عقب نجاته من الموت في معسكرات الإعتقال، إنتقل في 1948 إلى الولاياتالمتحدة، حيث طوّر مهنته كعازف تشيلو منفرد. وكان أنجز أكثر من 160 تسجيلاً. سيدني: غيّب الموت جانوس ستاركر (بودابست، 1924)، عازف التشيلو الأميركي، الهنغاري الأصل يوم الأحد عن عمر 88 عاماً. وكان يعدّ واحداً من أبرز العازفين على هذه الآلة الموسيقية خلال القرن الماضي، بالإضافة إلى مكانته المرموقة كأستاذ في مدرسة جاكوب للموسيقى في جامعة إنديانا في بلومينغتون منذ 1958. حصل ستاركر على أول آلة تشيلو وعمره خمس سنوات، وظهر أمام الملأ كعازف على آلة التشيلو، للمرة الأولى، عندما كان في سنّ الحادية عشرة. واستطاع الموسيقي الهنغاري، البولندي والروسي الأصل، أن يوسّع من مداركه الموسيقية عبر أكاديمية فرانز ليست للموسيقى في بودابست، حيث درس إلى جانب آدولف شيفر. ومن بين أبرز الموسيقيين الذين تركوا بصماتهم في موسيقاه ليو وينر، وزولتان كودالي، وبيلا بارتوك، وإيرنو دوناني. قدّم ستاركر أولى حفلاته الموسيقية بصفة فنان محترف وعمره لم يكن قد تجاوز 14 عاماً، وذلك من خلال "كونشرتو على آلة التشيلو لأنتونين دفوجاك". وفي عام 1939 ترك أكاديمية ليست، ليمضي الجزء الأكبر من الحرب العالمية الثانية في بودابست. وبالنظر إلى صغر سنه، حاول أن يتجنب المصير المأسوي الذي كان في إنتظار شقيقيه الأكبر منه، حيث كانا يعزفان على آلة الكمان، وقتلا على أيدي النازيين، بعد أن نفذا أعمالاً شاقة. ورغم ذلك، فقد أمضى ستاركر ثلاثة أشهر في معسكر الإعتقال. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، أصبح ستاركر عازف التشيلو الرئيس لأوبرا بودابست، وأوركسترا بودابست فيلهارمونيك. وفي العام 1946 كان عليه ترك بلده، بعد أن إحتله السوفييت. وقرر أن يسافر من هناك إلى فيينا، وجينيف، وباريس، حيث إشتغل في مجال الكهرباء، ومهن أخرى ذات علاقة بالمناجم. ونفّذ أول تسجيل له في العاصمة الفرنسية بعنوان "سوناتا لتشلو منفرد، أوبي.8" للمؤلف الموسيقي زولتان كودالي، الذي كان يتميّز بصعوباتٍ تكنيكية، لم يكن يتجرّأ على الدنو منه إلاّ القليل من الموسيقيين. وبفضل هذا العمل، حصل ستاركر على جائزة "جران بري دو ديسك". وفي العام 1948،هاجر ستاركر إلى الولاياتالمتحدة، ليتحول إلى عازف التشيلو الأول في أوركسترا دالاس السيمفونية، تحت قيادة أنتال دوراتي. واستقرّ به المقام، في عام 1949، في نيويورك لينضمّ إلى أوركسترا أوبرا متروبوليتان، بقيادة فريتز رينر. وهناك، في هذه المدينة، يقوم ستاركر بتسجيل أول أعماله الموسيقية، والتي كانت عبارة عن مجموعة من حركات التشيلو المنفردة لجوهان سيباستيان باخ. وتستمر رحلة جانوس ستاركر في عالم الموسيقى ليصبح في عام 1952 عازف آلة التشيلو الرئيس في أوركسترا شيكاغو السيمفونية، في الوقت الذي كان فريتز رينر قائدها الموسيقي. وفي العام 1958، إنتقل إلى جامعة إنديانا، وواصل مسيرته كعازف تشيلو منفرد. أصدر ستاركر أكثر من 160 تسجيلاً موسيقياً. وقام بتسجيل ست حركات على التشيلو المنفرد لباخ، في خمس مناسبات، وأحدث عمل له كان قد سجله في 1992 لصالح شركة "آر سي آي ريد سيل ريكوردز"، والذي فاز عنه بجائزة جرامي. وإلى جانب ذلك، تمّ ترشيحه لجائزة جرامي، عن تسجيله في عام 1990 لمجموعة من الأعمال الخاصة بديفيد بوبر. وقد كرّس له العديد من المؤلفين الموسيقيين مجموعة من الكونسرتات، من بينهم ديفيد باكير، وأنتال دوراتين، وبيرنهارد هايدن، وجان مارتينون، وميكلوس روزا، وروبرت ستارير. وقام ستاركر، مؤلف كتاب "أسلوب منظم للأوتار"، بابتكار جسر مصمم لتحسين الخصائص الصوتية للأوتار. وبالإضافة إلى ذلك، نشر مجموعة مختلفة من الكتب، من بين أبرزها مذكراته "عالم الموسيقى من وجهة نظر ستاركر".