: «العقاب قدركم فتحمّلوه»    تشييع جثمان الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة.. والعزاء غدا (فيديو)    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    وزير الإسكان: دفع العمل بمشروعات الطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    عفروتو يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد صلاح    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و842 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    مبادرة "سيارات المصريين بالخارج" تجني ثمارها.. مليار و976 مليون دولار قيمة أوامر الدفع للمستفيدين    محافظ أسوان يهنئ البابا تواضروس والإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة    مصرع شخص صعقا بالكهرباء في العياط    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    أحمد السقا يتصدر التريند مرتين خلال أسبوع    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    الشرقية: فحص 1536 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بالعاشر من رمضان    فيديو وصور| نصائح لتناول الفسيخ والرنجة بأمان في شم النسيم    شم النسيم، طريقة عمل بطارخ الرنجة المتبلة    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    خبير تربوي: التعليم التكنولوجي نقلة متميزة وأصبحت مطلب مجتمعي    شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد بمنشآت التأمين الصحي الشامل    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    «جنايات المنيا» تنظر 32 قضية مخدرات وحيازة سلاح    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    متحدث التعليم يكشف تفاصيل عدم فصل التيار الكهربائي عن جميع المدارس خلال فترة الامتحانات    3 أحكام مهمة للمحكمة الدستورية العليا اليوم .. شاهد التفاصيل    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    «مياه القناة»: زيادة الضخ من المحطات في أوقات الذروة خلال الصيف    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    وزير الرياضة يُشيد بنتائج اتحاد الهجن بكأس العرب    قبل نهائي أفريقيا..لاعبة طائرة الأهلي: نعلم قوة الزمالك.. ولكن واثقون من قدرتنا في التتويج    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه
نشر في الفجر يوم 14 - 01 - 2014

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه

بقلم: أ·د·علي أحمد طلب جامعة الأزهر أسيوط

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

وورد أن العبد ليصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض ما عليه خطيئة·

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كل له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له(5)·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.