تبنت أعلى هيئة تشريعية في الصين صباح اليوم (السبت)، قرارا يسمح للأزواج بإنجاب طفلين إذا كان أحد الزوجين الطفل الوحيد في أسرته . وقد مررت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني - بعد التصويت اليوم في جلستها المنعقدة مرة كل شهرين - القرار الخاص بتعديل وتحسين سياسة تنظيم الأسرة .
وكان المشرعون الصينيون قد تباحثوا كثيرا بشأن أهمية مواصلة تنظيم الأسرة عند مناقشة مشروع قانون يبحث تخفيف القيود على سياسة الطفل الواحد ، حيث أجرى أعضاء اللجنة الدائمة للمؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني مجموعات نقاش بشأن مشروع قانون يطالب بتخفيف القيود على سياسة الطفل الواحد المستمرة في البلاد على مدار عقود ، والتي ستسمح للزوجين بإنجاب طفلين إذا كان أحد الأبوين طفلا وحيدا.
وأرسل مجلس الوزراء الصيني ، مشروع القانون إلى اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني خلال دورته نصف الشهرية ، حيث قال تشى وان تشون عضو اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني خلال مجموعة المناقشة إن " تخفيف سياسة إنجاب طفل واحد لاتعني اننا سنترك تنظيم الأسرة ، ولكنه إجراء لتنظيم الأسرة أيضا".
ويرى سياسيون صينيون أنه من الصواب أن يتم تعدل سياسة تنظيم الاسرة في مواجهة الظروف الجديدة ، ولكن من المهم أن تنفذ بصرامة سياسات تنظيم الاسرة لضمان نمو سكانى مستدام ، وأنه سواء تم تخفيف القيود المفروضة على سياسة انجاب طفل واحد ام لا ، فإن هناك اشخاصا ينتهكون قوانين تنظيم الأسرة وسياساتها ويجب أن يعاقبوا.
وقال جيانغ فان نائب رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وعضو لجنة الزراعة والشؤون الريفية "لايزال تعداد سكان الصين كبيرا ، ولم يتغير هذا الوضع ، وانه سبب العديد من مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية" ، مضيفا "لا يمكننا المخاطرة بالسماح بخروج نمو عدد السكان عن السيطرة ".
ومع التمسك بتنظيم الاسرة باعتباره إستراتيجية جوهرية للصين ، اتفق المشرعون مع مجلس الدولة على ضرورة تعديل السياسة في مواجهة الانخفاض المستمر فى معدل المواليد وتغيير العوامل الديموغرافية ، حيث حذر لي بين الوزير المسؤول عن اللجنة الوطنية للصحة وتنظيم الاسرة فى الصين ، من أنه في حالة الاستمرار في سياسة تنظيم الاسرة الحالية ، فإن معدل المواليد سيستمر في الانخفاض وهو ماسيؤدي إلى تراجع حاد في التعداد الاجمالي للسكان بعد وصوله لذروته.
وقد أشار قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حول بعض القضايا الهامة المتعلقة بتعميق الإصلاح الشامل - الذي تمت المصادقة عليه خلال الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مؤخرا - إلى أن الصين ستنفذ سياسة ستسمح من خلالها للأزواج بإنجاب طفلين اذا كان أحدهما طفل وحيد ، في إطار الإلتزام بسياسة الدولة الاساسية المتعلقة بتنظيم الاسرة ، ولذلك يتوقع إرتفاعا في معدلات الخصوبة بعد تنفيذ هذه السياسة .
من جانبه قال عميد جامعة الشعب الصيني ونائب رئيس جمعية السكان الصينية الأستاذ تشاى تشن وو إن حوالي 60 % من العائلات في المدن الصينية على استعداد لإنجاب الطفل الثاني ، ولكن رغبة العائلات القروية أعلى من أسر المدن كثيرا، من 80 % إلى 90 % عائلة قروية ترغب في إنجاب طفلين ، بالإضافة إلى ذلك ، ربما يمكننا توقع مؤشرات الخصوبة من خلال اهتمامهم بهذه السياسة .
