استعرض رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونج كيم الخطوط العريضة لأجندة جريئة للمجتمع الدولي للعمل من أجل إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك من أجل زيادة دخول أفقر 40 في المائة من السكان في كل بلد، ودعا إلى تبني أهداف طموحة جديدة لمساعدة أشد الناس حرمانا.
وقال كيم في كلمة ألقاها في جامعة جورج تاون "إننا في لحظة مضيئة من التاريخ، حيث إن نجاحات العقود الماضية وآفاق النمو الاقتصادي المواتية باطراد تتضافر لتتيح للدول النامية فرصة، للمرة الأولى على الإطلاق، لإنهاء الفقر المدقع خلال جيل واحد.. وواجبنا الآن أن نكون حريصين على أن تقترن هذه الظروف المواتية بقرارات مدروسة لاغتنام هذه الفرصة التاريخية."
وفي كلمته التي جاءت قبل اجتماعات الربيع المقبلة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، نوه كيم بأن الدول النامية تعافت سريعا من الأزمة، وأنها الآن تتمتع بسلامة أوضاعها بشكل أساسي بفضل زيادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتعزيز سيادة القانون، وزيادة الاستثمارات في رأس المال البشري والبنية التحتية.. كما أن معدل نمو الإنتاجية في القطاع الخاص، الذي يشكل مصدر 90 في المائة من كل الوظائف، مرتفع.
وأشار كيم إلى أن الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، وهو خفض معدلات الفقر المدقع بمقدار النصف، تحقق في عام 2010 أي قبل الموعد المستهدف بخمسة أعوام بعد أن ظلت الدول النامية طيلة سنوات تستثمر في شبكات الأمان الاجتماعي وتسعى جاهدة لبناء حيز المالية العامة وخلق تدابير وقائية على صعيد الاقتصاد الكلي كي تتمكن من التعاطي بشكل فعال مع الأزمات إذا ما وقعت.
ولتحقيق الهدف الأصعب، وهو إنهاء الفقر المدقع، وصف كيم ثلاثة عوامل ضرورية، وهي:
أولا - أن الوصول إلى هذا الهدف بحلول عام 2030 سيتطلَّب تسريع وتيرة معدل النمو الذي لوحظ خلال الخمسة عشر عاما الماضية، ولاسيما تحقيق معدل نمو مرتفع ومستدام في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء..
وثانيا - سيتطلب جهودا لتعزيز الاشتمال والحد من التفاوتات الاجتماعية وضمان أن يؤدي النمو إلى الحد من الفقر، من خلال وسائل أهمها خلق فرص العمل..
وثالثا - سيتطلب تفادي الصدمات المحتملة، مثل أزمة جديدة في الغذاء أو الوقود أو أزمة مالية أو كوارث مناخية، أو التخفيف من حدة هذه الصدمات.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونج كيم إن الموعد المستهدف لتحقيق عالم خال من الفقر وهو 2030 مفرط في الطموح، وقال إنه "للوصول إلى هدف 2030، يجب علينا خفض معدلات الفقر بمقدار النصف مرة، ثم خفضها بالمقدار نفسه مرة ثانية، ثم خفضها بنحو النصف مرة ثالثة.. وكل ذلك في أقل من جيل واحد."
وأكد كيم أن التصدي للتحديات العالمية يقتضي ألا نقتصر على مكافحة الفقر. وقال "يجب علينا العمل بشكل جماعي لمساعدة كل المحرومين في كل مكان على انتشال أنفسهم بعيدا عن خط الفقر. ونحن في مجموعة البنك الدولي نسمي هذا تعزيز الرخاء المشترك."
ومع أن جهود مجموعة البنك الدولي تتركَّز بشكل خاص على البلدان التي تملك أقل الموارد،الا إن كيم قال إن أعمال مجموعة البنك الدولي لا تقتصر على البلدان الفقيرة. ودعا البنك وشركاؤه إلى العمل من أجل تحقيق الهدف الثاني والخاص بزيادة دخول أفقر 40 في المائة من السكان في كل بلد.
وقال كيم "نحن نعمل في كل بلد يوجد فيه فقراء أو يواجه فيه الناس خطر الإقصاء الاقتصادي.. وسيضمن هذا الهدف أن نراعي أولويات الإنصاف والاشتمال بشكل منتظم بدرجة أكبر في كل جوانب صنع قراراتنا الإستراتيجية."
وأوضح كيم أن إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك هدفان لن تسعى مجموعة البنك الدولي بنفسها لتحقيقهما.. وقال "فهما هدفان نأمل أن يحققهما شركاؤنا، وهم 188 دولة عضو في البنك الدولي، بمساندة من مجموعة البنك الدولي ومجتمع التنمية في العالم."
ولفت كيم إلى أنه واعتبارا من يوم الجمعة 5 أبريل سيتبقى هناك ألف يوم حتى نهاية عام 2015، الموعد النهائي المستهدف لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.. وقد كان التقدم المحرز نحو بلوغ هذه الأهداف رائعا، لكنه ما زال يتفاوت فيما بين شرائح السكان والقطاعات..
ودعا المجتمع الدولي إلى استغلال هذه الأيام الألف الأخيرة لمضاعفة الجهود في المجالات التي لم تشهد مكاسب قوية بدرجة كافية.
وقال "إذا تحركنا اليوم فسوف تتاح لنا الفرصة لخلق عالم لأطفالنا لا تشوبه التفاوتات الصارخة وإنما ستميزه الفرص المتنامية.. عالم يتسم بالاستدامة يتاح فيه لكل الأسر الحصول على الطاقة النظيفة.. عالم يجد فيه كل فرد كفايته من الطعام.. عالم لا يموت فيه أحد من مرض يمكن الوقاية منه.. عالم بلا فقر."