■ سيد قطب ورجاله خططوا لقتل جمال عبد الناصر ونسف القناطر الخيرية وقناطر اسنا ■ قطب أمد الإخوان وهو فى السجن ببرنامج دراسى يعتمد على نظريات تتلخص فى تكفير الحكام
أمام المحكمة العلنية المذاعة والمسجلة التى حضرها عدد كبير من الشعب كان المتهمون فى مؤامرة سيد قطب ورجاله سنة 1965 يتكلمون ولعل الرصد التالى يوضح بعض القضايا المهمة.
إن وجود تنظيم سرى مسلح مسألة مؤكدة أقرها الجميع وهى واضحة من خلال الشهادات كلها أمام المحكمة.
إن وقائع وجود تنظيم مسلح التى أقرها الجميع الذين لم ينف أحد منهم فى المناقشة العلنية جريمة محاولة اغتيال جمال عبد الناصر بل أجمع أكثرهم على أنه كانت هناك خطة لاغتياله كما اعترفوا على أسماء آخرين كانوا ضمن قائمة الاغتيال من بينهم وزراء وسياسيون ومثقفون وصحفيون وفنانون وفنانات أيضا.
أنه اقترح نسف القناطر الخيرية وقناطر إسنا وعدد من المرافق المهمة الأخرى.
بلغت التحقيقات فى القضية 3400 صفحة، وسوف أعتمد فى هذه الورقة فقط على اعترافات أصحاب الدور البارز فى المؤامرة حول نقاط محددة من بينها وجود تنظيم مسلح بمختلف الأسلحة ومدرب على استخدام هذه الأسلحة وممول من الخارج وأنه كانت هناك خطة للاغتيالات ولتدمير ونسف الكثير من المنشآت العامة.
سيد قطب رئيس التنظيم وكان محكوما عليه بالسجن 15 عاما فى قضية محاولة اغتيال جمال عبد الناصر بميدان المنشية سنة 1954، وأفرج عنه بعفو صحى سنة 1964 وخلال وجوده بالسجن كان على اتصال بقيادات التنظيم يمدهم ببرنامج دراسى يعتمد على نظريات مستوردة من باكستان أبو الأعلى المودودى تتلخص فى تكفير الحكام، وكانت هذه البرامج يتم تهريبها عن طريق شقيقته السيدة حميدة قطب ومن خلال تجربتى الشخصية أثناء وجودى فى سجون السادات كانت عملية سهلة جدا ووسائلها كثيرة.
محمد يوسف هواش، اختاره سيد قطب ليكون نائبا له ورئيسا للتنظيم أثناء غيابه، زامل سيد قطب فى السجن وأفرج عنه بعفو صحى واتفق معه على الترتيب لتجميع الإخوان المسلمين فى تنظيم جديد يقوم على تحقيق أهداف محددة فى شكل انقلاب.
على عشماوى، المسئول عن التدريب والسلاح ورئيس تنظيم القاعدة وقد تولى تجنيد أعضاء الجهاز السرى وتدريبهم على المصارعة واستخدام الخنجر والسلاح الأبيض وكذلك السلاح الآلى، وأمر بصنع 100 خنجر ووزعها على الأعضاء، وقد سافر للمملكة العربية السعودية بناء على طلب الإخوان الهاربين هناك واتفق معهم على القيام بانقلاب ضد نظام الحكم على أن يتم تمويله وتزويدهم بالسلاح، طلب تحضير المادة الناسفة لتدمير المنشآت وأشرف على تجاربها. كان مسئولا عن تنفيذ خطة اغتيال رئيس الوزراء وتسلم ألف جنيه من زينب الغزالى عقب اعتقال سيد قطب للبدء فى تنفيذ العملية. نشر مذكراته فى تسعينيات القرن الماضى وتحمل اعترافات مذهلة حتى عن محاولة اغتيال جمال عبد الناصر سنة 1954 ولاحظ قيمة الألف جنيه سنة 1965.
أحمد عبد المجيد، المسئول عن الأمن والمعلومات وتنظيمات الصعيد. شكل مجموعات للمعلومات والاستماع إلى إذاعتى لندن وإسرائيل وتوزيع المنشورات السرية وتدارس كتب الجاسوسية وترجمة الصحف الأجنبية. أعد كشف الاعتقالات لتنفيذها واستطاع تجنيد اسماعيل الفيومى الجندى فى شرطة رئاسة الجمهورية وحصل منه على معلومات عن الرئيس ونوابه والوزراء.
