وزيرة الهجرة: دمج المصريين بالخارج في عملية التنمية أولوية خطة عمل العام المالي المقبل    «معالجة بحر البقر» يفوز بجائزة «عبداللطيف الحمد» لأفضل مشروع تنموي بالوطن العربي    غدا.. ورشة حول أهمية المياه ومناقشة كتاب «دروس من الحياة» في مكتبة مصر الجديدة للطفل    مصر ترحب باعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا رسميًا بفلسطين    الزمالك يقرر سفر أحمد حمدي إلى ألمانيا للخضوع لجراحة الرباط الصليبي    الشروق تكشف.. طريقان في الاتحاد لإيقاف الشيبي بسبب أزمته مع الشحات    خدمات مرورية تزامناً مع استكمال تنفيذ أعمال الصرف الصحي بمنطقة المعادي    محامي عباس أبو الحسن يوضح تطورات حادث صدمه سيدتين: تهمة إصابة خطأ ولم يخضع لتحليل مخدرات    خبيرة أبراج تتوقع تحسن ظروف مواليد برج السرطان والعقرب    إيرادات قوية ل فيلم شقو في 6 أسابيع عرض في مصر (بالأرقام)    رامي رضوان يمازح دنيا سمير غانم بسبب «روكي الغلابة».. ماذا قال؟    مهرجان الغردقة السينمائي يوقع بروتوكول تعاون مع نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من الدورة التدريبية الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة    الصحة تفتتح فعاليات ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية"    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    فيديو.. أول ظهور لمصمم الأزياء إسلام سعد بعد إخلاء سبيله ويقدم عروضا على فساتين الزفاف    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    مصادر: توافر الأدوية الناقصة في السوق بزيادة 25% من أسعارها يونيو المقبل    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    وزير العمل: لدينا عمالة ماهرة جاهزة لتصديرها للسوق الخارجية    «إي فاينانس» تعلن الاستحواذ على حصة من أسهم «الأهلي ممكن» و«إيزي كاش» للمدفوعات الرقمية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    خلال 24 ساعة.. تحرير 480 مخالفات لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    ختام فعاليات ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف القومي للحضارة.. اليوم    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يبحث مطالب ومقترحات سكان حي الأندلس    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    بعد رحيل بوكيتينو.. تعرف على المدربين المرشحين لقيادة تشيلسي    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    سيدة «المغربلين»    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    «نادٍ صعب».. جوميز يكشف ماذا قال له فيريرا بعد توليه تدريب الزمالك    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكليف بما يستطاع
نشر في الفجر يوم 01 - 03 - 2013

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم ) رواه البخاري و مسلم .

الشرح

لقد ارتضى الله سبحانه للبشرية الإسلام دينا ، وجعله الدين الخاتم الذي لا يُقبل من أحدٍ سواه ، وكان من سمات هذا الدين قوامه على الأوامر والنواهي ، فهو يأمر بكل فضيلة ، وينهى عن كل رذيلة ، ومن هنا جاء هذا الحديث ؛ ليبين الموقف الصحيح تجاه هذه الأوامر والنواهي.

وقد جاء في صحيح مسلم بيان سبب ورود هذا الحديث ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) ، فقال رجل : " أكل عام يا رسول الله ؟ " فسكت ، حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ) ثم قال : ( ذروني ما تركتكم ؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ) ، وفي رواية أخرى : ( ذروني ما تركتكم ) ، فأرشد صحابته إلى ترك السؤال عما لا يُحتاج إليه .

ولا يُفهم من النهي عن كثرة السؤال ، ترك السؤال عما يحتاجه المرء ، فليس هذا مراد الحديث ، بل المقصود منه النهي عن السؤال عما لا يحتاجه الإنسان مما يكون على وجه الغلو أو التنطّع ، أو محاولة التضييق في أمرٍ فيه سعة .

وإذا نظرت إلى منهج الصحابة في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لوجدت أسئلتهم على قسمين :

القسم الأول : السؤال عما قد وقع لهم ، أو أشكل عليهم ، فمثل هذه الأسئلة مأمور بها شرعا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أمر عباده بسؤال أهل العلم ، وها هم الصحابة رضوان الله عليهم قد ترجموا هذا الأمر عمليا ، فقد سألوا عن الفأرة التي سقطت في سمن ، وسألوا عن متعة الحج ، وسألوا عن حكم اللقطة ، إلى غير ذلك .

