ورشة عمل حول تطبيقات الصحة والسلامة المهنية بالمنشآت الحكومية بالمنوفية| صور    الحكومة: التعاون مع البنك الدولي يهدف لإيجاد اقتصاد قوي ومرن إزاء أي تحديات خارجية    إسرائيل توسع صلاحيات فريق التفاوض مع حماس حول صفقة تبادل أسرى    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: موقف مصر مشرف وواضح وشجاع    الأونروا: تعليق التمويل الأمريكي والبريطاني جعل وضعنا المالي في إشكالية كبيرة    «شريف» يشارك في هزيمة الخليج أمام أبها بالدوري السعودي    حظك اليوم| برج الجدي 24 مايو.. علاقات أقوى مع الأحباء    يمكن لمن حصل على شقة من قبل التقديم عليها.. طرح وحدات سكنية جديدة في 5 مدن (فيديو)    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    الاتحاد الأوروبي ينتقد مناورات الصين واسعة النطاق قبالة تايوان    أيمن الجميل: مشروع الدلتا الجديدة إنجاز تاريخي    ماذا قال الحلفاوي عن مصطفى شوبير قبل مباراة الأهلي والترجي؟    تحقيقات موسعة بواقعة ضبط أكبر شحنة كوكايين في 2024 ببورسعيد    وزير الاتصالات: توقيع اتفاقية تعاون لتطوير حلول رقمية في مجال الرعاية الصحية باستخدام AI    "دمي فلسطيني".. والد بيلا حديد يعلق على إطلالة ابنته بالكوفية الفلسطينية في "كان" السينمائي    إيرادات الأربعاء.. "السرب" الأول و"بنقدر ظروفك" في المركز الرابع    «دنيا سمير غانم كانت هتبقى معانا».. هشام ماجد يكشف مفاجأه عن الموسم الأول من «أشغال شقة»    إعلام إسرائيلي: من المتوقع صدور أوامر للوزراء بعدم التطرق لقرارات محكمة العدل    انطلاق المؤتمر السنوي ل «طب القناة» في دورته ال 15    وزارة الصحة: نصائح هامة للمواطنين تفاديا لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة    الوجودية واختياراتنا في الحياة في عرض «سبع ليالي» ب مهرجان نوادي المسرح    العثور على جثة متحللة لمسن في بورسعيد    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    عفو السيسي عن عقوبة "البحيري" .. هل عطّل الأزهر عن فتوى جديدة عن "مركز تكوين"    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلطجى العالم الجديد
نشر في الفجر يوم 05 - 03 - 2012

«إن القطريين يريدون دس أنوفهم فى كل شىء!.».. قالها أحد المسئولين الفرنسيين يوما.. وقالها صراحة الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى للشيخ حمد بن خليفة أمير قطر عندما استقبله فى قصر الإليزيه.
كانت الكلمة التى قالها الرئيس الفرنسى للأمير القطرى تعبر عن قلق «أصدقاء» قطر من تضخم حجم دورها بعد ثورات الربيع العربى.. وبعبارة أدق.. عن قلقهم من «تضخم» إحساس القطريين بأنفسهم.. وشعورهم بأنهم قادرون على إملاء إرادتهم على «أصدقائهم» فى العالم.. أو على حد تعبير صحيفة لو فيجارو الفرنسية:» إن الضفدعة فى النهاية لا يمكن أن تضع رأسها برأس الثور!».
لكن «الضفدعة» على صغر حجمها.. مزعجة.. وقادرة على القفز.. وعلى إثارة الغيظ.. والاستفزاز.. وفى عالم اليوم.. لا يمكن أن تتجاهل تأثير أصغر عنصر مهما كان ضئيلا.. فأصغر الأشياء يمكن أن يسبب أكبر التغييرات فى منطقة لم يعد يحكمها سوى منطق الفوضى.
رأى العالم كله نبرة الأمير القطرى وهى تتغير من الحياد التام.. إلى الغطرسة البالغة بعد ثورات الربيع العربى.. كأنه صانعها.. أو صاحب الفضل الفضل فيها.. أو على الأقل.. الوحيد الذى يجنى ثمارها.. كنت تجده مثلا، فى أكتوبر 2010 يقول لصحيفة فاينانشيال تايمز عبارات من نوع: «نحن نركز على التعليم والصحة والاستثمارات.. هدفنا هو أن نبعد أنفسنا عن الصراعات والمواضيع العسكرية، وأن نلعب دائما دور الوسيط فى الأزمات.. وبهذا نضمن ألا نتخذ صف أحد دون آخر».
