يجتمع قادة دول بريكس الناشئة الخميس في نيودلهي في قمتهم الرابعة على امل تحويل قوتهم الاقتصادية الصاعدة الى نفوذ دبلوماسي. وتضم الدول الاعضاء في بريكس وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، اربعين بالمئة من سكان العالم. الا ان هذه المجموعة تواجه تساؤلات مستمرة حول ما اذا كانت قادرة على توحيد مواقفها حول قضايا رئيسية نظرا الى اختلاف اولويات اعضائها. ورغم ازدهار التبادل التجاري بين تلك الدول، الا انها تمثل جزءا بسيطا من الاقتصاد العالمي بينما تسعى المجموعة الى ان تتخذ موقفا موحدا بشان القضايا الاقتصادية العالمية مثل محادثات التجارة العالمية الجارية او رئاسة صندوق النقد الدولي او البنك الدولي. وكتب براهما تشلاني من "مركز ابحاث السياسة" في نيودلهي التي ستعقد فيها القمة ان "مفهوم بريكس يمثل في المرتبة الاولى، رغبة اعضاء المجموعة لجعل النظام العالمي اكثر تعددية". واضاف "لكن من غير المؤكد ان يتحول اعضاء المجموعة الى مجموعة متماسكة لها اهداف محددة واليات مؤسساتيه". ويرى المتشككون ان المشكلة هي ان مجموعة بريكس نفسها مليئة بالاختلافات. فهي تضم روسيا والصين بنظامهما السلطوي، وثلاث دول ذات نظام ديموقراطي، كما ان اقتصاد كل واحدة من هذه الدول يختلف عن الاخر. ويبدو ان التغيرات في المناصب القيادية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تمثل فرصا حقيقية لدول بريكس لوضع ثقلها وراء مرشح مشترك. ولا يزال انفتاح المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية اهم بنود اجندة المجموعة، الا انها اختارت ان لا تتحدى مجتمعة هيمنة اوروبا والولايات المتحدة على المؤسستين الماليتين العالميتين. وحصلت الفرنسية كريستين لاغارد على تاييد واضح لتصبح رئيسة صندوق النقد الدولي العام الماضي، ولم يتم طرح مرشح مشترك لمنصب رئيس البنك الدولي والذي سيتقرر بحلول نيسان/ابريل هذا العام. وقال سودهير فياس المسؤول البارز في وزارة الخارجية الهندية في مؤتمر صحافي حول القمة الاثنين "لم اسمع اي شيء حتى الان (عن وجود مرشح مشترك)". ويواجه المرشح الاميركي جيم يونغ كيم، رئيس كلية دارموث حاليا، تحديا من خوسيه انتونيو اوكامبو البروفيسور في الجامعة الكولومبية، ونغوزي اوكونجو اويالا وزير المالية النيجيري. وكانت مجموعة بريكس التي عقدت قمتها الاولى في 2009، تضم مبدئيا كل من البرازيل وروسيا والهند والصين، الا انه جرى توسيعها العام الماضي لتضم اليها جنوب افريقيا، وهي اصغر من تلك الدول الاخرى، ولكنها تعتبر ممثلة لقارة افريقيا. وتركز معظم الاهتمام في التحضيرات للقمة التي ستعقد في نيودلهي على انشاء اول مؤسسات تابعة للمجموعة تهدف الى المساعدة على توثيق العلاقات بين الدول الخمس. ولا تزال فكرة انشاء امانة مشتركة بعيدة، الا انه من المتوقع ان يناقش قادة المجموعة مرة اخرى اقامة بنك للاستثمار يعرف باسم "بنك الجنوب-الجنوب" او "بنك بريكس" لتمويل البنى التحتية والتنمية. وايد وزير الصناعة والتجارة البرازيلي فيرناندو بيمنتيل الاقتراح يوم الجمعة الماضي وقال ان البرزيل "مهمتة كثيرا" بالفكرة. الا ان فكرة البنك لا تزال بعيدة. واوضح فياس الاثنين ان تلك الفكرة "لا تزال بحاجة الى الكثير من التفكير. ورغم ان الخبراء قد اجتمعوا، الا ان تحقيق الفكرة سيستغرق وقتا طويلا". ولم يتم الاعلان سوى عن النية لتوقيع اتفاقين فقط اثناء القمة. وهما اتفاقان متواضعان نسبيا في حجمهما ويغطيان مسالة التسهيلات الائتمانية والصادرات. كما سيعقد زعماء دول المجموعة -- رؤساء البرازيل ديلما روسيف وروسيا ديمتري مدفيديف والصين هو جينتاو وجنوب افريقيا جاكوب زوما -- محادثات خاصة. وستختتم هذه المحادثات ب"اعلان دلهي" الذي سيلخص التوافق في اراء الزعماء ويمكن ان يتضمن بيانا حول الوضع في سوريا والازمة النووية الايرانية او مشكلة الديون في اوروبا. وفي قمتهم الاخيرة في الصين العام الماضي، اصدرت الدول الخمس بيانا دعت فيه الى "تجنب استخدام القوة في ليبيا" لكن دعوتهم لم تلق صدى. ويرى باي بانانديكير رئيس مؤسسة "ار بي جي" الفكرية في نيودلهي انه يتوقع ان يستمر تركيز المجموعة على زيادة التجارة -- وهي المسالة الشائكة التي يحرص جميع اعضاء المجموعة على تشجيعها. وقال "من المبكر الان الحكم على نجاح تلك المجموعة (...) حتى الان استطاعت ان تثبت وجودها، لكن يلزم مزيد من الوقت قبل ان يتم الحكم على تلك الدول". وزاد معدل التجارة بنسبة 28% العام الماضي حيث بلغ 230 مليار دولار، طبقا لوزارة الخارجية الهندية.