قصفت القوات السورية احياء في مدينة حمص يوم السبت في حملتها لسحق الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الاسد قبل اجتماع لوزراء الخارجية العرب من المقرر ان يناقش تشكيل بعثة مراقبة مشتركة مع الاممالمتحدة. وقالت لجان التنسيق المحلية ان وفقا لمحصلة من اطباء في مستشفيات مؤقتة قتل 31 شخصا على الاقل يوم السبت في احدث هجمات خلال حصار حكومي بدأ قبل اسبوع لحمص ثالث اكبر مدن سوريا والتي تعد مركز الانتفاضة التي اندلعت قبل 11 شهرا. وقال ناشط يدعى مالك محمد هاتفيا عبر الاقمار الصناعية من المدينة التي تبعد 140 كيلومترا الى الشمال من دمشق ان عشرات "الشبيحة" وهم ميليشيا علوية موالية للاسد انتشروا مع قناصة من الجيش في قلعة حمص ويقصفون البلدة القديمة بقذائف المورتر والاسلحة المضادة للطائرات. وقال ناشط معارض اخر في حمص يدعى محمد حسن لرويترز عبر الهاتف ايضا ان امرأة تبلغ من العمر 55 عاما كانت ضمن من لقوا حتفهم جراء قصف حي بابا عمرو. ويلتقي في القاهرة يوم الاحد وزراء من الجامعة العربية لمناقشة فكرة تشكيل بعثة مراقبة مشتركة من الدول العربية والاممالمتحدة لنشرها في سوريا لتحل ملح بعثة مراقبة عربية علق عملها الشهر الماضي. وعلقت الجامعة العربية عضوية سوريا ردا على قمع الاحتجاجات. وصرح مصدر مسؤول بالجامعة العربية ان اقتراحا اخر يدعو الى تعيين مبعوث من الاممالمتحدة والجامعة العربية للتعامل مع سوريا مضيفا ان بعض الدول ربما تقترح ان تعترف الجامعة العربية رسميا بالمجلس الوطني السوري المعارض. وفي علامة نادرة على التوصل الى تفاهم قال الزعيم المعارض في المنفى كمال اللبواني ان قوات الرئيس السوري بشار الاسد دخلت بلدة الزبداني المحاصرة قرب الحدود مع لبنان يوم السبت بعد الاتفاق على وقف اطلاق النار مع المتمردين. وقال اللبواني لرويترز ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد قصف بالدبابات والمدفعية استمر اسبوعا وخلف مئة قتيل على الاقل في البلدة التي يقطنها نحو 20 ألف شخص يقضي بأن يعيد المتمردون أسلحة ومدرعة استولوا عليها من القوات السورية مع عدم ملاحقتهم. وأضاف ان اصوات اصحاب التفكير السديد في الجيش تغلبت بشكل ما على اولئك الذين يصدرون الاوامر بقصف الزبداني بالاسلحة الثقيلة . وتابع ان من مصلحة الجانبين التوقف عن اراقة الدماء. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان ثلاثة اشخاص قتلوا في القصف يوم السبت. وأدى تفجيران استهدفا قوات الامن يوم الجمعة الى مقتل 28 شخصا في مدينة حلب ثاني اكبر المدن السورية والتي ظلت حتى الان على هامش الانتفاضة. وتجاهل الاسد النداءات الدولية المتكررة لوقف حملته. غير ان العالم مازال منقسما بشأن كيفية انهاء الصراع في سوريا بعد ان استخدمت روسيا والصين قبل اسبوع حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بمجلس الامن رعته دول غربية وعربية يساند دعوة الجامعة العربية للاسد الى التنحي. ومع تدهور الاوضاع في سوريا وزعت السعودية مسودة جديدة في الجمعية العامة للامم المتحدة مماثلة للمسودة السابقة التي قدمت لمجلس الامن. لكن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف قال السبت ان موسكو لا يمكن ان تؤيد خطوة في الجمعية العامة للامم المتحدة تقوم على "نفس نص مسودة القرار غير المتوازن." ولم يؤد النزاع الدبلوماسي الى التخفيف عن حمص حيث قال نشطاء ان هجوم القوات