ما الذى تغير إذن؟.. وكيف انقلبت القوة القطرية «الناعمة» من إعلام ومال إلى الغطرسة والبلطجة التى يمارسها حكامها مع أعتى القوى العظمى فى العالم؟.. قال أحد المقربين من الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء:» لم يكن من الممكن أن نظل صامتين بينما القذافى يقتل شعبه.. ونفس الشىء يحدث فى سوريا.. لكن من الخطأ القول بأننا ندير جامعة الدولة العربية أو أننا قد صرنا متغطرسين.. نحن نعبر فقط عن آرائنا بقوة.. ومن أراد أن يتبعنا.. فليتبعنا».
فكرة الصلف والغطرسة القطرية كانت مثار قلق للعديد من المسئولين والدبلوماسيين العرب بعد ثورات الربيع العربى.. قال أحد المسئولين المغاربة: «نحن لم نشهد من قبل مثل هذا العنف الذى يصدر عن قطر فى اجتماعات الجامعة». وذكر المسئول حادثة هدد فيها رئيس الوزراء القطرى مندوب الجزائر الرافض لفرض عقوبات على سوريا، قائلا له فى لقاء تم بالعاصمة المغربية الرباط:«اسكت!.. دورك هو التالى على القائمة».
عبارة لو صدقت ستظهر حجم الأصابع القطرية التى تعيد تشكيل المنطقة.. إن قطر ترأس الجامعة العربية حتى نهاية مارس.. وهى تستغل غياب الدول العربية الكبرى من على الساحة أشد استغلال.. كما يقول وزير الخارجية الإسبانى الأسبق ميجيل أنجيل موراتينوس الذى أقلقه أيضا عدوانية قطر فى التعامل مع العالم، قال موراتينوس: «السعودية فى حالة من الشلل السياسى بسبب عملية انتقال السلطة فيها.. ومصر ما زالت فى حالة اضطراب ما بعد الثورة.. ولا أحد من المسئولين العرب يجرؤ على الوقوف فى وجوههم.. إلى حد أنهم يفكرون حتى فى نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى الدوحة.
على العكس من معظم الدول العربية التى تهتم بشئونها الداخلية، وتنشغل بالتقلبات التى جاءت بعد الانقلابات الثورية فيها، لا تخشى قطر من حدوث ثورة أو انقلاب بين أفراد شعبها الذين لا يتجاوز عددهم 200 ألف نسمة.. لكن قطر تسبب الكثير من المتاعب لمن حولها.. مرة بالقوة الإعلامية الضاربة التى تمثلها قناة الجزيرة.. ومرة بدبلوماسية دفاتر الشيكات، التى توزع الأموال بلا حساب على لاعبى السياسة فى المنطقة، وتسبب صداعا فى رأس الحكومات العربية.
قال أحد المسئولين المغاربة: «فى الماضى قمنا بإغلاق مكتب الجزيرة فى الرباط لأننا كنا نشتبك كثيرا فى خلافات معهم.. لكن ربما قمنا بإعادة فتحه مرة أخرى، فقد اشترى أمير قطر أرضا مساحتها 34 ألف كم واستثمر 4 مليارات دولار فى برنامج سياحى بين الرباط والدار البيضاء بعد أن انسحب منه العديد من المستثمرين العرب.. نحن فى حاجة بالفعل إلى أموالهم».
ما قاله المسئول المغربى كان يعكس تفكير العديد من المسئولين العرب الذين يدركون جيدا أن قطر لا يمكن أن تتحرك بكل هذه البلطجة السياسية دون دعم من البلطجى الأكبر: الولايات المتحدة.. قال الصحفى على صبرى: «إن الأمريكان يحتاجون لحليف فى المنطقة يعتمدون عليه لإدارة الفترة الانتقالية التى جاءت بعد ثورات الربيع العربى فى معظم دول المنطقة.. وحتى حركة طالبان الأفغانية شكلت تمثيلا لها فى الدوحة للتفاوض مع الأمريكان الذين يؤمنون حماية مستمرة لإمارة قطر، بالقاعدة العسكرية الأمريكية المقامة على أرضهم.
وقام القطريون بدورهم بالطريقة المناسبة لهم.. صارت قطر بعد الثورات العربية تلعب دور الراعى الرئيسى لتيار الإسلام السياسى الذى اكتسح الانتخابات البرلمانية من المغرب إلى اليمن ومصر.. وتقدم قطر تمويلا مباشرا لحركة حماس فى فلسطين، وحركة النهضة فى تونس والإخوان المسلمين فى مصر.. إن قطر لا تخشى من المد الإسلامى فى المنطقة، بل ربما كانت حتى تسعى إليه.. قال الأمير حمد على قناة الجزيرة فى بداية سبتمبر الماضى»: إن الإسلاميين الأصوليين الذين شكلوا توجهاتهم ووجهات نظرهم تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية.. يمكن أن يتطوروا ويغيروا من هذه التوجهات لو أنهم شاركوا فعليا فى الحكم.. هذا يحقق على الأقل وعد الثورات بالديمقراطية والعدالة».
