تأخرت هذا العام الامطار الموسمية التي تهطل سنويا على الهند، ما اثار مخاوف من جفاف قد تكون نتائجه كارثية على مئات الملايين من الفلاحين. وتعد الامطار الموسمية بالغة الاهمية بالنسبة إلى الهند، اذ ان ثلثي السكان البالغ عددهم 1,2 مليار نسمة يعتمد على الزراعة. وتهطل هذه الامطار في جنوب الهند أولا في شهر حزيران/يونيو، قبل ان تجوب البلاد.
لكن هذه الامطار ما زالت حتى الآن ضعيفة، ما دفع عددا من المزارعين الى الاحجام عن الزراعة هذا العام.
ويقول المزارع روميشوار دايال البالغ من العمر 62 عاما لوكالة فرانس برس "الحقول التي ازرعها جفت بشكل كامل، ليس هناك مطر وانا لا أملك جهازا اصطناعيا للري".
ويتساءل هذا المزارع المقيم في قرية كريخومار في ولاية هاريانا شمال البلاد "ما الفائدة من الزرع في ظل غياب المياه للري؟".
ويقول "لا استطيع ان اخسر البذور والمال سدى".
وتعد ولاية هاريانا، على غرار البنجاب، السلة الغذائية للهند، اذ تنتج 60 بالمائة من انتاج القمح والذرة والارز والبذور الزراعية.
لكن الجفاف الشديد ضرب هذه المنطقة بقوة بسبب عدم هطول المطر، اذ ان منسوب الامطار فيها انخفض بنسبة 65% عن معدله المعتاد.
وبحسب الارصاد الجوية، فان ولايتي ماهاراشترا وغوجرات في غرب الهند ومناطق اخرى في الجنوب ستتأثر بهذا الجفاف.
وعلى الرغم من ان الامطار الموسمية تسببت بفيضانات في مناطق في شمال الهند، الا ان منسوب الامطار في عموم البلاد ما زال دون المعدل السنوي بعشرين في المائة، الامر الذي يثير المخاوف من تكرار ما جرى في العام 2009.
ففي ذلك الصيف، انخفض منسوب الامطار 30% عن معدله المعتاد، ما اسفر عن موجة جفاف كانت الاسوأ منذ العام 1972 وأضرت بشكل كبير بمحاصيل الأرز والقصب والسكر والقطن.
ويخشى ان تؤدي اي انتكاسة في القطاع الزراعي الى تفاقم الحالة المتردية للاقتصاد الهندي الذي سجل في الجزء الاول من العام الجاري معدل نمو هو الادنى في تسع سنوات.
ومن شأن الجفاف ايضا أن يؤدي الى ارتفاع في اسعار السلع الزراعية في الاسواق العالمية، اذ ان الهند تعد اكبر مصدر للبذور والحبوب في العالم وثاني أكبر منتج للسكر والأرز والشاي.
وبحسب بيانات جمعتها في العام 2010 جامعة هاريانا الزراعية، فان اكثر من 30% من الاراضي الصالحة للزراعة في المنطقة لا يصل الري اليها. ويعتمد ثلثا مزارعي الهند على مياه الامطار بشكل كامل.
وفي انتظار الامطار الموسمية التي لم تأت هذا العام بعد، قام الفلاحون بحراثة اراضيهم واصلاح الجرارات الزراعية.
وتقول المزارعة ساروج سينغ عن ذلك "لقد كانت كل جهودنا مضيعة للطاقة، لقد خدعتنا آلهة المطر".
وتضيف هذا السيدة الام لولدين "نحن لم نعد نعمل في الحقول تقريبا، ولن يكون لدينا مداخيل هذا الموسم".
وتعتمد عائلة هذه المزراعة بالكامل على الهكتارات الثلاثة التي تدر سنويا اكثر من ثلاثة الاف دولار تعيلها مع ولديها وزوجها وزوج امها المدمن على الكحول.
ومع ان كانت الحكومة الهندية لم تعلن بعد ان البلاد دخلت في حالة الجفاف، الا انها قدمت حتى الان مساهمات مالية بقيمة 19 مليار روبية (حوالى 330 مليون دولار) إلى نحو عشرة ملايين مزارع، بالاضافة الى الاعلاف وملء الخزانات بكميات كافية من مياه الشرب.
ويقول رام كومار الاستاذ في الجامعة الزراعية في هاريانا "كل سنة تتنافس الهند مع الطبيعة، لكن يبدو انها ستخسر هذه المرة".