القسم الثاني : سؤالهم عما يتوقعون حصوله فعلا ، ومن ذلك : ما رواه الإمام مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى " ، فقال : ( ما أنهر الدم ، وذكر عليه اسم الله فكُل ، ليس السن والظفر ) ، ومن ذلك أيضا سؤالهم عن الصلاة أيام الدجال ، عندما يكون اليوم كالسنة ، فأجابهم : ( اقدروا له قدره ) .

وفي الحديث إرشاد للمسلم إلىكيفية التعامل مع الأحكام والنصوص الشرعية ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) أمر باجتناب كل ما نهى عنه الشرع ، سواء أكان محرما أم مكروها ، وتأكيدا للمعنى السابق جاء التعبير بلفظة ( اجتنبوا ) ، فهي لفظة تعطي معنى المباعدة ، فكأنك تكون في جانب ، والمعاصي في الجانب الآخر ؛ لذلك هي أبلغ في معنى الترك .

أما فيما يتعلق بالأوامر ، فلم نُكلف إلا بما نستطيع ، وما يدخل في حدود الطاقة ، فإذا عجز المكلّف عن أمرٍ ، جاءه الشرع بالتخفيف ، وهذا يدل على يسر الإسلام وسماحته ، كما قال الله عزّوجل : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ( البقرة : 185 ) ، وانطلاقا من هذا المعنى ، استنبط العلماء قاعدة فقهيّة مهمة ، وهي قاعدة : ( المشقة تجلب التيسير ) ، وجعلوها مبدأ ترتكز عليه كثير من الأحكام الفقهيّة .

والملاحظ هنا أن الشريعة قد شددت في جانب المنهيات أكثر من المأمورات ، فعلقت تنفيذ الأوامر على الاستطاعة ، بخلاف النهي ، وذلك لأن الشريعة الغرّاء تسعى دائما للحد من وقوع الشر ، والحيلولة دون انتشاره ، ولا يكون ذلك إلا بالابتعاد عما حرّم الله عزوجل ، ولذلك يقول الله تعالى في محكم تنزيله : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } ( النور : 21 ) ، فحرّم الأسباب المؤدية إلى الوقوع في الحرام ،ومن باب أولى تحريم الحرام نفسه.

ومن خلال ما سبق ، يتبين لك أيها القاريء الكريم خطأ كثير من المسلمين ، الذين يجتهدون في فعل الطاعات ، مع تساهل عظيم في ارتكاب المحرمات ، فتراه يصوم مع الناس إذا صاموا ، فإذا جنّ عليه الليل لم يتورّع عن مقارفة الذنوب ، وارتكاب المعاصي ، ناسيا - أو متناسيا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرشدا أمته : ( اتق المحارم تكن أعبد الناس ) رواه الترمذي ، ولا يعني ذلك التهوين من أمر الطاعة ، أو التساهل في أمرها ، لكن كما قال الحسن البصري رحمه الله : " ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه " .

ومن دلالات هذا الحديث أنه يربي المسلم على الجدية في التعامل مع هذا الدين ، كما قال الله عزوجل : { إنه لقول فصل ، وما هو بالهزل } ( الطارق : 13-14 ) ، وهذه الجدّية تدعوه إلى أن يقبل بكليّته على تعلّم ما ينفعه من العلم ، ويجتهد في تربية نفسه وتزكيتها ، مجرّدا قلبه عن كل ما يشغله عن هذا الهدف الذي جعله نُصب عينيه.

وحتى يرسّخ النبي صلى الله عليه وسلم فيهم هذا المبدأ ؛ بيّن لهم خطورة الحيدة عن هذا المنهج الدقيق ، وأثر ذلك في هلاك الأمم السابقة ، والتي تكلّفت في أسئلتها ، واختلفت على أنبيائها ، فكان سؤالهم تشديدا عليهم ، وكان اختلافهم سببا لهلاكهم ، وخير مثال على ذلك ، ما كان عليه قوم موسى عليه السلام ، فإنهم لما طُلب منهم ذبح بقرة ، تنطّعوا في السؤال عن أوصافها ، وتكلّفوا في ذلك ، وكان في سعتهم أن يأتوا بأي بقرة ، ولكنهم أبوا ذلك ، فشدّد الله عليهم ، ولما اختلفوا على أنبيائهم ، لم تقبل منهم التوبة إلا بقتل أنفسهم ، وعاقبهم الله بالتيه أربعين سنة ، والجزاء من جنس العمل .

وأخيراً : نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، والحمد لله أولا وآخرا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.