لكن السؤال الحقيقى الذى لم يحسب حسابه أحد فى قطر هو: هل يمكن أن يواصل أنصار التيار الإسلامى استماعهم لنصائح أصدقائهم القطريين، لو أنهم أمسكوا بالسلطة فى قبضتهم بالفعل؟
لكن الواقع، أن حكام قطر لهم عذرهم فى أن يتعاملوا مع العالم بكل هذا الصلف.. فهم يشعرون أن لهم الأسبقية أو الأفضلية على الكل، فى فهم أن مركز الثقل الحقيقى فى المنطقة صار يميل نحو الإسلام المتشدد.. أو المحافظ.. ومن هنا، قامت السياسة الخارجية القطرية على احتضان ومساندة التيارات الإسلامية المتشددة التى كانت تعانى من ملاحقة الأنظمة السياسية لها.. وترفض كل القوى العالمية التفاهم معها أو الاعتراف بها.. ومع صعود هذه التيارات اليوم بعد ثورات الربيع العربى، أثبتت قطر للعالم أن تلك السياسة كانت سياسة ناجحة ولها ثمارها.
ربما لذلك تميل قطر إلى أن تدعم تيارات الإٍسلام السياسى فى المنطقة بكل قوتها.. فقوة هذه التيارات دفعة للسياسات وللحكمة القطرية.. لكن المثير، أن العالم اليوم صار يلاحظ تغير السياسة الخارجية القطرية اليوم، من دعم هذه التيارات الإسلامية وحدها، إلى دعم فكرة الائتلافات الحكومية بين التيارات الإسلامية وتيارات أخرى فى المجتمع.. خاصة فى مصر وليبيا.. وهو أمر له منطقه.. وحكمته.. فقطر تدرك أكثر من غيرها حجم وإمكانيات التيارات التى تدعمها.. وتعرف تماما أن جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، مهما كان الدعم القطرى لها، لا يمكن أن تنهض بمهمة إدارة دولة فى أزمة بحجم وثقل وتعقيد مصر، دون مساندة التيارات الأخرى.. حتى يتفرق دم المشاكل، لو فشلت الحكومة الائتلافية فى حلها، بين كل التيارات.
لكن الواقع، أن من يلعب بالنار يحترق بها.. واليوم، صار الناس يكرهون قطر بالقدر الذى يتناسب مع الارتباك الذى تحدثه فى العالم كله.. فى تونس، لم يلق الشيخ حمد ترحيبا حقيقيا من حكامها الجدد، وتم رفض طلبه بحضور الجلسة الافتتاحية لبرلمانها الجديد المنتخب.. وفى غزة.. حيث تدعم قطر حركة حماس بلا مواربة، قام الفلسطينيون بحرق صور للأمير القطرى.. وحتى فى إسرائيل، رفضت تل أبيب عرضا قطريا بإعادة افتتاح قناة دبلوماسية بين قطر وإسرائيل.
إلا أن الخطر الداخلى الأهم الذى صار يهدد دور قطر الخارجى، ليس من قوة أخرى فى المنطقة.. وليس من دولة عربية يمكن أن تستعيد مكانتها فجأة.. وإنما الخطر القادم يأتى من قلب البيت الحاكم القطرى.. ومن بين أبناء الشيخ حمد أنفسهم.. قال أحد رجال الأعمال القطريين قريبى الصلة بالعائلة الحاكمة، إن كثيرا من أبناء الشيخ حمد مستاءون من تحرك قطر المبالغ فيه فى المنطقة.. ويرون أنه أكثر من الحد اللازم أو المقبول.. إلى درجة أنهم يخافون من أن يتم استهدافهم فى بعض الدول العربية التى اعتادوا على الذهاب إليها.. خاصة لبنان.
ولو أن رعاية القطريين لتيارات الإسلام السياسى قد منحتهم نوعا من الحصانة ضد الهجمات الإرهابية التى كان يشنها تنظيم القاعدة مثلا.. إلا أن طريقتهم العدوانية فى إدارة سياستهم الخارجية قد تسببت فى خلق أعداء جدد لهم.. لا يقلون خطرا عن تنظيم القاعدة.. وربما كان أبرز دليل على ذلك هو حرص الأمير تميم، ولى العهد القطرى، على تأمين طائرته الخاصة الإيرباص ضد هجمات الصواريخ أرض جو.. نفس نوعية الصواريخ التى ذهبت بشكل غامض من قطر إلى ليبيا.. فهل يمكن أن يكون الجزاء دائما من جنس العمل؟
السنة الخامسة - العدد 344 - الاثنين - 03/05 /2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.