الحكومية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وأغلبها مناطق سنية في حمص أدى الى مقتل ما لا يقل عن 300 شخص في الاسبوع المنصرم. وتتناقص الامدادات الغذائية والطبية في المناطق المحاصرة حيث لا يبرح كثير من السكان منازلهم خوفا من التعرض لاطلاق النار. وأظهرت لقطات مصورة على موقع يوتيوب للتواصل الاجتماعي على الانترنت طبيبا في مستشفى ميداني في حي بابا عمرو بجوار جثة المرأة التي يبلغ عمرها 55 عاما والتي قالت تقارير انها قتلت يوم السبت. وقال الطبيب "ام لثلاثة اولاد.. الشهيدة ابتسام الدلاتي... استهدفت بقذائف... خروج كامل لمادة الدماغ." ولا يمكن التأكد من روايات الشهود على نحو مستقل حيث تقيد سوريا عمل معظم الصحفيين الاجانب. وقالت وكالة الانباء العربية السورية ان مسلحين قتلوا طبيبا عسكريا رفيعا امس السبت في شمال دمشق. والقت الوكالة باللائمة على "جماعة ارهابية مسلحة" في قتل العميد طبيب عيسى الخولي الذي وصف بأنه طبيب ومدير مستشفى. والخولي هو ارفع مسؤول يعلن عن مقتله في دمشق. وجاء مقتل الخولي بعد اشتباك دام اربع ساعات يوم الجمعة بين متمردي الجيش السوري الحر وقوات سورية تدعمها مدرعات في حي القابون في العاصمة السورية حسب رواية نشطاء. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ان عشرة جنود قتلوا في كمين نصبه منشقون على الجيش في محافظة ادلب يوم الجمعة. واضاف ان ضابطا وثمانية جنود انشقوا ومعهم دبابة في دوما جنوبي دمشق بعد اشتباكات بين منشقين على الجيش وقوات الامن. وتحولت المعارضة للاسد من احتجاجات شوارع سلمية مطالبة بالديمقراطية الى تمرد مسلح على مدار 11 شهرا وتخشى قوى عالمية ان تنزلق سوريا الى حرب اهلية شاملة وهو ما قد يشعل الاوضاع في جيران سوريا - تركيا والعراق والاردن واسرائيل ولبنان. وتأمل دول الخليج العربية والولايات المتحدة واوروبا وتركيا بان تتمكن الدبلوماسية من اجبار الاسد على ترك السلطة لكنها تستبعد اي تدخل عسكري كالذي اسقط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي. وبوسع الاسد ان يعول على روسيا اكبر مزود لسوريا بالاسلحة وحليف يعود الى الحقبة السوفيتية وكذلك على ايران. وتصر موسكو الحريصة على مواجهة النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط على عدم وجوب تدخل القوى الخارجية. ومن المقرر ان تناقش الجمعية العامة مسالة سوريا يوم الاثنين وان تصوت على مشروع القرار في وقت لاحق من الاسبوع المقبل. ومثل مشروع قرار مجلس الامن الذي تم احباطه فان مشروع قرار الجمعية العامة "يؤيد بشكل كامل" خطة الجامعة العربية التي طرحت الشهر الماضي والتي تدعو من بين امور اخرى الى تنحي الاسد. وقال ايهم كامل وهو محلل في مجموعة اوراسيا ان الفيتو الروسي والصيني يبين ان التغيير في سوريا ليس امرا وشيكا. وأضاف انه مع افتقار القوات المتمردة لوجود هيكل واضح وقيادة موحدة فان الاسد سيحتفظ بتفوقه العسكري لكنه سيجد ان من الصعب سحق الثورة. وتابع "خلال الشهور القادمة ستتحول سوريا من الصراع المدني الى حرب اهلية. ومضى يقول ان سلطة وسيطرة الاسد على الدولة ستتلاشى ومن المتوقع ان يتزايد سقوط القتلى المدنيين في الجانبين." ومما يسلط الضوء على خطر انتشار الصراع خارج سوريا قال مصدر امني ان اشتباكات وقعت بين انصار وخصوم للاسد في شوارع مدينة طرابلس اللبنانية الشمالية يوم السبت. وقتل شخصان واصيب ثمانية بعضهم من جنود الجيش الذين تم نشرهم لوقف القتال في المدينة.