ووفقا لدراسة اجتماعية حديثة حول قضية الطفل الواحد نجد أن أهم سبب في عدم رغبة بعض الأسر في إنجاب طفلين هو التكاليف الاقتصادية العالية جدا حيث وصلت النسبة إلى 16ر56 % ، فضلا عن تكاليف تربية الطفل ، و64ر16 % بسبب الارهاق فى العمل و01ر9 % بسبب الانشغال فى العمل طوال اليوم ، و10 % بسبب أن طفل واحد يكفي أو لأسباب أخرى.
ويشير خبراء صينيون إلى أنه لا يوجد أي قيد في السياسة ، هذه الشهادة لاحترام حقوق الاختيار، وتوفر حرية الاختيار لكافة الشعب الصيني ، حيث تراجعت نسبة الخصوبة في الدول المتقدمة بسبب ارتفاع التكاليف لتربية الاطفال وتراجع الدخل ، على الرغم من أنها تشهد ارتفاع مستوى التعليم ونمو الاقتصاد وإكمال نظام الضمان الاجتماعي. وخلال عملية التحضر التي تشهدها الصين، ارتفعت تكاليف تربية الأطفال وانخفضت نسبة الخصوبة ، وذلك تمشيا مع هذا النظام.
وكانت الصين قد اعلنت مرارا إنها تهدف إلى تحقيق استقرار عدد سكانها في حدود حوالي مليار و390 مليون نسمة بحلول عام 2015 من خلال التمسك بسياسة تنظيم الأسرة الحالية المعروفة بسياسة الطفل الواحد ، لكن الحكومة المركزية فى الصين توقعت أن عدد سكان البلاد سوف ينمو ببطء أكثر خلال السنوات الخمس المقبلة نسبة لتراجع عدد النساء في سن الخصوبة أي في اللائي العشرينات من العمر ، مع تواصل ارتفاع عدد كبار السن كما تتراجع كتلة العمالة ويزيد عدد السكان المسنين حيث أن المواطنين الذين ولدوا في عهد ازدهار الإنجاب الأول بالصين في الخمسينات سيدخلون مرحلة شيخوختهم.
وكانت الصين قد صلت خلال العام الماضي إلي مرحلة شكلت علامة فارقة في خريطتها السكانية عندما أعلنت الحكومة أنه للمرة الأولى تجاوز عدد سكان المناطق الحضرية مثيله في المناطق الريفية ، حيث من المتوقع أن تؤدي الإجراءات الجديدة المرنة تجاه الانجاب فى الصين إلى زيادة مقدارها 12 مليون طفل جديد خلال السنوات الست المقبلة بمعدل مليوني طفل في العامين الأولين ، بارتفاع للمعدل الطبيعي السائد وهو 17 مليون مولود جديد كل عام.
من جانبهم يرى خبراء أن استمرار الصين بتبني سياسة الطفل الواحد سيؤدي إلى تراجع حاد في نسبة القوى العاملة ، حيث سجل العام 2012 تراجعا وصل إلى نحو 4 ملايين عامل في العام ، ومن المتوقع أن يتراجع أكثر ليصل إلى 9 ملايين عامل سنويا مع حلول عام 2023 ، كما سيصل أعداد المسنين ومن هم فوق سن الستين من العمر إلى حوالي 390 مليونا ، ووفق إحصاءات للجنة تنظيم الأسرة فإن نحو مليون عائلة صينية قد فقدت طفلها الوحيد لأسباب مختلفة نتيجة الأمراض أو الحوادث أو الكوارث الطبيعية، وأن حوالي 76 ألف عائلة تفقد طفلها الوحيد كل عام دون أن تتمكن من إنجاب بديل له نتيجة تقدم سن الوالدين.