صبرى عرفة، المسئول عن الدقهلية والغربية ودمياط، كان سفيرا لدى الإخوان الهاربين فى المملكة العربية السعودية وحمل الرسائل إليهم ويأتى بالمال والتوجيهات.
مجدى عبد العزيز متولى، المسئول عن النواحى العسكرية ومندوب الإسكندرية والبحيرة بمجلس القيادة. ساهم فى تجميع الإخوان ووضع خطة اغتيال جمال عبد الناصر وقام على عشماوى بدراستها، وكانت الخطة تقتضى أن تقوم عدة مجموعات تحت قيادة أعضاء مجلس القيادة وذلك بأن تلقى إحدى المجموعات مواد متفجرة على سيارة الرئيس عند مروره بشارع الكورنيش عند محل أندريا بالإسكندرية تؤدى إلى تعطيلها ثم تقوم مجموعة ثانية بإلقاء كمية أخرى من المتفجرات داخل السيارة وتتولى مجموعة ثالثة بإلقاء كمية أخرى من المتفجرات داخل السيارة وتتولى مجموعة رابعة مقاومة الحراسات الخاصة بالرئيس.
عبد المجيد الشاذلى، رسم تجميع الإخوان بالإسكندرية ثم أصبح مسئولا عن الجهاز الخاص بها والذى يضم المجموعة العلمية هناك والتى يرأسها.
حلمى حتحوت، أعد بحثا عن إعداد المتفجرات بناء على طلب على عشماوى واستأجر شقة فى منطقة ميامى لتدريب أفراد التنظيم على السلاح، وكان يتولى الناحية المالية لتنظيم الإسكندرية ويقوم بجمع الاشتراكات من الأعضاء. كلف بمراقبة تحركات جمال عبد الناصر وبعض المسئولين بالإسكندرية تمهيدا لاغتيالهم. جند المهندس عبد الحميد راجح فى التنظيم وحصل منه على مشروع نسف قطار الرئيس باللاسلكى.
عباس السيسى، المسئول عن تنظيم الإسكندرية ورئيس اللجنة القيادية به، راقب أعضاء جهازه سيارات رئاسة الجمهورية التى تمر أمام مطعم أندريا للإبلاغ عنها.
مبارك عبد العظيم، كان يرأس المجموعة العلمية التى صنعت البارود وقنابل المولوتوف ومادة النيتروجلسرين وأعدت أدوات التدمير والنسف والتخريب.
فاروق المنشاوى، قائد عمليات التخريب فى القاهرة والمسئول عن التنظيم فى الجيزة. كان مكلفا بالقيام بعمليات النسف والتخريب فى القاهرة عقب إعلان ساعة الصفر وهى اغتيال جمال عبد الناصر بالإسكندرية. أخذ 500 جنيه من على عشماوى للإنفاق منها على العمليات.
محمد أحمد عبد الرحمن وجلال بكرى، كانا مكلفين بمراقبة قطار الرئيس. وكان محمد أحمد هو صاحب العبارة المشهورة «الفرح حايكون فى إسكندرية والفرجة فى مصر».
وجهت المحكمة للمتهمين الأسئلة وأجابوا عنها فى جلسات علنية. وأرجو لمن يريد المزيد من التفاصيل مراجعة محاضر المحاكمة وهى موجودة ومنشورة علنا.
أردت أن أبدأ هذه الدراسة المختصرة بما دار فى المحكمة وألخص أهم اعترافات المتهمين فى هذه القضية الخطيرة والآن أعود لأبدأ القصة من أولها.
فمنذ سنة 1955 وبعد أحداث مؤتمر عدم الانحياز وتأميم قناة السويس والانتصار السياسى للثورة وبداية المد القومى العربى ثم الاتجاه للتطور لخلق النموذج الاجتماعى لمجتمع الكفاية والعدل من خلال قاعدة اقتصادية سليمة بدءا بتمصير المصالح الأجنبية وانتهاء بسنة 1961 من أجل العمل على التوزيع العادل للثروة فى مصر كانت هناك فى نفس الوقت مخططات خارجية تريد لمصر أن تركع وأن تركع من الداخل، فبالرغم من أن قوى عظمى استخدمت محاولات وتآمرات داخلية، إلا أن مسيرة الثورة استمرت على تحقيق الأهداف وبدأ استخدام عناصر من الداخل مرة أخرى لتخريب الأوضاع ليس لمصلحة المجتمع المصرى ولا العربى فكان ولابد من استخدام قوة منظمة تستطيع من خلال انتشارها أن تحدث الانهيار وتحقق أهداف التآمر ضد نموذج التنمية والتحرر وفرض الإرادة الوطنية على الواقع والأحداث.
