"الكومبارس" وجوه نعرفها ولكن بدون أسماء.. ليس جهلا بهم بل لأن ظهورهم يشبه ضوء البرق الخاطف الذي لا يستغرق إلا ثوان قليلة ، وهم يجسدون أدوارا هامشية مثل المكوجى والكهربائي والسجان والسائق، ومع ذلك لا يكتمل عمل بدونهم. حياتهم أشبه بالعشوائيات فيعتمدون علي رزقهم بالوقوف أمام الكاميرا للحظات بين السكوت وجملة أو مشهد على أكثر تقدير بأجر متدني لا يصل إلي المقارنة بأصحاب العمل. يلتقون على مقهي صغير بوسط القاهرة العتيق بشارع عماد الدين بوسط القاهرة يطلق عليه "مقهى بعرة"، كما يلتقون بمطعم بطريق الأهرامات. فئة "الكومبارس" تفتقد الهيكل الذي يدافع عن حقوقهم، وليس لديهم نقابة تطالب بحقوقهم المعدومة. وكالة أنباء الشرق الأوسط التقت بعض حاملي لقب "كومبارس" لتتعرف على وضعهم المهني والحياتي، وخاصة أن مهنتهم تعتمد على المنافسة واقتناص الفرص، بل الأكثر من ذلك اعتمادهم علي مهن أخرى تحقق لهم الاستقرار الأسري، كما ينظر إليهم كطبقة دنيا ليس لهم خصوصية أو مطالب لكونهم عاملا مساعدا وليس فاعلا، وتكون أجورهم متدنية بل معدومة لا تصل إلى 1% من أجر الممثل. وبالرغم من وجود نقابتين واحدة للممثلين والثانية للسينمائيين، إلا أن "الكومبارس" تاهوا بين هذا وذاك ولا أحد يبحث عن حقوقهم الاجتماعية أوالاقتصادية والعمالية سواء من تأمين أو نظام صحي أو تحديد أجور و أصبح من الواضح أنهم يحتاجون إلى نقابة تدافع عنهم وتواجه استغلال المنتجين لهضم حقوقهم واعتبارهم فئة من الدرجة الرابعة في العمل. ويقول الكومبارس أحمد السحلي (31 عاما) "إنه يعمل منذ 12 عاما واشترك في أفلام (على سبايسي) و(بوحه) و(إبراهيم الأبيض) و(إلي بالي بالك) و(مسيو رمضان) و(الحارة)"، موضحا أنه يحصل في اليوم على 40 جنيها ووجبة من (الريجسير)، ويعمل من الساعة 6 مساء حتى 8 صباحا أو بالعكس". وأضاف "أن مهنة الكومبارس مهنة من لا مهنة له، حيث يتم التعامل معهم بصفة غير آدمية نهائيا سواء من فريق الممثلين أو فريق العمل ولا يحق لهم الاعتراض .. وإذا تم الاعتراض يكون مصيره الطرد خارج فريق العمل". وتابع "أن حقوقهم معدومة سواء من التليفزيون أو مدينة الإنتاج الإعلامى، حيث يتم التلاعب فى الأجور من قبل القائمين عليها، موضحا أنهم يصل إليهم الفتات من هذه المبالغ". وكشف عن أن نقابة المهن التمثيلية والسينمائية وقفت ضدهم بعد محاولتهم إنشاء نقابة لهم خوفا أن تتم مساواتهم بهاتين النقابتين والمطالبة بحقوقهم المشروعة. وفى نفس السياق، قال الكومبارس سيد متولى (40 عاما) "إن مشكلة الكومبارس تكمن في عدم وجود نقابة تبحث لهم عن مطالبهم التي أصبحت ضائعة بين الريجسير وجهات الإنتاج، بالاضافة إلي عدم وجود رقابة على هذه الجهات بعد تلاعبهم في الأجور سواء في مدينة الإنتاج الإعلامى أو صوت القاهرة". وأوضح أن مهنة الكومبارس بدأت تعاني من الدخلاء عليها بشكل غير طبيعي بعد انتشار البطالة بصورة كبيرة بين الشباب والبحث عن حلم النجومية سواء بالصدفة اوالموهبة او المحسوبية. وشدد على ضرورة أن تكون لهم نقابة تدافع عن حقوقهم وأن يكون نقيبهم ليس كومبارسا بل قانونيا له القدرة علي التعامل مع الجهات المختصة التي تتعامل مع الكومبارس. ولفت إلى أنه حصل على أول أجر له وهو 5. 8 جنيه فى مسلسل (أربيسك) فى عام 1993، والآن يحصل على 40 جنيها في 8 ساعات عمل، موضحا أن المبالغ التي يحصل عليها الكومبارس زهيدة جدا مقارنة بالحالة الاجتماعية حاليا التي أصبحت الأسعار مرتفعة جدا. وقال الكومبارس وجيه عبدالله (50 عاما) "نحن نبحث عن مقر للنقابة لإشهارها ووضع الإطار القانوني لها للحد من إهدار حقوق الكومبارس ووضع أسس قانونية لمزاولة المهنة وطريقة التعامل مع جهات العمل مثل مدينة الإنتاج الإعلامي والتليفزيون وصوت القاهرة. ودعا إلى وضع ميزانية خاصة للكومبارس في أي عمل لرفع أجورهم المتدنية التي لا تتخطى أكثر 50 جنيها في اليوم، بالإضافة إلي التأمين عليهم ضد المخاطر التي يتعرضون لها من خلال بعض الأعمال. وبات من الواضح أن مهنة الكومبارس "المجاميع" كما يطلق عليهم ضاعت حقوقهم بين الماضي والحاضر ومازالت تبحث في المستقبل عن طوق نجاة لها من خلال نقابة تحفظ كرامتهم وتصون حياتهم وتؤمن مستقبلهم وترفع مهنتهم لدرجة الاعتراف.