لقد بدأ اكتشاف مؤامرة تنظيم الإخوان المسلمين سنة 1965 من خلال التنظيم الطليعى حيث رصدت إحدى المجموعات فى محافظة الدقهلية نشاطا لعناصر من الإخوان المسلمين أخذ فى البداية شكل جمع تبرعات لعائلات الإخوان المسلمين ووضعت علامات استفهام وبمتابعة الموضوع اتضح أن هذه التبرعات كانت بهدف تنشيط وتجنيد عناصر جديدة ليس لها تاريخ سابق مسجل أو سجلات لدى أجهزة الأمن وكانت الحصيلة أن النشاط كان يغطى جميع أنحاء الجمهورية تقريبا من الإسكندرية حتى أسوان.
وتم تكليف أجهزة الأمن بالمتابعة وتم رصد عمليات تمويل أجنبية وأسلحة وافدة من بلدان فى الشرق ألى أسوان وقنا وأسيوط.
وتصادف فى نفس التوقيت أن صادر الأزهر الشريف كتاب « معالم فى الطريق» لسيد قطب الذى كان ملخصه أن المجتمع جاهل أى نفس فكرة التكفير والهجرة، ولكن عندما قرأ الرئيس جمال عبد الناصر الكتاب اقتنع بأنه يجب متابعة توزيعه واكتشف أنه تمت فعلا إعادة طبعه أربع طبعات متتالية فى فترة وجيزة وبدون دعاية، مما أكد لجمال عبد الناصر أن هناك تنظيمًا فعلا وراء التوسع فى التوزيع.
وتم تكليف الأجهزة المعنية بمتابعة الموضوع وفعلا كان تقدير الأجهزة أن هناك فقط جهازًا لجمع تبرعات فى الوقت الذى أصر فيه التنظيم السياسى على وجهة نظره من أن هناك تنظيما جديدا غالبية أعضائه جدد وليسوا مسجلين لدى أجهزة الأمن.
هذه دراسة مهمة لأن من كتبها شاهد له ثقله، والثقة به كبيرة، فهو واحد من صناع عصر عبد الناصر الذى يتجرأ عليه النظام الآن، محاولا أن يهيل التراب عليه.
سامى شرف يقدم لقرائه هنا دراسة – ننشرها على حلقتين – يستعرض فيها قضية 1965 التى دخل على أثرها سيد قطب ورجاله السجن بتهمة محاولة قتل عبد الناصر وقلب نظام الحكم ونسف منشآت حيوية، وهى القضية التى ضمت إلى جانب سيد قطب عددا من تلاميذه الذين من بينهم محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين الحالى.
تأتى قيمة دراسة سامى شرف أنها تحيى الذاكرة الوطنية فى وقت يحاول الإخوان محو هذه الذاكرة، إنه هنا لا يتهم الإخوان بالباطل.. بل يرصد الاتهامات الموجهة إليهم من واقع التحقيقات ووقائع المحاكمة العلنية، ثم إنه لا يدافع عن جمال عبد الناصر بالباطل، فالرجل ينسب إليه ما فعله بالضبط دون زيادة أو نقصان.
قيمة الدراسة أيضا فى أنها تضع أيدينا على ملامح من يحمون مصر الآن...فمجموعة القطبيين التى يقودها محمد بديع ومحمود عزت ورشاد البيومى وخيرت الشاطر ومحمد مرسى، تشكل وجدانها وتبلورت أفكارها فى السجن إلى جوار سيد قطب، وهى الأفكار التى تقوم على التكفير والإقصاء والإبعاد لكل مختلف مع الجماعة.
تضع هذه الدراسة الأمور فى نصابها، كما أنها تضع جريمة الإخوان ضد عبد الناصر فى سياقها التاريخى تماما، كما أنها تكشف لنا حقيقة تنظيم إخوانى أخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذه، ويبدو أنه الآن يسترد عافيته ليحكم قبضته تماما على كل شىء فى مصر.